-
℃ 11 تركيا
-
2 أكتوبر 2025
د. محمد الصاوي يكتب: تحليق الشبح فوق القيصر.. ألاسكا ورسائل القوة في الحرب الروسية–الأوكرانية
د. محمد الصاوي يكتب: تحليق الشبح فوق القيصر.. ألاسكا ورسائل القوة في الحرب الروسية–الأوكرانية
-
16 أغسطس 2025, 12:33:58 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بوتين وترامب في ألاسكا وفوقهم قاذفات بي 2
ألاسكا: مسرح استعراض القوة بين واشنطن وموسكو
في خطوة نادرة، شهدت أجواء ولاية ألاسكا الأمريكية تحليق قاذفات B-2 Spirit الشبحية فوق منطقة انعقاد قمة بين الرئيسين الأمريكي والروسي، في ظل مفاوضات تهدف لإنهاء الحرب الروسية–الأوكرانية.
الحدث لم يكن مجرد عرض جوي، بل رسالة استراتيجية مركبة من واشنطن إلى موسكو، تؤكد قدرة الولايات المتحدة على الردع النووي والضغط النفسي في الوقت ذاته. بحسب القوات الجوية الأمريكية، تعتبر B-2 رمزًا للقوة الاستراتيجية، وقادرة على تنفيذ ضربات دقيقة وفعّالة عبر مناطق بعيدة وخطرة، مع الحفاظ على عنصر المفاجأة.
B-2… الشبح الحاملة لرسائل الردع السياسي والنفسي
استخدام القاذفات الاستراتيجية في سياق المفاوضات ليس جديدًا على السياسة الأمريكية. ففي قمة فيينا عام 1961، نفذت واشنطن تدريبات مكثفة لطائرات B-52 حاملة للأسلحة النووية قرب الأجواء السوفيتية، كرسالة ضغط واضحة للقيادة السوفيتية في خضم أزمة برلين.
اليوم، تكرر الولايات المتحدة التكتيك نفسه، لكن مع تحديث تقني هائل: قاذفات B-2 تتميز بقدرتها على التخفي والاختراق، مما يجعل رسالتها أكثر مباشرة وقوة، لتقول لموسكو إن الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام أقصى أدوات القوة إذا فشلت القنوات الدبلوماسية.
من الحرب الباردة إلى ألاسكا 2025: استمرار تكتيكات الردع النفسي
أثناء أزمة الصواريخ الكوبية 1962، كانت التحليقات الاستراتيجية لطائرات U-2 وB-52 متزامنة مع محادثات سرية بين واشنطن وموسكو، بهدف الضغط النفسي على القيادة السوفيتية.
في ألاسكا، تكرر المشهد، لكن مع فارق رئيسي: وجود الرئيس بوتين على الأراضي الأمريكية، في بيئة تخضع بالكامل للسيطرة الجوية الأمريكية، يعزز الرسالة النفسية بأن “الدبلوماسية تسير، لكن القدرة العسكرية جاهزة للإطلاق”.
الفارق في السياق الجيوسياسي
في ذروة الحرب الباردة، كانت المنافسة بين واشنطن وموسكو أيديولوجية–عسكرية شاملة، مع تهديد دائم بحرب نووية شاملة. اليوم، يأتي التحليق في ظل حرب إقليمية محدودة (أوكرانيا) وتحولات اقتصادية عالمية تجعل أي مواجهة مباشرة مكلفة على الطرفين.
واشنطن، وهي تمارس استعراض القوة هذا، تدرك أن بوتين يتفاوض من موقع استنزاف اقتصادي وعسكري، بينما الاتحاد السوفيتي في الستينيات كان في ذروة قوته الاستراتيجية.
أبعاد استراتيجية
الحدث يحمل رسائل متعددة:
للقيادة الروسية: تحذير واضح بأن الولايات المتحدة تملك القدرة على الردع النووي المباشر.
لحلفاء أوكرانيا وأوروبا: تأكيد التزام واشنطن بالضغط على موسكو لتحقيق تسوية محتملة.
للرأي العام العالمي: عرض لمزيج من القوة الدبلوماسية والعسكرية، يُظهر أن الولايات المتحدة ما زالت مسيطرة على المبادرة الاستراتيجية.
وأخيرا وليس آخراً
تحليق B-2 فوق ألاسكا ليس مجرد عرض جوي، بل هو لغة تفاوضية على أجنحة الشبح، تدمج بين الردع النووي والتأثير النفسي وتثبيت معادلة القوة قبل أي اتفاق سلام محتمل.
لكن يبقى السؤال الأكبر:
هل ستقود أجنحة الشبح إلى مسار سلام محتمل، أم ستشكل استفزازًا يزيد من حدة التصعيد؟
1. القوات الجوية الأمريكية – B-2 Spirit Fact Sheet: https://www.af.mil/About-Us/Fact-Sheets/Display/Article/104482/b-2-spirit
2. قيادة الضربات العالمية – القوات الجوية الأمريكية: https://www.afgsc.af.mil/About/Fact-Sheets/Display/Article/454598/b-2-spirit
3. وزارة الدفاع الأمريكية – وثائق قمة فيينا 1961: متاحة عبر الأرشيف الوطني أو عبر طلب الوصول الرسمي.
4. الأرشيف الوطني الأمريكي – أزمة الصواريخ الكوبية: https://www.archives.gov/research/foreign-policy/cuban-missile-crisis
5. Reuters – تغطية القمة: https://www.reuters.com
6. The War Zone – تحليل الاستعراض العسكري: https://www.thewazone.com










