عملية خانيونس الخاصة: محاولة اعتقال انتهت بالاغتيال وفشل تكتيكي؟

profile
  • clock 19 مايو 2025, 7:25:49 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تحرير : رامي أبو زبيدة

في ساعة مبكرة من صباح اليوم، نفذت وحدة إسرائيلية خاصة عملية ميدانية معقدة في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، أسفرت عن استشهاد القيادي بالمقاومة أحمد كامل سرحان، واختطاف زوجته وطفله، وسط تغطية جوية كثيفة وعشرات الغارات التي أسفرت عن سقوط شهداء مدنيين، بينهم أطفال ونساء.
لكن ما بدا كعملية نوعية تستهدف هدفًا حساسًا، سرعان ما اتضح أنها قد تكون قد خرجت عن السيطرة أو فشلت في تحقيق هدفها الأصلي.

تسلل تنكري ومجزرة قصيرة الزمن

بحسب روايات شهود العيان، وصلت إلى شارع مارس في حيّ المحطة حافلة بيضاء اللون تقلّ مجموعة من المستعربين متنكرين بلباس نسوي، بعضهم بنقاب والآخرون بوجوه مكشوفة. تسعة أفراد دخلوا منزلًا لعائلة سرحان، كان قد تعرض لقصف سابق، قبل أن يسمع صوت إطلاق نار وينسحب عناصر القوة الخاصة تحت تغطية من الطيران الحربي، بعد نحو 20 دقيقة من بداية العملية.

في الأثناء، شنت الطائرات الإسرائيلية غارات عشوائية على محيط العملية، استهدفت أحدها عائلة مدنية ما أدى إلى استشهاد 6 مواطنين، كما تعرض مجمع ناصر الطبي لقصف مباشر في تصعيد وُصف بـ"الوحشي" من مصادر محلية.

تضارب واختناق في التفاصيل

الإعلام العبري لم يكن على قلب رجل واحد في رواية ما جرى. إذ قال يوسي يهوشع، المراسل العسكري في يديعوت أحرونوت، إن هدف العملية كان اعتقال القيادي أحمد سرحان للتحقيق معه بشأن ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة، مشيرًا إلى أهمية الشخصية المستهدفة.

من جهته، أشار دورون كدوش، مراسل إذاعة جيش الاحتلال، إلى أن إرسال قوة خاصة بلباس مستعربين إلى منطقة شديدة الخطورة لا يُرجّح أن يكون من أجل تنفيذ اغتيال، بل محاولة خطف واعتقال حيّ، معتبرًا أن تنفيذ اغتيال كان يمكن أن يتم بضربة جوية دقيقة دون المخاطرة بالقوات.

لكن العملية انتهت باستشهاد الهدف، مما يشير إلى فشل في تحقيق الغرض الأساسي، خاصة وأن مصادر إسرائيلية نفت لاحقًا أن تكون المهمة مرتبطة بمحاولة تحرير أسرى كما زُعم في تقارير أولية، ما يعمّق الغموض حول الهدف الفعلي.

ما الذي حدث فعلاً؟

العملية تحمل بصمات ما يُعرف في العقيدة الأمنية الإسرائيلية بـ"الكمين الاستخباري التكتيكي"، حيث يتم استغلال اللحظة المناسبة لاستدراج أو اقتحام موقع هدف بشري حي، لاعتقاله أو انتزاع معلومات حيوية منه، خاصة إن كان مرتبطًا بملف الأسرى أو غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة.

غير أن سير العملية، واستشهاد سرحان، واعتقال عائلته، والانسحاب تحت نيران كثيفة، تشير إلى تعقيد ميداني ربما فاق التقديرات الإسرائيلية. المعلومات المتوفرة تؤكد أن المنزل كان مدمرًا جزئيًا، ما قد يدل على محاولة استغلال حالة النزوح والإخلاء القسري التي سبقتها بيوم لتبرير دخول القوة بغطاء نسائي.

المؤشرات الاستخبارية تفيد أن أحمد سرحان كان شخصية محورية في ملفات أمنية حساسة، وقد يكون له دور في إدارة مفاوضات أو احتجاز أسرى إسرائيليين لدى المقاومة، ما يفسر خيار الاعتقال بدل التصفية.

لكن مقتل سرحان، والارتباك في التعاطي الإعلامي الإسرائيلي، يلمح إلى أن العملية فشلت في تحقيق هدفها النهائي، ما يعيد إلى الأذهان فشلًا مشابهًا في عملية خانيونس أواخر 2018، والتي انتهت بكشف قوة خاصة ومقتل قائدها.

عملية خانيونس فجر اليوم، وإن كانت محسوبة بدقة في تخطيطها، إلا أن نتائجها كشفت عن خلل استخباري أو ميداني أدى إلى فشل هدف الاعتقال وتحوله إلى اغتيال، وهو ما قد يحمل تداعيات على مستوى التصعيد الميداني وتوازن الردع، خاصة في حال تبين أن الاحتلال كان يسعى لإحداث خرق في ملف الأسرى.

سلوك القوة الخاصة، وتوقيتها، وطريقة التنكر، يشيران إلى أن إسرائيل باتت تعاني من شحّ في بنك الأهداف البشرية المؤثرة، أو على الأقل تحاول عبر عمليات كهذه استعادة زمام المبادرة في ساحة حرب تخوضها منذ شهور دون نصر حاسم.
 

التعليقات (0)