-
℃ 11 تركيا
-
2 أغسطس 2025
مصر وروسيا توقعان بروتوكولًا جديدًا لتسريع تنفيذ محطة الضبعة النووية
بعد ساعات من حريق سنترال رمسيس
مصر وروسيا توقعان بروتوكولًا جديدًا لتسريع تنفيذ محطة الضبعة النووية
-
8 يوليو 2025, 2:49:03 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
لم تمضِ ساعات على حريق سنترال رمسيس المروع في قلب القاهرة، حتى ظهرت صور لوزير الكهرباء المصري ونظيره الروسي وهما يوقعان بروتوكولًا جديدًا لتسريع مشروع محطة الضبعة النووية.
هذا المشهد المزدوج يلخص التناقض الصارخ في أولويات الدولة: بينما يكشف الحريق ضعف البنية التحتية لشبكات الاتصالات والكهرباء – التي يفترض أنها من أساسيات القرن العشرين، لا القرن الحادي والعشرين – ترفع الحكومة لافتة "الطاقة النووية" وكأن البلاد قطعت أشواط الاستعداد اللوجستي والفني والإداري لهذا المستوى من المشاريع.
حريق يقطع الإنترنت
الحريق الذي اندلع مساء الاثنين في سنترال رمسيس بوسط القاهرة تسبب في وفاة أربعة موظفين وإصابة عشرات، وأدى إلى انقطاع واسع النطاق في الإنترنت، وتعطل شبكات المحمول والاتصالات في مناطق عديدة.
تطلبت السيطرة على الحريق أكثر من 12 ساعة من العمل المضني، وتدخلت عشرات سيارات الإطفاء وخزانات المياه، وسط شكاوى عن تأخر الاستجابة وتجدد النيران ثلاث مرات خلال عمليات التبريد. كما تسببت الأدخنة في اختناقات لعدد كبير من الموظفين ورجال الإطفاء.
عجز البنية التحتية
فضح الحريق واقعًا محرجًا: شبكات الاتصالات المصرية تعتمد على نقطة مركزية واحدة شبه احتكارية هي سنترال رمسيس، ما أدى إلى تعطيل خدمات طوارئ، وتوقف خدمات الإنترنت في مناطق حيوية، بل اضطر الإسعاف إلى الاعتماد على خطوط شركة خاصة لضمان التواصل.
وزارة الاتصالات حاولت امتصاص الغضب معلنة أن الخدمات ستعود تدريجيًا خلال 24 ساعة بعد نقلها إلى سنترالات بديلة، لكن المشهد ترك انطباعًا مؤلمًا عن هشاشة بنية تحتية يفترض أنها عصب الدولة الحديثة.
توقيع نووي في اليوم نفسه
وسط هذا الجو المشحون، ظهر في اليوم نفسه وزير الكهرباء المصري الدكتور محمود عصمت وهو يوقع مع نظيره الروسي أليكسي ليخاتشوف بروتوكولًا ملحقًا للاتفاق الحكومي بشأن بناء وتشغيل محطات الطاقة النووية في مصر، إلى جانب عقد مكمل لإنشاء وتشغيل محطة الضبعة النووية.
جرى التوقيع في العلمين الجديدة بحضور مسؤولي "روساتوم"، مع تصريحات احتفائية عن "الشراكة الاستراتيجية" و"التزام الجانبين بالإسراع في التنفيذ"، في صورة إعلامية تروج لمصر كدولة واثقة في قدرتها على إدارة مشاريع نووية كبرى.
أسئلة مشروعة
هنا يبرز السؤال المشروع: كيف تطمح الدولة إلى تشغيل محطة نووية على الساحل الشمالي، بينما تعجز عن حماية سنترال اتصالات في قلب القاهرة؟
كيف تتحدث الوزارات عن "استراتيجية 2040" و"الاعتماد على الطاقة النظيفة"، في وقت لم تتمكن من تأمين وسائل إطفاء فاعلة أو خطط طوارئ لإدارة حريق في مبنى حكومي حساس؟
أليست أولويات الإنفاق والإدارة والتطوير كان يجب أن تبدأ من تحديث وتأمين البنية التحتية الأساسية للاتصالات والكهرباء، قبل التباهي بمشاريع نووية تحتاج لأعلى مستويات الأمان والتكنولوجيا؟
بين الشعارات والواقع
تصر الحكومة في تصريحاتها على أن مشروع الضبعة "يمثل نقلة نوعية" و"شراكة استراتيجية" تضمن أمن الطاقة للأجيال القادمة، وهو كلام جميل على الورق. لكن واقع العاصمة المصرية يشي بانقطاع الإنترنت والاتصالات بسبب حريق واحد، وخسائر بشرية ومادية فادحة، وعجز واضح في خطط الطوارئ.
هكذا يبدو المشهد في صورته الكاملة: دولة تنادي بالحداثة النووية بينما تحترق أبسط بنيتها التحتية أمام أعين مواطنيها، في تناقض صارخ بين الوعود البراقة والحقائق الصادمة على الأرض.

.jpg)






