أهداف استراتيجية متعددة

"جيش لحد" جديد على تخوم غزة وسيناء: خريطة إسرائيلية بغطاء "إنساني" تزرع فوضى أمنية وتهدد الأمن المصري

profile
  • clock 6 يوليو 2025, 3:19:43 م
  • eye 464
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
خريطة إسرائيلية

تقرير خاص | 180 تحقيقات

 رامي أبو زبيدة – باحث في الشأن العسكري والأمني


في الوقت الذي تتواصل فيه المفاوضات حول تهدئة مؤقتة في قطاع غزة، تكشف التسريبات وبعض تفاصيل المقترحات المقدمة من حكومة الاحتلال عن مخطط أمني خطير، يتمّ الترويج له تحت غطاء "خطة إعادة الإعمار"، بينما يحمل في جوهره نوايا إسرائيلية لتشكيل واقع ميداني جديد جنوب القطاع.


وفق مصادر أمنية وتحليل ميداني، تسعى إسرائيل لفرض منطقة عازلة موسعة تمتد من جنوب محور "موراج" وصولًا إلى الحدود المصرية، بزعم إنشاء ممر إنساني آمن لتوزيع المساعدات، لكنه في الحقيقة يشكّل حزامًا أمنيًا مغلقًا يُدار بواسطة عناصر محلية موالية للاحتلال، بعضها مرتبط بشبكات تهريب أو جماعات مسلحة.

وتصف أوساط أمنية هذا المشروع بأنه يمثل نواة "جيش لحد فلسطيني" جديد، شبيه بما أقامته إسرائيل في جنوب لبنان في ثمانينات القرن الماضي، حيث تقوم عناصر محلية بمهمات أمنية واستخبارية لصالح الاحتلال، مقابل المال والامتيازات والحماية.

▪️ أهداف استراتيجية متعددة

يُنظر إلى هذه المنطقة بأنها لا تخدم غرضًا إنسانيًا كما يُروّج، بل تهدف إلى:

تفكيك البيئة الأمنية جنوب قطاع غزة، وعزلها عن العمق المقاوم.

قطع الترابط الجغرافي والأمني بين غزة وسيناء.

إعادة تشغيل شبكة من العملاء والوكلاء المحليين لمراقبة السكان والتحكم بالمساعدات والمعابر.

تسهيل إنشاء بنية اقتصادية رمادية عبر المهربين وسماسرة الحرب.

استخدام هذه المنطقة كنقطة ارتكاز لزعزعة الأمن في شمال سيناء المصري.


▪️ وكلاء الاحتلال الجدد: بين العصابات والتنظيمات السابقة

التحقيقات والمتابعات تشير إلى أن بعض العناصر التي يُعاد دمجها في هذا المشروع الأمني، كانت على صلة سابقة بتنظيمات مسلحة نشطت في سيناء، وأخرى تورطت في شبكات تهريب كبرى خلال السنوات الماضية. كما يجري تدريب بعض هذه العناصر داخل مواقع مغلقة خاضعة لرقابة إسرائيلية مشددة، وتحت غطاء منظمات غير حكومية تدّعي تقديم خدمات إنسانية.

▪️ تهديد مباشر للأمن القومي المصري

مصادر مطلعة حذّرت من أن هذه المنطقة، إذا ما تم فرضها واقعًا على الأرض، قد تتحول إلى معبر للفوضى إلى داخل سيناء، حيث تستخدم شبكات التهريب والإجرام كأدوات ضغط وإرباك للأمن المصري، ما يعيد سيناريو "الهلال الأسود" الذي حذرت منه القاهرة قبل سنوات.

وتخشى دوائر مصرية من أن يؤدي هذا المشروع إلى خلق منطقة غير خاضعة للسيادة الفلسطينية أو المصرية، بل تتحكم بها أطراف مرتبطة بأجهزة أمنية إسرائيلية، تعمل على ضرب الاستقرار الداخلي في سيناء وتعميق الانفصال بين غزة ومحيطها العربي.

▪️ عقيدة "الحزام الرمادي" والتحكم بالوكلاء

ما يجري على الأرض هو ترجمة مباشرة لعقيدة إسرائيلية قديمة/متجددة تُعرف بـ"التحكم عبر الوكلاء"، سبق تطبيقها في لبنان والضفة والعراق، واليوم يُعاد تدويرها في جنوب القطاع، عبر استغلال الانهيار الإنساني لتكريس وكلاء محليين يتحكمون بالمساعدات والحدود والسكان.

▪️ توصيات وتحذيرات

الباحثون في الشأن الأمني يؤكدون أن إفشال هذا المخطط يتطلب:

كشف هوية هذه المجموعات محليًا قبل أن تترسخ شعبيًا.

التنسيق الأمني المقاوم مع العمق المصري الوطني لمنع ارتداد الفوضى.

تعزيز حضور المقاومة في الجنوب ورصد التحركات المشبوهة.

الضغط على الوسطاء لعدم تمرير هذه الخطة بصيغها "الإنسانية" المخادعة.

 

المشروع الإسرائيلي الجديد في جنوب غزة ليس خطة إعمار، بل خطة تمزيق. ما يُبنى هناك اليوم هو جدار من العملاء والوكلاء، لا من الإسمنت، ويهدف إلى فصل غزة عن مصر، وفصل المجتمع الفلسطيني عن نفسه. إنه جيش لحد بملامح فلسطينية، وسيناء هي الهدف القادم إن لم يُحاصر هذا المخطط في مهده.

التعليقات (0)