من سلسلة مجمع الأمثال

"البغاث بأرضنا يستنسر".. مثل يُضرب لتحوّل الضعيف إلى قوي والذليل إلى عزيز

profile
  • clock 4 أغسطس 2025, 1:56:13 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

كتبت: شيماء مصطفى

في سلسلة "مجمع الأمثال"، نتوقف اليوم مع مثلٍ عربي عميق الدلالة: "إنَّ البُغاثَ بأرضنا يستنسر"، وهو مثلٌ يُضرب حين يتحول الضعيف فجأة إلى قوي، أو حين يعلو شأن الذليل في غير أرضه أو زمنه، والبغاث: طائر ضعيف، أقل شأناً من الرخمة (نوع من النسور)، وقد وردت في الكلمة ثلاث لغات: البُغاث (بالضم)، والبَغاث (بالفتح)، والبِغاث (بالكسر)، وجمعها بِغْثان.

أما استنسر، فتعني: صار كالـنسر في قوته وقدرته على الصيد، بعد أن كان لا يُحسب له حساب، وهكذا فإن المعنى الكامل للمثل: أنَّ طائر البغاث – وهو رمز للضعف – أصبح في أرضنا نسرًا قويًا، يصيد ويتسلّط.

دلالات المثل في السياق العربي

هذا المثل لم يُقصد به الطير لذاته، بل هو تمثيل لحال البشر:

يُضرب عندما يُمكَّن لضعيف في أرض لا يُعرف فيها.

أو عندما يعزّ الذليل إذا تغيّرت الظروف أو تبدّلت الموازين.

كما يُستخدم لذمّ حالٍ وصلت فيه الأمور إلى أن يتصدر المشهد من ليس بأهلٍ له.

المثل في واقع اليوم

يبقى هذا المثل شاهدًا على تقلب الأحوال، وسرعة تبدّل المراتب بين الناس، حين يتراجع أصحاب الكفاءة، ويعلو من لا يُنتظر منه علو، إنه درس لغوي ومعنوي في آنٍ واحد: لا شيء يدوم، لا قوة الضعفاء، ولا ضعف الأقوياء، ولكنها سنن تتبدل في الزمان والمكان.

"إن البغاث بأرضنا يستنسر"... ليس مجرد وصف للطير، بل تشخيص لحالٍ يراه كل عاقل حين تسند الأمور إلى غير أهلها.

التعليقات (0)