مقامرة نتنياهو الجديدة: حرب بلا أفق ومعارضة غائبة

profile
  • clock 17 سبتمبر 2025, 11:40:28 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

قال المحلل العسكري عاموس هارئيل في مقالة تحليلية نُشرت في صحيفة هآرتس إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشرع في أكبر مقامرة سياسية وعسكرية منذ نحو عامين، مستفيداً من غياب أي معارضة جدية في الشارع الإسرائيلي، على الرغم من الشكوك الواسعة داخل المؤسستين الأمنية والعسكرية. ويرى هارئيل أن الرجل الذي يقود إسرائيل نحو تعميق الحرب في غزة، مع احتمالات ضئيلة لتحقيق النصر، ليس سوى قائد معزول ومطارد، مهووس بالتمسك بالسلطة مهما كانت التكلفة.

معارضة أمنية

يشير هارئيل إلى أن غالبية المستويات المهنية في جهاز الأمن الإسرائيلي تعارض العملية الحالية في غزة، إذ ترى أنها مقامرة عسكرية لا تحمل أي ضمانات للنجاح، وتفتح الباب أمام استنزاف طويل الأمد. حتى داخل الشارع الإسرائيلي، توجد حالة من التردد والشكوك حول جدوى هذه الحرب، لكن المفارقة أن هذه الشكوك لم تتحول إلى معارضة فعلية قادرة على كبح جماح نتنياهو. وفي ظل هذا الفراغ، يبدو رئيس الحكومة قادراً على المضي في مشروعه، متجاهلاً الأصوات المحذّرة من العواقب.

ويضيف الكاتب أن أخطر ما في الأمر هو أن نتنياهو يتعامل مع المعركة وكأنها ورقة للبقاء السياسي، لا باعتبارها قضية أمن قومي أو حياة وموت بالنسبة للإسرائيليين. ورغم أن المقاومة الفلسطينية صمدت طوال عامين من القتال وأثبتت قدرة على الاستنزاف، فإن رئيس الوزراء لا يتورع عن الزج بمزيد من القوات في الميدان لمجرد حماية موقعه السياسي، وهو ما يجعل حسابات الحرب مرتبطة بشخص واحد أكثر من ارتباطها بمصالح الدولة.

صدام مع الجيش

يوضح هارئيل أن العلاقة بين نتنياهو وقيادة الجيش تعكس حجم التوتر داخل المؤسسة الحاكمة. فقد دخل رئيس الأركان إيال زامير في نقاش طويل مع نتنياهو حتى اللحظة الأخيرة، محاولاً دفعه نحو القبول بصفقة تبادل أسرى جديدة، لكن دون جدوى. ومع ذلك، لا يزال زمير يملك صلاحية تحديد وتيرة التقدم العسكري وطبيعة عمل الوحدات، وهو ما يجعل العمليات الميدانية أقرب إلى حرب استنزاف بطيئة وحذرة، بعيداً عن الهجوم الاندفاعي الذي يفضله نتنياهو سياسياً.

هذه الفجوة بين المستوى السياسي والعسكري تكشف أن المؤسسة الأمنية تدرك حدود القوة، بينما يصرّ نتنياهو على دفع الأمور نحو مغامرة غير محسوبة. وبدلاً من أن يكون الجيش أداة لتطبيق استراتيجية متماسكة، بات عالقاً في صراع بين ضغوط القيادة السياسية ومتطلبات الواقع الميداني، وهو ما يزيد من إرباك الصورة العامة للحرب.

تجاهل الأسرى

يؤكد هارئيل أن نتنياهو كفّ منذ وقت طويل عن إظهار أي اهتمام بمصير المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية. فتصريحاته العلنية باتت خالية من أي شعور إنساني تجاههم، واختُزلت في شعارات جوفاء ووعود غامضة. حتى في البيان الأخير الذي أصدره أثناء هجوم سلاح الجو الإسرائيلي في اليمن، تجاهل تماماً الإشارة إلى قضية الأسرى، مفضلاً الترويج لخطاب القوة واستمرارية الحرب.

ويرى الكاتب أن هذا التجاهل يعكس بوضوح أن رئيس الحكومة يتعامل مع ملف الأسرى باعتباره عبئاً سياسياً أكثر من كونه مسؤولية وطنية أو أخلاقية. فوقف الحرب من أجل التوصل إلى صفقة تبادل حقيقية يعني تعريض مستقبله السياسي للخطر، وهو ما يرفضه بشكل قاطع. وبذلك تصبح حياة الأسرى رهينة لحسابات نتنياهو الضيقة، في واحدة من أكثر مظاهر الانفصال بين القيادة والجمهور الإسرائيلي وضوحاً.

التعليقات (0)