-
℃ 11 تركيا
-
16 سبتمبر 2025
مسؤولون أمنيون إسرائيليون: "المنطقة الإنسانية" وسط غزة فخ جماعي للسكان
مسؤولون أمنيون إسرائيليون: "المنطقة الإنسانية" وسط غزة فخ جماعي للسكان
-
16 سبتمبر 2025, 11:58:38 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
نقلت صحيفة هآرتس العبرية، اليوم الثلاثاء، عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم إن الجيش الإسرائيلي سيواجه صعوبة بالغة في تزويد ما يقارب مليوني نسمة في قطاع غزة بالحد الأدنى من مقومات المعيشة، بعدما يتم تجميعهم في ما تسميه إسرائيل "منطقة إنسانية" وسط القطاع. هذا الاعتراف يأتي في ظل الإصرار على تنفيذ مخطط التهجير الجماعي، رغم أن المؤسسة العسكرية نفسها تدرك أن المنطقة المخصصة لا تملك أي قدرة على استيعاب الأعداد الضخمة التي ستتدفق إليها بعد إفراغ مدينة غزة من سكانها.
ووفق الصحيفة، توقعت المصادر العسكرية أن الاكتظاظ سيتفاقم بصورة كارثية مع استمرار تهجير مئات الآلاف من سكان مدينة غزة، محذرة من أن ذلك قد يؤدي إلى انتشار الأمراض وفوضى اجتماعية تصفها إسرائيل بـ"أعمال شغب"، في إقرار واضح بأنّ الخطة تقوم على إدارة أزمة إنسانية مصطنعة لا أكثر.
ظروف غير إنسانية
تشير التقارير إلى أن "المنطقة الإنسانية" التي حددها الجيش تقع بين منطقة المواصي قرب خانيونس وبين مخيمات اللاجئين في دير البلح، وهي منطقة ضيقة لا تتيح مقومات عيش أساسية، رغم ادعاءات الاحتلال أنه أقام خطوط ماء وكهرباء ونقاطًا لجمع النفايات هناك. لكن المصادر الأمنية الإسرائيلية نفسها أقرت بعدم وجود نظام لمعالجة مياه الصرف الصحي أو تصريف المياه الملوثة، وهو ما ينذر بكارثة إضافية مع اقتراب فصل الشتاء.
ويضيف الجيش الإسرائيلي أنه يخطط لإدخال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، لكنه لا يضمن وصولها لمن يحتاجون إليها، في إشارة إلى أن الحصار والتحكم في توزيع الغذاء والدواء سيظل أداة ابتزاز في يد الاحتلال ضد السكان المحاصرين.
مخاوف من الفوضى
أحد المصادر الأمنية الإسرائيلية ذهب أبعد من ذلك، إذ اعتبر أن النتائج المباشرة لهذه السياسة قد تجعل مليوني فلسطيني يدركون أن حكم حماس انهار وأن أنظمة الرقابة المدنية لم تعد قائمة، ما قد يغرق غزة في فوضى شاملة "على شاكلة الصومال"، بحسب تعبيره. وأضاف المصدر أن الخشية الحقيقية تكمن في أن يوجّه الغزيون غضبهم نحو إسرائيل ذاتها، وأن يسير مئات الآلاف منهم، وهم غير مسلحين، باتجاه الحدود، في مشهد أشبه بعصيان مدني جماعي يفضح المشروع الإسرائيلي بأكمله.
وتعكس هذه المخاوف إدراكًا داخليًا بأنّ ما يسمى "المنطقة الإنسانية" ليس سوى فخ جماعي يعجز الاحتلال عن السيطرة على تبعاته، إذ يحوّل قطاع غزة إلى بؤرة مكتظة بالبشر بلا مقومات حياة، بما ينطوي عليه ذلك من مخاطر انفجار اجتماعي وإنساني يصعب احتواؤه.
أرقام النزوح
وبحسب تقديرات الجيش الإسرائيلي، فقد نزح حتى الآن نحو 300 ألف مواطن من مدينة غزة، مع توقع نزوح المزيد مع انطلاق الاجتياح البري للمدينة. ويزعم الجيش أنه يستعد لإدخال مساعدات إنسانية لحوالي 200 – 250 ألف مواطن سيبقون داخل المدينة، لكن هذه الوعود لا تغيّر من واقع أن معظم من فضل البقاء لم يجد بديلاً اقتصاديًا أو اجتماعيًا.
مصادر عسكرية أوضحت أن غالبية من تبقى في المدينة لم يغادروا بسبب عدم امتلاكهم القدرة المالية على النزوح، إذ يُطلب منهم دفع مبالغ باهظة لاستئجار قطعة أرض صغيرة في "المنطقة الإنسانية" لإقامة خيمة عليها، إلى جانب أجرة نقل أمتعتهم التي تقدر بنحو 1500 شيكل، فضلًا عن ثمن الخيمة نفسه.
ابتزاز بالوقود
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي، وبمصادقة المستوى السياسي، سمح بإدخال كميات محدودة من الوقود إلى محطات غزة لتشجيع أصحاب السيارات على نقل السكان إلى الجنوب. غير أن هذه الخطوة تكشف بوضوح أن الاحتلال يحاول استخدام الوقود كأداة ابتزاز لدفع الناس نحو النزوح القسري، في عملية تهجير منظمة لا تملك أي مقومات إنسانية أو قانونية، بل تعكس سياسة عقابية تهدف إلى إفراغ المدينة وإخضاع أهلها بالجوع والخوف.








