بريق ملكي وضغوط سياسية: زيارة ترامب الثانية لبريطانيا بين المراسم الفخمة وملفات حساسة

profile
  • clock 17 سبتمبر 2025, 3:46:52 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
الملك تشارلز وترامب خلال الموكب عبر قلعة وندسور، 17 سبتمبر 2025. رويترز/توبي ميلفيل

رويترز

استقبل الملك تشارلز وأفراد العائلة الملكية البريطانية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأربعاء، مع انطلاق زيارته الرسمية الثانية إلى بريطانيا، في أجواء غير مسبوقة من الفخامة، وسط إجراءات أمنية مشددة، واستثمارات تكنولوجية، واحتجاجات معارضة.

ترامب وزوجته ميلانيا وصلا إلى قلعة وندسور، أقدم وأكبر قلعة مأهولة في العالم والمقر العائلي للملوك البريطانيين منذ ما يقارب ألف عام. وكان في استقباله الملك وزوجته الملكة كاميلا وولي العهد الأمير ويليام وزوجته كيت، قبل أن تبدأ مراسم الاستقبال بعربة ملكية جابت ساحات القلعة.

أكبر مراسم عسكرية منذ عقود

قبيل المأدبة الملكية الفاخرة، كان مقرراً عرض جوي عسكري، في إطار ما وصفته بريطانيا بأنه أضخم مراسم عسكرية استقبالاً لزيارة دولة في الذاكرة الحديثة.

ترامب، الذي لا يخفي إعجابه بالملكية البريطانية، أبدى سعادته الواضحة بأن يكون أول زعيم أمريكي وأول سياسي منتخب يحظى بدعوة الملكة البريطانية لزيارتين رسميتين. وعند وصوله قال للصحفيين: "أنا أحب بريطانيا.. إنها مكان مميز للغاية".

رهان ستارمر على العلاقة الخاصة

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يسعى لاستغلال مشاعر ترامب المؤيدة لبريطانيا لتعزيز ما يعرف بـ"العلاقة الخاصة" بين البلدين، في وقت تعمل حكومته على تعميق الروابط الاقتصادية، وجذب مليارات الدولارات من الاستثمارات، ومناقشة الرسوم الجمركية، إضافة إلى الضغط على الرئيس الأمريكي بشأن أوكرانيا وإسرائيل.

شركات كبرى مثل مايكروسوفت، إنفيديا، غوغل وأوبن إيه آي التزمت بالفعل بضخ استثمارات قيمتها 31 مليار جنيه إسترليني (42 مليار دولار) في بريطانيا خلال السنوات المقبلة، تشمل مجالات الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والطاقة النووية المدنية. كما يطمح ستارمر لتحقيق تقدم إضافي في ملف التجارة بعد الاتفاق الأولي مع إدارة ترامب بشأن خفض بعض الرسوم الجمركية، بينما لا تزال قضايا مثل الرسوم على الصلب والويسكي والسلمون مطروحة للنقاش.

شعبية متراجعة واحتجاجات حادة

ورغم الرهان على سحر العائلة الملكية، فإن استطلاعات الرأي تظهر أن ترامب غير محبوب على نطاق واسع في بريطانيا، فيما يعاني ستارمر نفسه من تراجع في شعبيته وأزمات اقتصادية خانقة، ما يجعله بحاجة ماسة لإثبات أن ورقته الملكية قادرة على تحقيق نتائج ملموسة.

في المقابل، تظاهرات معارضة بدأت بالفعل. فقد أعلنت الشرطة أنها اعتقلت أربعة أشخاص، الثلاثاء، بعدما عُرضت صور لترامب إلى جانب الممول الراحل جيفري إبستين على أحد أبراج القلعة، رغم الإجراءات الأمنية المكثفة. كما توقعت السلطات تنظيم احتجاجات واسعة في لندن بقيادة تحالف "أوقفوا ترامب"، مع نشر 1600 شرطي لمواجهة أي اضطرابات.

ملف إبستين يعود للواجهة

ملف رجل الأعمال الأمريكي المدان بالجرائم الجنسية جيفري إبستين ألقى بظلاله أيضًا على الزيارة. فقد أقال ستارمر الأسبوع الماضي بيتر ماندلسون من منصبه كسفير لبريطانيا في واشنطن بسبب صلاته بإبستين، الأمر الذي قد يثير تساؤلات محرجة لستارمر وترامب معًا، بالنظر إلى أن علاقة الأخير بإبستين لا تزال مثار جدل في الولايات المتحدة.

يوم مخصص للاستعراض الملكي

يوم الأربعاء اتسم بالاستعراض الملكي الباذخ. فإلى جانب الموكب الملكي، اصطف 1300 جندي بريطاني لتحية ترامب. الرئيس الأمريكي تبادل الابتسامات والأحاديث الودية مع الملك أثناء تفقده حرس الشرف بزيهم الأحمر المميز وقبعاتهم الشهيرة.

العائلة الملكية عرضت لاحقًا على ترامب وزوجته مقتنيات تاريخية من المجموعة الملكية مرتبطة بالولايات المتحدة، قبل أن يزورا كنيسة سانت جورج حيث يرقد جثمان الملكة إليزابيث التي استضافت ترامب في زيارته الأولى عام 2019، حيث وضع الرئيس إكليلًا على قبرها. وكان من المقرر أيضًا تنظيم عرض جوي بمشاركة مقاتلات بريطانية وأمريكية من طراز "إف-35"، كرمز للتعاون الدفاعي الوثيق بين البلدين، قبل مأدبة الدولة الكبرى التي سيلقي خلالها الملك والرئيس كلمات رسمية.

مشاعر متباينة للملك تشارلز

بالنسبة للملك تشارلز، تبدو الزيارة محملة بمشاعر متناقضة، فهو لا يشارك ترامب الكثير من القواسم المشتركة، إذ كرس أكثر من خمسين عامًا للدفاع عن البيئة والحوار بين الأديان ودعم كندا، بينما يرتبط ترامب بخطاب سياسي مختلف جذريًا. ومع ذلك، توفر المناسبة لتشارلز أكبر حضور عالمي له منذ تتويجه، ما جعل بعض المؤرخين يصفونها بأنها قد تُسجَّل كأكثر حدث مؤثر في عهده إذا نجحت.

أما الخميس، فسيكون مخصصًا للملفات السياسية الثقيلة، حيث من المنتظر أن يلتقي ترامب رئيس الوزراء ستارمر في مقر "تشيكرز" الريفي، حيث سيناقشان قضايا جيوسياسية محورية، من بينها الحرب في أوكرانيا والتوترات في الشرق الأوسط.

التعليقات (0)