-
℃ 11 تركيا
-
17 أغسطس 2025
قمة ألاسكا.. ترمب وبوتين على طاولة الملفات الشائكة
قمة ألاسكا.. ترمب وبوتين على طاولة الملفات الشائكة
-
17 أغسطس 2025, 11:08:10 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
مقدمة
في أجواء سياسية يلفها الترقب، تتجه الأنظار إلى ولاية ألاسكا حيث يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في قمة يُنتظر أن تبحث ملفات معقدة، من الحرب الأوكرانية إلى العلاقات المتوترة بين واشنطن وموسكو. ترامب، وقبل وصوله، ألمح إلى أن القمة "ستسفر عن شيء ما"، مشيرًا إلى إمكانية تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا بالتعاون مع أوروبا. وبين تطلعات تحقيق اختراق دبلوماسي ومخاوف أوروبية وأوكرانية من صفقات على حسابهم، يترقب العالم ما ستسفر عنه هذه اللحظة المفصلية.
1- البدايات الروسية في ألاسكا (1725–1799)
- الاستكشاف الأول: بدأت علاقة روسيا بألاسكا مع بعثة فيتوس بيرينغ (Vitus Bering) بين عامي 1725 و1741، التي أرسلها القيصر بطرس الأكبر لاستكشاف شمال المحيط الهادئ.
- الوصول الفعلي: في 1741، وصل بيرينغ وزميله ألكسي تشيركوف إلى سواحل ألاسكا، وسجلا أول اتصال أوروبي معروف مع المنطقة.
- التجارة بالفرو: سرعان ما بدأت شركات وتجار روس (خاصة من سيبيريا وكامتشاتكا) باصطياد فقمة البحر وثعالب البحر، حيث كانت جلودها ذات قيمة عالية في الصين وأوروبا.
- الوجود الاستيطاني: تأسست أولى المستوطنات الروسية الصغيرة في جزر ألوشيان وساحل ألاسكا الجنوبي.
2- شركة أمريكا الروسية وهيمنة القرن التاسع عشر المبكر (1799–1825)
- في عام 1799، منحت الحكومة الروسية شركة أمريكا الروسية (Russian-American Company) امتيازًا حصريًا للتجارة والإدارة في ألاسكا.
- عاصمة المستعمرة: أسس الروس بلدة "نوفو-أرخانغيلسك" (Novo-Arkhangelsk) على جزيرة سيتكا، وأصبحت العاصمة الإدارية للمستعمرة الروسية في أمريكا.
- التوسع جنوبًا: حاول الروس التوسع حتى الساحل الغربي لكندا والولايات المتحدة الحالية، لكنهم اصطدموا بالمصالح البريطانية (شركة خليج هدسون) والإسبانية.
- اتفاق 1824–1825: وقعت روسيا اتفاقات مع أمريكا وبريطانيا لتحديد الحدود، وتراجعت عن محاولة التوسع جنوب خط عرض 54°40′.
3- تراجع النفوذ وقرار البيع (1825–1867)
- التحديات الاقتصادية: انخفضت أرباح تجارة الفرو بسبب الصيد الجائر، ما جعل المستعمرة عبئًا ماليًا.
- عزلة جغرافية: المسافة الكبيرة بين سان بطرسبرغ وألاسكا جعلت الإمدادات والدعم العسكري صعبًا.
- التهديد البريطاني: بعد حرب القرم (1853–1856)، خافت روسيا من أن تفقد ألاسكا لصالح بريطانيا في أي نزاع جديد.
- قرار البيع: في 1867، وافقت روسيا على بيع ألاسكا للولايات المتحدة مقابل 7.2 مليون دولار، أي حوالي سنتين لكل فدان.
4- المرحلة الأمريكية المبكرة (1867–1941)
- في البداية، سخر الإعلام الأمريكي من الصفقة واعتبرها "حماقة سيوارد".
- مع اكتشاف الذهب في كلوندايك (1896) وناماك (1899)، شهدت ألاسكا موجة هجرة واسعة.
- لاحقًا، أصبحت ذات أهمية استراتيجية خاصة مع قربها من روسيا عبر مضيق بيرينغ.
5- الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة (1941–1991)
- الحرب العالمية الثانية: لعبت ألاسكا دورًا مهمًا في مشروع "الليند-ليز"، حيث أُرسلت الطائرات الأمريكية عبر ألاسكا وسيبيريا إلى الجبهة الشرقية لمساعدة الاتحاد السوفيتي ضد ألمانيا النازية.
- الحرب الباردة: أصبحت ألاسكا موقعًا رئيسيًا للرادارات والمطارات العسكرية الأمريكية، خصوصًا أن المسافة الجوية بين ألاسكا والاتحاد السوفيتي قصيرة جدًا، ما جعلها نقطة مراقبة مبكرة لأي هجوم بالصواريخ أو القاذفات.
- نظام الدفاع الشمالي (NORAD): جزء من شبكة الإنذار المبكر ضد الصواريخ السوفيتية.
6- ألاسكا وروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي (1991–اليوم)
- العلاقات لم تعد استعمارية، لكن الجغرافيا تفرض التفاعل: ألاسكا وروسيا يفصل بينهما مضيق بيرينغ، وفي بعض النقاط لا يتجاوز البعد 4 كيلومترات.
- التعاون البيئي: برامج مشتركة لحماية الحياة البرية في بحر بيرينغ.
- التوتر العسكري الحديث: منذ 2014 ومع تصاعد الخلاف بين واشنطن وموسكو، زادت عمليات اعتراض الطائرات الروسية قرب المجال الجوي لألاسكا.
- الأهمية في الجغرافيا القطبية: ذوبان الجليد في القطب الشمالي جعل من ألاسكا قاعدة أمريكية متقدمة لمراقبة النشاط الروسي في المنطقة القطبية الشمالية.
7- كيف يمكن أن تؤثر “قمة ألاسكا” على مسار الحرب؟
القمة قد تفتح نافذة لوقف إطلاق نار مشروط إذا نجح الضغط الأمريكي—اقتصاديًا (عقوبات ثانوية/رسوم على نفط روسيا) وعسكريًا (تعزيز تسليح أو ضمانات) لكن صيغة اللقاء الثنائي المغلق أولًا بين ترامب وبوتين تعني أن “اختبار النوايا” قد ينتهي إمّا بإطارٍ أوليّ لتهدئة أو بلا نتائج ملموسة سوى إضفاء شرعية على مطالب موسكو و”ديبلوماسية القوى الكبرى” فوق رأس كييف.
سياق الميدان حاسم: روسيا تضغط ناريًا وبشريًا (آلاف القنابل الموجهة والمسيرات في يوليو، وتقدم قرب دوبروبيليا)، ما يمنح الكرملين ثقة تفاوضية أكبر ويجعل أي تجميدٍ للجبهة أقرب إلى “وقف نار على خطوطٍ روسية مُحسَّنة”.
8- ما مدى واقعية خطة ترامب لتبادل الأراضي؟
سياسيًا–قانونيًا: الدستور الأوكراني يحظر التنازل عن الأراضي؛ والرأي العام الأوكراني يرفض “المقايضة”، لذا فقبول كييف بخطة تبادلٍ رسمي صعبٌ جدًا داخليًا.
تفاوضيًا: موسكو تُصرّ على انسحاب أوكراني من كامل دونيتسك ولوهانسك وزابوريجيا وخيرسون (بما يتجاوز ما تسيطر عليه عسكريًا)، إضافةً لتكريس ضمّ القرم وحياد أوكرانيا؛ هذه شروطٌ تتجاوز “المقايضة” وتقترب من الإملاء، ما يجعل الخطة غير واقعية إلا إذا تحولت إلى “تجميد نزاع” de facto بلا اعترافٍ قانوني.
أمريكيًا–أوروبيًا: بعد ضجة التصريحات، نقلت عواصم أوروبية عن ترامب أنه يتفهم أن أي نقاش حول الأرض “يخص أوكرانيا وحدها”، ما يُضيّق هامش فرض صفقة تبادل من الخارج.
9- هل يمكن أن يغيّر أي اتفاقٍ محتمل ميزان القوى العسكري؟
اتفاق وقف نار/تجميد خطوط التماس الآن سيرسخ مكاسب روسيا الميدانية الحالية (نحو خمس أراضي أوكرانيا تحت السيطرة الروسية، وزخم هجومي في دونباس). هذا يخفف الاستنزاف الروسي لكنه يُبقي قدرات موسكو على التعويض وإعادة التنظيم، ما يغيّر الميزان لمصلحتها على المدى القريب.
اتفاقٌ مقرون بضمانات صلبة (رقابة أوروبية، قيود على النيران الجوية/“هدنة جوية”، تعزيز دفاعات أوكرانيا وتسليمات سلاح أسرع وتمويل مستدام) يمكن أن يمنع إعادة الهجوم الروسي ويُعيد توازن الردع حتى مع تجميد الوضع. لكن تحقيق ذلك يتطلب التزامًا أمريكيًا–أوروبيًا واضحًا وبنود تحقق قابلة للتنفيذ.
10- ما هي دوافع بوتين للجلوس الآن مع ترامب؟
تثبيت المكاسب عبر وقف نار على خطوط محسِّنة قبل أي انعطافة ميدانية معاكسة، وتخفيف وطأة العقوبات أو تجنب التصعيد بعقوباتٍ ثانوية أمريكية.
إدارة صورة القوة العظمى: لقاء ثنائي مغلق مع رئيس أمريكي، في قاعدة أمريكية، يكرّس سردية “تفاهم الكبار” ويُهمّش الطرف الأوكراني والأوروبي.
اختبار ترامب: معرفة حدود “الخطوط الحمراء” الأمريكية، وإمكانية انتزاع تنازلات رمزية (حياد، إطارات زمنية لانضمام الناتو) مقابل تهدئة مؤقتة. كما أن اللحظة تأتي بعد شهور من الزخم الروسي ناريًا وبشريًا.
التوقيت: يأتي ذلك في توقيت تحتفل به الولايات المتحدة بذكري انتهاء الحرب العالمية الثانية على الجبهة اليابانية مما قد يدفع ترامب الى التفاؤل باحتمالية التوصل لصفقة محتملة بشأن الحرب الروسية الاوكرانية يستطيع تروجيه إعلاميًا في الداخل الامريكي كونه الرئيس القوى الذي ينظف فوضى الرئيس الأمريكي السابق بايدن.
الموقع الجغرافي: حيث لا تبعد الاسكا عن روسيا سوى بضع كيلومترات فقط ويتواجد الاسطول الروسي بقوة في تلك المنطقة مما يجعلها منطقة امنة نسبيًا للرئيس الروسي بوتين الذي يخشى أن يتم تسليمه لمحكمة العدل الدولية إذا ما مرت طائرته فوق حدود دول اخرى.
11- كيف قد تتفاعل أوروبا وحلف الناتو مع أي تسويةٍ مفاجئة؟
الموقف المُعلن: الاتحاد الأوروبي (مع استثناء هنغاريا) شدد على أن قرار الأرض يعود لأوكرانيا، ويدفع إلى وقف نار أولي مع إشراك كييف وضمانات أمنية صلبة؛ كما سعت عواصم رئيسية (باريس/برلين/لندن) إلى “شد” الموقف الأمريكي بعيدًا عن فكرة تبادل الأراضي.
في حال صفقة تُملي تنازلات: مرجّحٌ ردٌّ أوروبي بتوسيع العقوبات، وتكثيف التسليح وتمويل الاستدامة العسكرية لكييف، وربما الدفع بقوة لآلية رقابة/قوة مراقبة أوروبية على أي وقف نار—مع تحفّظٍ سياسي داخلي بسبب إرهاق الحرب.
بالنسبة للناتو: خطه العريض لن يتبدّل (منع انتصار روسي يُقوِّض الأمن الأوروبي، وزيادة الإنفاق الدفاعي، ودعم أوكرانيا طويل الأمد). لكن تفاصيل “الضمانات” ستعتمد على ما إذا كانت التسوية تُبقي باب الانضمام/الشراكات مفتوحًا أم تفرض حيادًا مُلزِمًا—وهو ما ترفضه كييف وحلفاء كُثُر.
12- السيناريوهات المتوقعة
- السيناريو الأول: محادثات استكشافية (“استماع فقط”)
• تجري القمة في قاعدة Joint Base Elmendorf–Richardson العسكرية في أنكوريج، ألاسكا، ما يجعلها بيئة آمنة ومحكومة لتجنب أي توترات غير محسوبة.
• الولايات المتحدة تصف الاجتماع بأنه "تمرين استماع" ("listening exercise")، بهدف تقييم الوضع دون التزام فوري باتفاقيات.
• ترامب ألمح لاحقًا إلى إمكانية دعوة الرئيس الأوكراني زيلينسكي إلى لقاء لاحق إذا سارت الأمور جيدًا.
- السيناريو الثاني: اتفاق مرحلي أو هدنة مقيدة
• يدرس بعض المحللين السيناريو الذي يمكن أن يؤدي إلى هدنة مؤقتة على غرار نموذج الحرب الكورية 1953، يُمكن أن يجمّد الصراع مؤقتًا.
• من الممكن أن يطلب بوتين "حوافز مالية مثل الغاء العقوبات الدولية بشكل يخدم بوتين داخليًا ويدفع الولايات المتحدة بضرب اقوى ورقة مؤثرة لديها بعرض الحائط دون تشاور مع الدول الاوروبية" أو تهدئة في الموقف الدولي مقابل الاعتراف بالسيطرة الروسية على مناطق مثل دونيتسك ولوهانسك.
• هذا السيناريو يخشى منه أن يؤدي إلى "كسر الجبهة الغربية" أو إضعاف الدعم العسكري لأوكرانيا.
- السيناريو الثالث: انهيار القمة وفشل الاتفاق
• قد يتعثر الاجتماع وينهي دون نتائج ملموسة، وعندها قد يواجه ترامب ضغوطًا للعودة إلى دعم أوكرانيا بفرض عقوبات وتقديم مساعدات عسكرية أوسع.
• ترامب نفسه قدر احتمال الفشل بحوالي 25%، وقال إنه في حال لم يتوصل إلى نتيجة، سيواصل مسيرته الرئاسية دون المساس بـ"أمريكا أولًا".
- السيناريو الرابع: المواجهة الرمزية دون قرارات رسمية
• يرى البعض أن خلاص الاجتماع يبقى محدودًا، وربما يتحول إلى عرض دبلوماسي رمزي بدون توقيع على أي وثائق رسمية.
• رغم ذلك، قد تُشكل القمة انتصارًا رمزيًا لروسيا بعد عزلة دبلوماسية طويلة، لا سيما مع غياب زيلينسكي عن الطاولة.
13- الخلاصة
- ألاسكا:
• بالنسبة لروسيا القيصرية، كانت ألاسكا مشروعًا تجاريًا استعماريًا انتهى لأسباب اقتصادية وعسكرية.
• بالنسبة لأمريكا، تحولت ألاسكا من "صفقة غير مجدية" إلى أهم أصولها الاستراتيجية والاقتصادية.
• جغرافيًا، ألاسكا تبقى أقرب نقطة بين الولايات المتحدة وروسيا، ما يجعلها في قلب أي حسابات أمنية بين القوتين.
- السيناريوهات:
• الأفضل: هدنة مؤقتة مع إطار تفاوضي واضح يحظى بموافقة أوكرانيا وحلفائها.
• الأسوأ: تنازلات تعترف بالسيطرة الروسية دون مقابل، أو فشل يُضعف موقف أوكرانيا والتحالف الغربي.
• الأكثر احتمالاً: الخروج بنتيجة متواضعة في سياق استكشاف تفاوضي، دون انفراجة دراماتيكية، وربما مع تعهّد بوضع خطوات مستقبلية.
هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
كلمات دليلية
التعليقات (0)
أخبار متعلقة
إقرأ أيضا
أحدث الموضوعات



الأكثر قراءة





تعليم وتدريب

