-
℃ 11 تركيا
-
16 سبتمبر 2025
تسفي برئيل: حلفاء واشنطن يطلبون حمايتها من إسرائيل التي صارت خصمًا مباشرًا
تسفي برئيل: حلفاء واشنطن يطلبون حمايتها من إسرائيل التي صارت خصمًا مباشرًا
-
16 سبتمبر 2025, 1:27:53 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
قال المحلل الإسرائيلي تسفي برئيل إن القمة العربية الإسلامية الخاصة التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة، للمرة الثالثة خلال عامين، في مشهد إقليمي هدفه الأساس استدعاء الولايات المتحدة للتدخل وكبح التهديد الإسرائيلي المتصاعد. وأوضح برئيل أن هذه القمة تكتسب أهمية إضافية بعد الهجوم الإسرائيلي على قطر، الحليف المركزي لواشنطن في الخليج، حيث لم تعد إسرائيل في نظر هذه الدول خصمًا للفلسطينيين وحدهم، بل مصدر تهديد مباشر للأمن الجماعي العربي والخليجي.
ونشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية المقال، مشيرة إلى أن القمة تُعقد في ظل تصاعد الدعوات داخل الإعلام العربي، وخاصة القطري والمصري، لاتخاذ خطوات عملية تتجاوز الخطابات التقليدية. وأبرزت الصحيفة أن هذه المقترحات تشمل قطع العلاقات مع إسرائيل أو خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي، وفرض عقوبات اقتصادية، إضافة إلى إنشاء لجنة خاصة للتحرك السياسي والقانوني ضدها. كما عادت إلى الواجهة فكرة قديمة تقضي بتشكيل قوة عربية متعددة الجنسيات تحمي دول المنطقة من الهجمات الخارجية، أي من العدوان الإسرائيلي.
أما كاتب المقال، تسفي برئيل، فيُعد من أبرز المحللين السياسيين في هآرتس. عُرف بكتاباته الواسعة حول الشرق الأوسط، وبتحليلاته التي تتناول توازنات القوة بين إسرائيل وجوارها العربي. يتميز بمتابعة دقيقة للسياسات العربية والإقليمية وانعكاساتها على إسرائيل، ويُعتبر من الأصوات التي تقدم رؤية نقدية من الداخل الإسرائيلي لطبيعة سياسات تل أبيب وأثرها على محيطها.
تضامن مع قطر
يرى برئيل أن جدول أعمال القمة سيُعطي الأولوية لغزة، لكن جوهرها يتمثل في الدفاع عن قطر التي تعرضت لانتهاك سيادتها من قبل سلاح الجو الإسرائيلي. وبرغم أن النتائج المتوقعة قد لا تتجاوز خطابات نارية وبيانات دعم، إلا أن التجارب السابقة أثبتت أن مثل هذه اللقاءات يمكن أن تثمر خطوات عملية، كما حدث في قمة العام الماضي التي أفضت إلى تشكيل لجنة فرعية برعاية السعودية دفعت بقوة نحو الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية. وقد تُوجت هذه الجهود مؤخرًا بقرار كاسح في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح حل الدولتين.
فيتو أمريكي
يشير برئيل إلى أن إسرائيل ما زالت قادرة على الاعتماد على الفيتو الأميركي في مجلس الأمن لمنع قيام دولة فلسطينية، وأن قرار الجمعية العامة سيظل من الناحية الإجرائية رمزيًا. لكن المزاج الدولي تغيّر، وأصبح القرار هذه المرة يُنظر إليه كخطوة عملية لإنهاء الحرب في غزة، وإيقاف مساعي إسرائيل لاحتلال القطاع وضم الضفة الغربية، ولتقييد حركتها العسكرية في المنطقة. هذا التغير يتزامن مع العقوبات الرسمية التي فرضتها دول أوروبية مثل ألمانيا والنرويج وإسبانيا وبريطانيا، إلى جانب القطيعة التجارية بين إسرائيل وتركيا، والمقاطعة الرمادية الأكاديمية والثقافية التي تتبناها منظمات ودول عديدة.
موقف مصر
في موازاة ذلك، يوضح المقال أن الدول العربية التي وقعت معاهدات سلام مع إسرائيل لم تُقدم حتى الآن على خطوات عملية تمس العلاقات مباشرة. فمصر، التي لم تعين سفيرًا جديدًا لإسرائيل ورفضت استقبال أوراق اعتماد السفير الإسرائيلي الجديد أوري روثمان، هدّدت بأن أي اعتداء إسرائيلي على أراضيها ستكون له عواقب وخيمة. لكنها لم تتحدث عن إلغاء اتفاقية كامب ديفيد أو قطع العلاقات، بينما كان نتنياهو نفسه هو من لوّح بإعادة النظر في صفقة الغاز الكبرى مع مصر الموقعة في أغسطس الماضي.
معضلة سيناء
وبحسب برئيل، فإن التنسيق العسكري بين القاهرة وتل أبيب مستمر كالمعتاد، حيث تؤكد مصادر إسرائيلية وأخرى مصرية أن الاتصالات لم تنقطع. كما تواصل مصر دور الوسيط في صفقة تبادل الأسرى، لكنها في الوقت نفسه قلقة من احتمال لجوء إسرائيل إلى فتح معبر رفح أمام مئات الآلاف من الغزيين، أو تنفيذ عمليات اغتيال لقيادات من حماس داخل الأراضي المصرية. مصدر مصري أوضح أن القاهرة تتحرك عبر القنوات الدبلوماسية السرية ولا تفكر في رد عسكري، لكن التحدي الأكبر أمامها الآن هو كيفية الاستعداد لاحتمال تدفق جماهيري واسع من غزة إلى سيناء.
حسابات الإمارات
أما الإمارات، فيشير المقال إلى أنها لا تُسارع إلى التلويح بتهديد العلاقات مع إسرائيل، سواء عبر المساس بمعاهدة السلام أو عبر فرض عقوبات اقتصادية مثل وقف الرحلات الجوية أو إلغاء الصفقات. ويُرجع برئيل ذلك إلى أن العلاقات مع إسرائيل تُستخدم كقناة لخدمة سكان غزة، إذ إن الإمارات والأردن هما الدولتان العربيتان الوحيدتان اللتان حصلتا على إذن رسمي لإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع ونقل المرضى للعلاج. بل إن أبوظبي تمكنت من الحصول على موافقة إسرائيلية لمد خط مياه من محطة تحلية في سيناء إلى منطقة المواصي لتخفيف أزمة المياه هناك.
الريفييرا المتبخرة
ويُضيف برئيل أن أي تهديد جدي للعلاقات بين تل أبيب وأبوظبي يقتصر حاليًا على احتمال ضم إسرائيل للضفة الغربية أو أجزاء منها، باعتبار أن منع الضم كان هو الأساس الذي استندت إليه الإمارات لتوقيع اتفاق التطبيع. أما في موازاة ذلك، فتواصل دول الخليج التحرك بقوة عبر القنوات الدبلوماسية المباشرة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يُنظر إليه باعتباره يملك أداة الضغط الوحيدة القادرة على وقف الحرب ومنع احتلال غزة. ويذكّر برئيل بأن هذه الدول تمكنت في وقت سابق من إسقاط فكرة "الترانسفير" أو "الريفييرا" التي روج لها ترامب بفعل ضغوطها، لكن الهجوم على قطر يختلف جذريًا لأنه يستهدف حليفًا رئيسيًا لواشنطن من خارج الناتو وعضوًا فاعلًا في مجلس التعاون الخليجي.
رسالة إلى واشنطن
ويختم برئيل بالقول إن هذه القمة ليست مجرد عرض تضامني مع غزة أو مع قطر، بل هي في جوهرها رسالة موجهة إلى الولايات المتحدة تطالبها بالوفاء بالتزاماتها تجاه حلفائها العرب في الخليج. فالمساس بقطر يُعتبر مساسًا بكل دول المجلس، وبرغم أن أيا من هذه الدول لا تنوي الدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل، إلا أن الرسالة الواضحة هي أن واشنطن مطالبة بكبح إسرائيل التي باتت تتصرف كدولة عدوة رغم أنها ترتبط باتفاقيات سلام مع عدد من هذه الدول.










