منصة شؤون عسكرية وأمنية.. تآكلٌ استخباري إسرائيلي متسارع.. والعدو يفكر خارج "النظام"

profile
  • clock 11 يوليو 2025, 7:52:25 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
منصة شؤون عسكرية وأمنية.. تآكلٌ استخباري إسرائيلي متسارع.. والعدو يفكر خارج "النظام"

في مقال تحليلي لافت نُشر في صحيفة معاريف، يطلق الدكتور عوفر غروزبيرد – المستشار السابق في قسم الأبحاث بجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية – ناقوس الخطر من "ضربة استخبارية قاسية" قد تتلقاها "إسرائيل" مجددًا في الشرق الأوسط، نتيجة استمرار انغلاق المنظومة الاستخبارية على ذاتها، وانعدام قدرتها على اختراق "طريقة تفكير العدو".

خللٌ بنيوي في فهم العدو

يقرّ غروزبيرد أن وحدة "ايفكا مستبرا"، التي أنشئت أصلاً عقب فشل استخبارات الاحتلال في توقع حرب أكتوبر 1973، قد فشلت هي الأخرى في السنوات التي سبقت 7 أكتوبر 2023، بسبب تناقض جذري في وظيفتها. فبينما يُفترض أن تكون ذراعًا رقابية ناقدة تطرح أفكارًا مخالفة للسائد داخل المؤسسة، تم اختزال دورها في ترديد "عكس المتوقع" بطريقة سطحية بيروقراطية، تفقد جوهرها الحقيقي كمحفز على التفكير النقدي الحر.

🔄 تكرار الأخطاء.. من السادات إلى السنوار

يشير المقال إلى أن السقوط الاستخباري يوم 7 أكتوبر لم يكن حدثًا معزولًا، بل تكرارًا شبه حرفي لفشلٍ سابق عشية حرب 1973، حين خدع أنور السادات "إسرائيل" بتهدئة خادعة، تمامًا كما فعل يحيى السنوار لاحقًا. القاسم المشترك بين الحالتين، وفق غروزبيرد، هو العجز الاستخباري البنيوي عن فهم منطق التفكير الجماعي لدى العدو، القائم على مفاهيم الشرف، الطاعة، التضحية، وضغط الجماعة، وهو منطق يختلف جوهريًا عن النمط الفرداني الغربي الذي تُصاغ بناء عليه تقديرات الموقف الإسرائيلية.

🧬 اللغة لا تكفي.. أين علم النفس الثقافي؟

رغم إعلان رئيس الاستخبارات العسكرية اللواء شلومو بايندر عن خطة لتوسيع تعلم اللغة العربية داخل الجهاز، يهاجم الكاتب هذه المقاربة بوصفها قاصرة. فـ"المستعربون"، على حد تعبيره، قد يفهمون العادات والثقافة، لكنهم لا يفهمون النفسية الجمعية للمجتمع المستهدف. يشبّه الكاتب ذلك بمهاجر أمريكي يتقن العبرية لكن يعجز عن فهم المزاج الإسرائيلي، وبالتالي لا يمكنه تحليل نواياه.

📉 تشخيص استخباري مرير: الجهاز لا يريد أن يتعلم

في خلاصة مريرة، يؤكد غروزبيرد أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي غير قادر – بل غير راغب – في الخروج من أُطره العقلية الحداثية لفهم عقل "العدو التقليدي"، وهذا ما يجعل المؤسسة عرضةً متكررةً للصدمة. فالخطر ليس فقط في الاختراق، بل في الغطرسة المعرفية التي تمنع الاعتراف بأن "العدو يفكر بطريقة مغايرة تمامًا، ويخدعنا بنفس الأدوات منذ عقود".

📌 قراءة استخباراتية:

ما يطرحه غروزبيرد يتجاوز حدود النقد الأكاديمي؛ إنه تفكيك استراتيجي لخلل جذري في العقل الاستخباري الإسرائيلي الذي ما زال يفترض أن "العدو لا يملك عقلًا"، أو على الأقل لا يملك عقلًا منظمًا يُنتج خداعًا استراتيجيًا. ومن هنا تأتي المفارقة الكبرى: فبينما تصرف "إسرائيل" المليارات على التجسس والتقنيات واللغات، يفشل نظامها في إدراك معادلة بسيطة: من لا يفهم دوافع العدو، سيقرأ إشاراته دومًا على نحوٍ خاطئ.

لم تكن الضربة في 7 أكتوبر ناتجة عن "ثغرة معلوماتية" بل عن عجزٍ إدراكي معرفي، وتلك هي الأخطر. لقد خُدِع الاحتلال لأن منظومته الاستخبارية لا تفهم سوى من يشبهها، فيما يقاتله "من لا يشبهه أبدًا"... وهذا تحديدًا ما لم يتعلموه بعد

التعليقات (0)