صندوق النقد يدمج المراجعتين الخامسة والسادسة لقرض مصر.. لهذا السبب

profile
  • clock 7 يوليو 2025, 11:49:07 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

في خطوة لافتة تعكس ضغوطًا متزايدة على القاهرة، قرر صندوق النقد الدولي دمج المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج تمويل مصر، على خلفية ما وصفه مسؤولون مصريون بتأخر الحكومة في الوفاء بالتزاماتها الأساسية، وفي مقدمتها التخارج من حصص الدولة في الشركات العامة لصالح القطاع الخاص.

خلفيات القرار والتصريحات الرسمية

كانت جولي كوزاك، المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، قد أعلنت قبل أيام في تصريحات لـ"الشرق بلومبرغ" أن المراجعتين الخامسة والسادسة للبرنامج سيجري دمجهما في مهمة واحدة تُنجز خلال الخريف المقبل. القرار جاء بعد أن كانت بعثة الصندوق بدأت بالفعل إجراءات المراجعة الخامسة التي تُعد شرطًا لصرف شريحة تمويلية جديدة، تعوّل عليها الحكومة المصرية المثقلة بالديون لسداد التزاماتها الداخلية والخارجية.

"خلق التزام أكبر لدى الحكومة"

وفق ما نقله "الشرق" عن أحد المسؤولين المصريين، فإن هدف الصندوق من قرار الدمج هو «خلق التزام أكبر لدى الحكومة لتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية»، في حين قال مسؤول آخر إن القاهرة لم تلتزم بالجدول الزمني المتفق عليه لإنجاز تلك الطروحات خلال الربع الثالث من العام المالي 2024-2025.

وتوقع المسؤولان إتمام صفقات تخارج حكومي لصالح القطاع الخاص «خلال الربع الثالث من العام الجاري»، في مسعى لإنجاح المراجعتين المدمجتين المتوقع إجراؤهما ما بين شهري سبتمبر وأكتوبر المقبلين.

تعثر برنامج الطروحات وتأجيل خطة البيع

لم تعلن الحكومة المصرية حتى الآن عن النسخة المحدثة من برنامج طرح الشركات العامة على القطاع الخاص، وذلك بعد نقل ملف إدارة البرنامج إلى وزير الاستثمار حسن الخطيب. كما تعرضت إحدى أهم صفقاته - صفقة بيع بنك القاهرة إلى بنك الإمارات دبي الوطني - للتعثر بسبب خلافات على التقييم، وفق ما كشفه مطلعون لـ"الشرق" أواخر الشهر الماضي.

توقعات حول الجنيه المصري

رغم هذا التطور المقلق، استبعد ثلاثة مسؤولين مصريين أن يؤثر قرار دمج المراجعتين على سعر صرف الجنيه المصري، مؤكدين أن «الاحتياطيات النقدية وتدفقات العملة الأجنبية في وضع جيد حالياً».

من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي محمد فؤاد أن قرار صندوق النقد «سلبي على المدى القصير» لأنه يكشف «غياب تقدم ملموس في تخارج الحكومة من النشاط الاقتصادي وفسح المجال للقطاع الخاص»، وهو أحد المطالب الجوهرية للصندوق في برنامجه لدعم الاقتصاد المصري.

وأشار فؤاد إلى أن الصندوق يعتبر الإصلاحات الضريبية التي تتبناها وزارة المالية «إدارية وليست هيكلية»، ولا تحقق الهدف المعلن برفع حصيلة ضريبة القيمة المضافة إلى 1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام واحد.

مع ذلك، استبعد فؤاد أيضًا حدوث تراجع كبير في سعر صرف الجنيه أو نشوء أزمة دولار، لافتًا إلى أن السوق يشهد تدفقات قوية لما يعرف بـ«الأموال الساخنة»، فضلًا عن تحسن ملحوظ في إيرادات السياحة وزيادة تحويلات المصريين بالخارج. وقدّر فؤاد أن يتراوح سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في الفترة المقبلة ما بين 48 و50 جنيهًا للدولار الواحد.

آراء أخرى حول التأثيرات المحتملة

في الاتجاه ذاته، قال الخبير الاقتصادي مدحت نافع لـ"الشرق" إن التأثير السلبي لقرار الصندوق موجود بالفعل لكنه «سيكون محدودًا»، موضحًا أن عوامل مثل تراجع الدولار عالميًا، واحتمال التوصل إلى تهدئة في غزة، قد تدعم إيرادات قناة السويس وتخفف من الضغط على الميزان الخارجي.

زيادات ضريبية جديدة ضمن متطلبات الصندوق

ضمن التزاماتها تجاه صندوق النقد، تتجه الحكومة المصرية لتعديل قانون ضريبة القيمة المضافة عبر سلسلة من الإجراءات تشمل رفع أسعار السجائر المحلية والمستوردة بنسبة تقترب من 23%، وزيادة الضرائب على المشروبات الكحولية بنسبة 15%، وفرض ضريبة جديدة بنسبة 10% على البترول الخام.

كما تنص التعديلات على تحويل ضريبة الكحوليات من نظام نسبي إلى ضريبة قطعية تُحسب بحسب نسبة الكحول في المنتج، إلى جانب إخضاع أنشطة المقاولات وأعمال التشييد والبناء للسعر العام للضريبة البالغ 14% بدلًا من 5% حاليًا.

وتهدف الحكومة من هذه التعديلات إلى تعزيز الحصيلة الضريبية للدولة دون إضافة أعباء مباشرة على الفئات الأوسع من المواطنين، في بلد يعيش نحو ثلث سكانه تحت خط الفقر وفق تقديرات رسمية.

ضغوط على ميزان المدفوعات

حذر محمد فؤاد من أن تأجيل المراجعتين سيؤدي إلى مزيد من الضغوط على ميزان المدفوعات، موضحًا أن الحكومة تعتمد على هذه الشرائح التمويلية لسداد أقساط قروض قائمة، ولتغطية فاتورة استيراد الغاز الطبيعي التي تصل إلى نحو 12 مليار دولار سنويًا لتشغيل محطات الكهرباء.

ونبه فؤاد أيضًا إلى أن إرجاء المراجعتين قد يؤثر سلبًا على صرف الشريحة الثانية من دعم الاتحاد الأوروبي لمصر، نظرًا لارتباطه الوثيق باستمرار التعاون بين القاهرة وصندوق النقد الدولي.

التمويل الدولي ودعم الاتحاد الأوروبي

كانت مصر قد توصلت في مارس 2024 إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لزيادة قيمة برنامج الدعم المالي من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار، ما مكّن الحكومة من جذب تمويلات واستثمارات ساعدت في التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية التي بدأت منذ مطلع 2022.

وفي أبريل 2025، وافق البرلمان الأوروبي على إتاحة الشريحة الثانية من حزمة الدعم المالي الكلي المخصصة لمصر بقيمة 4 مليارات يورو، ضمن حزمة أوسع بقيمة 5 مليارات يورو، حصلت القاهرة بالفعل على مليار يورو منها في ديسمبر الماضي.

آراء متفائلة نسبيًا

من جانبه، اعتبر هاني جنينة، رئيس قطاع البحوث بشركة "الأهلي فاروس" لتداول الأوراق المالية، أن قرار دمج المراجعتين «لن تكون له آثار سلبية كبيرة»، موضحًا أن «مصر ستحصل على الشريحتين بقيمة 2.4 مليار دولار فور انتهاء الإجراءات، ولا أتوقع تراجع الجنيه».

وتتفق هذه الرؤية مع تقييم صندوق النقد الدولي نفسه، حيث أكدت المتحدثة باسمه في تصريحاتها لـ"الشرق" أن البعثة التي زارت القاهرة بين 8 و16 يونيو الماضي رصدت «تقدمًا بناءً في جهود احتواء التضخم وتحسنًا ملحوظًا في الاحتياطيات الأجنبية»، ما يعكس ثقة حذرة بإمكان تحقيق تقدم فعلي في الأشهر المقبلة إذا ما التزمت الحكومة ببرنامج الإصلاح.

التعليقات (0)