-
℃ 11 تركيا
-
3 أغسطس 2025
محمد إبراهيم المدهون يكتب: طبخة غزة: بين مؤامرة واشنطن وفدائية داوود
محمد إبراهيم المدهون يكتب: طبخة غزة: بين مؤامرة واشنطن وفدائية داوود
-
8 يوليو 2025, 2:14:51 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في مشهد يُجسد التناقض الفجّ بين نار السياسة ولهيب الميدان، تُعقد في واشنطن اجتماعات متسارعة بين ترمب والنتن ياهو، لاتفاق هدنة مؤقتة في محرقة غزة السادية، تمتد لـستين يومًا، تُسوَّق على أنها فرصة إنسانية لكسر دائرة الدم، لكنها في الواقع تُخفي مشروعًا أعمق لإعادة تشكيل الخريطة السياسية الإقليمية.
في المقابل، تتصاعد نيران بيت حانون وخانيونس والشجاعية، حيث تكبد المقاومة الفلسطينية الاحتلال خسائر فادحة، في معارك لا تهدأ، تؤكد أن الأرض لم تُسلّم، وأن الواقع لا يُرسم في المكاتب المغلقة، بل في ساحات الاشتباك المفتوح.
هدنة مشروطة...
اللقاءات المتكررة بين ترمب ونتنياهو لا تعكس فقط تحالفًا استراتيجيًا قديمًا، بل تترجم خطة عمل ملموسة لفرض "تسوية مؤقتة" هدفها وقف إطلاق النار، ولكن بشروط أمنية إسرائيلية صارمة، أبرزها: السيطرة الكاملة على المعابر، نزع سلاح المقاومة، والاحتفاظ بتدخل عسكري مستمر حتى بعد دخول الهدنة حيز التنفيذ.
وتبدو المفارقة فاقعة حين يُعلن مجرم الحرب نتنياهو – المطلوب لمحاكم دولية – تزكيته لترمب للفوز بجائزة نوبل للسلام، كرد جميل لتصريحات ترمب برفضه محاكمة النتن ياهو وملاحقته قضائيا داخل دولة الاحتلال ودوليا، في مشهد يعكس الانفصال الكامل عن الواقع الإنساني والسياسي الذي تعيشه محرقة غزة بفعل النتن ياهو.
"غزة الغيتو"...
ما يجري ليس مجرد ترتيبات لوقف القتال، بل جزء من خطة أوسع تهدف إلى فرض نموذج "غزة الغيتو"، عبر إنشاء معازل سكنية وخدماتية جنوب القطاع، تحت إشراف أمني محدود، في محاولة لفصل السكان عن فصائل المقاومة. هذا إلى جانب مساعٍ لتشجيع ما يُعرف بـ"الهجرة الطوعية"، التي تُخفي خلفها نوايا تهجير ممنهج، تقوّض أي أمل بقيام دولة فلسطينية موحدة.
الميدان يفرض كلمته
رغم كل الضغوط العسكرية والسياسية، لا تزال المقاومة في غزة تُبدع في تكتيكاتها، من الكمائن المتقدمة إلى الاشتباك المباشر، في تأكيد متجدد أن الحرب لم تُحسم، وأن أي حديث عن "نهاية المعركة" لا يزال سابقًا لأوانه. هذه الرسالة، وإن وصلت متأخرة إلى طاولات المفاوضات، إلا أنها تضعف من قدرة الاحتلال على فرض شروطه بشكل منفرد.
التحدي الفلسطيني
في ظل هذه التطورات، تتعاظم الحاجة إلى موقف وطني موحّد، عنوانه تشكيل حكومة وفاق فلسطينية غير فصائلية، تُدير الضفة والقطاع معًا، وتُعيد الاعتبار للقرار الفلسطيني المستقل، بعيدًا عن الاصطفافات الإقليمية أو الإملاءات الدولية. غياب هذا القرار لن يفرّغ المعركة من معناها فحسب، بل سيحوّل غزة إلى كيان معزول، تدار بمنطق "تهجير الغيتو" لا التحرير الوطني.
بين نار واشنطن ونار غزة
المرحلة الراهنة شديدة الخطورة، ليس فقط على غزة، بل على مستقبل القضية الفلسطينية ككل. فإما أن تكون الهدنة بداية لمسار وطني جامع، يُنهي الانقسام ويستعيد زمام المبادرة، أو تكون فخًا سياسيًا يؤدي إلى تثبيت واقع التجزئة والهيمنة.
وغزة، كما أثبتت في كل جولة، ليست مجرد ورقة تفاوض، بل عنوان كرامة، لا يُساوم ولا يُختصر.








