-
℃ 11 تركيا
-
25 أغسطس 2025
د.صلاح أبو غالي يكتب: نتنياهو: مفاوضات تحت النار.. لماذا يصرّ على "لا.. ونعم ولكن"؟! ..(تقدير موقف)
د.صلاح أبو غالي يكتب: نتنياهو: مفاوضات تحت النار.. لماذا يصرّ على "لا.. ونعم ولكن"؟! ..(تقدير موقف)
-
25 أغسطس 2025, 11:42:16 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
عودٌ على ذي بدء، وهروباً من آتون الملاحقة السياسية والقضائية على خلفية ملفات قضايا الفساد، ونتائج فشل السابع من أكتوبر، نتنياهو يعود ليمارس هواية القفز على المسارات، ويضع الجميع في حيرة وتخبُّط حول ماذا يريد؟!
المشهد الصهيوني، واقع وأحداث :
وبقراءة بسيطة للمشهد الصهيوني، وتفنيد واقع الأحداث، نرى أن نتنياهو بات يتعرض لضغوط كبيرة جداً من وزراء اليمين المتطرف، ليقول "لا" لصفقة جزئية، بل لتبدأ العملية العسكرية بغزة، والعمل على توسُّعها واحتلال مساحات واسعة من الأراضي والسيطرة عليها لغرض الإستيطان، هذا إلى جانب ضغط الشارع وعائلات الأسرى، وعدد كبير من النخب الأمنية والسياسية والعسكرية والإقتصادية ممن يرون أن استمرار الحرب كارثة، وستجلب على إسرائيل الخراب، وتدفع إلى عزلة إسرائيل دولياً..
وبالتوازي مع الدخول لعمق غزة بالتدريج، وتوالي عمليات القصف الجوي والمدفعي بموازاة الاستعدادات لاحتلال مدينة غزة، وبعد استدعاء عشرات الآلاف من جنود الإحتياط للخدمة الاحتياطية، تقوم إسرائيل بقرار من نتنياهو بالقفز والمشاغلة لجبهة لبنان وسوريا، ومؤخراً جبهة اليمن، لممارسة هواية إضاعة وحرق الوقت، الأمر الذي دعا رئيس أركان جيش الإحتلال "ايال زامير" لتوجيه رسالة علنية إلى رئيس وزراء الكيان قال فيها :
"هناك صفقة أسرى مطروحة، ويجب تنفيذها، لقد هيأ الجيش شروط الصفقة، وهي الآن في يد نتنياهو، وهناك خطر كبير على حياة الأسرى في ظل احتلال مدينة غزة"..
لغة مزدوجة، مفاوضات.. تحت النار
نتنياهو يطلق الرصاص ويتحدث عن المفاوضات، وهنا تأتي "نعم ولكن"، ولأننا تعوَّدنا قفزات نتنياهو السياسية، نرى أنه من الممكن خلال الأسبوع، أو بعد جلسة الكابينت يوم الثلاثاء، أو حتى قبل انعقادها بقليل، سيأمر نتنياهو بإرسال الوفد المفاوض، وفي الحقيقة لا أحد يعلم الوجهة، هل هي ألى قطر، أم إلى مصر، أم إلى الإمارات، أم إلى دولة أوروبية..
ولكن، نتنياهو لا يحتاج أصلاً لمثل هذه الضغوط ليتخذ قراراته، لأنه على أي حال معني ببدء العملية العسكرية وإدارة المفاوضات تحت النار بالتوازي، وذلك هروباً من تفكك الإئتلاف الحاكم، وقد جاءت أخطر تصريحاته حول موضوع الصفقة، أنه بات يرفض الجزئية، ويريد صفقة شاملة بشروط إسرائيل وتشملذ جميع الأسرى الأحياء والأموات، على أن تبدأ المفاوضات من نقطة الصفر من جديد، ما يؤشر لمناورة سياسية طويلة ومعقدة، تسمح بإنجاز طموحاته وإنفاذ العملية العسكرية بغزة وتهجير أهلها للجنوب كمرحلة أولى، ثم يستمر بالقفز سياسياً ويماطل من خلال بوابة المفاوضات، ليستمر وينتقل للمرحلة الثانية التي ستطال مناطق وسط القطاع، ويفعل بها ما فعل برفح والشمال وغزة، ليصبح القطاع بلا حياة، ويدفع سكان القطاع للرحيل الطوعي عنه هروباً من فوضى الواقع..
المقاومة على مسرح التناقضات:
بينما رسالة نتنياهو: "لا" للحلول و"نعم" للحرب.. مفاوضات تحت القصف، وشعارات رنانة لا ينفك مكتبه عن إطلاقها عبر أبواق إعلامية خُصصت لذلك، وتارةً يخرج بشخصه لوسائل الإعلام ويطلق العنان لأحلامه المقدَّسة، فهو يجيد لعبة الكذب وبيع الوهم للآخرين، واللعب على التناقضات، تقف المقاومة خلف ستار الحقيقة، وتلاحق تلك التناقضات في محاولة حثيثة لوقف الإبادة والخروج من نفق النار.
ورغم الحراك الإعلامي الصهيوني النشط حول مسألة احتلال غزة والتفاوض، نقرأ على الجانب الآخر وجهة نظر المقاومة، حيث أن القيادي في حماس "باسم نعيم" صرَّح قائلاً: "حتى اللحظة لم يصل الحركة رد رسمي على العرض الأخير، وكذلك لم تصل أي عروض جديدة متعلقة بالصفقة الشاملة"، الأمر الذي يؤكد مماطلة نتنياهو، وعدم اكتراثه بالأسرى الإسرائيليين، أو بحجم الخسارة التي تلحق بالكيان نتاج أفعاله ومماطلاته.
تتحرك حماس وفصائل المقاومة بين تيارات الشد والجذب، فالعالم بأسره بات يوجه ضغوطاته على الضحية، ويقف مسانداً للجلاد الصهيوني، ويدعم وجهة نظر وقرارات حاكم العالم بأمر الواقع أميريكا الحليف الاكبر والاقوى لإسرائيل، فلا بد للمقاومة من إجادة اللعب على مسرح التناقضات، وبخطط خارج الصندوق السياسي، ليتسنى لها تحقيق إنجازات بحجم الكارثة..
الخاتمـــة :
ولأن نتنياهو يجيد لعبة الغزل السياسي، في محاولة مستميتة لإستمالة حلفائه من اليمين المتطرف "بن غفير وسموتريتش"، يناور بتصريحاته حول مسألة إحتلال غزة من جهة، وضم الضفة من جهة أخرى، وكذلك يرفض إقامة دولة فلسطينية تحت أي ظرف من الظروف، بل أظهر وجه الحقيقة بأنه في مهمة تاريخية وروحية مقدسة، ومرتبط بشدة برؤية (إسرائيل الكبرى)، وهو بذلك يضمن استمرار بقائه في سدة الحكم اطول فترة ممكنة.
وبين قدسية مهمته التاريخية ، وبين حقيقة الواقع على الأرض، وحقيقة معركة الوجود اليهودي، لا بد من أن ندرك أن ما سيفُشِل كل مخططات نتنياهو وأحلامه الوردية، ليس ردة الفعل العربية، ولا الدولية، ولا محور المقاومة في الإقليم، ولا المقاومة الفلسطينية المسلحة داخل فلسطين، بل هي حقيقة الوجود الفلسطيني، بأن هناك 7 مليون فلسطيني داخل فلسطين، ومثلهم خارجها في الشتات يحملون الهوية الفلسطينية، والعالم يعترف بأنهم فلسطينيون، ولهم الحق بأن تكون لهم دولة على أرضهم، أو على أي جزء منها..
عندما ننظر إلى مجمل تلك الأحداث والتطورات، لا بدلنا أن نتساءل بحكمة: ما هي التبعات المستقبلية؟!
ألا يدرك نتنياهو وحكومته أنه من المستحيل إنهاء الوجود الفلسطيني، وأن قفزاته العبثية على مسارات السياسة لن تفلح بتمرير مخطط التهجير، وإنهاء الوجود الفلسطيني؟!
وكيف يمكن لإسرائيل أن تتوسَّع خارج فلسطين بحلمها التوراتي (إسرائيل الكبرى)، وهي في الحقيقة غير قادرة على اخضاع وترويض من هم تحت سيطرتها من الشعب الفلسطيني؟!
ثم كيف ينادي نتنياهو وحلفائه من غلاة المتطرفين بيهودية الدولة وأكثر من نصف سكانها من غير اليهود؟!
وهل بحصار الشعب الفلسطيني وتجويعه وقطع الماء والكهرباء والهواء عن شعب غزة ، سترفع المقاومة راية الإستسلام وتغادر أرضها وتسلم سلاحها، ولها من التاريخ في ذلك تجارب وعبر؟!
أم أن العمى السياسي أصاب نتنياهو، فأصبح يهذي بمقولة: "لا أريكم إلا ما أرى"، ولكن لا لأن يهديهم إلى سبيل الرشاد، بل سيهدي دولة الكيان إلى سبيل الهلاك والضياع، ولن يجلب لها سوى الخراب، طالما بقي هناك طفل فلسطيني واحد يرضع، فالتاريخ يسجِّل، وذاكرة الشعوب لا تنسى؟!









