مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى: "مركبات جدعون 2" تعرض أمننا القومي للخطر بصورة غير مسبوقة

profile
  • clock 17 سبتمبر 2025, 1:18:23 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يسرائيل هيوم - يوآف ليمور

تسود قيادة الجيش الإسرائيلي حالة من التحفظ والقلق الشديدَين إزاء انطلاق عملية "مركبات جدعون 2" التي تبدأ في قطاع غزة. وعبّرت مصادر أمنية رفيعة عن مخاوفها من أن العملية، إلى جانب محاولة الاغتيال الأخيرة في قطر، قد تعرّض الأمن القومي الإسرائيلي لخطر غير مسبوق.

في نهاية الأسبوع، كثّف الجيش الإسرائيلي ضرباته في غزة، تمهيداً للعملية المرتقبة، بالتزامن مع زيادة الجهود لدفع السكان الفلسطينيين إلى مغادرة مدينة غزة، وعلى الرغم من هذه الجهود، فإن استجابة السكان كانت محدودة حتى الآن. وتشير التقديرات إلى أن عدداً كبيراً منهم سيغادر حين تبدأ القوات بالتقدم الفعلي، لكن الجيش الإسرائيلي يحذّر من بقاء ما بين 100 و300 ألف مدني في المدينة، وهو ما سيُعقّد سَير العملية بشكل كبير.

خلال هذا الأسبوع، يُتوقع أن يقوم الجيش بتجنيد نحو 20 ألف جندي احتياط بموجب أوامر استدعاء طارئة (أوامر رقم 8) وهُم، في معظمهم، سيحلّون محل الوحدات النظامية التي سيتم نقلها للمشاركة في العمليات في داخل غزة، والبقية ستُوزَّع لتعزيز جبهات أُخرى، فضلاً عن 60 ألف جندي احتياط تم استدعاؤهم في بداية الشهر. ستُرسَل قوات الاحتياط، في معظمها، إلى الضفة الغربية والحدود السورية واللبنانية، بينما الوحدات النظامية ستقود المعركة في قطاع غزة.

في الأيام الأخيرة، ازداد الضغط من القيادة السياسية على الجيش للإسراع في تنفيذ العملية، على الرغم من التحذيرات المتكررة من رئيس الأركان وكبار الضباط، وكذلك من مسؤولين في الموساد والشاباك ومجلس الأمن القومي، والذين يشككون في قدرة العملية على تحقيق هدفها المعلن، وهو القضاء على "حماس"، وأشار هؤلاء إلى أن الخطة الحالية قد تستغرق شهوراً، وتعرّض حياة الأسرى للخطر، وتؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة في صفوف الجنود، وستجرّ إسرائيل  إلى مواجهة حادة مع المجتمع الدولي بسبب صور الدمار والضحايا المدنيين في غزة.

لقد ازداد القلق الأمني بعد محاولة الاغتيال في العاصمة القطرية الدوحة في الأسبوع الماضي. لم تتضح نتائج العملية بالكامل بعد، بسبب حالة من التعتيم الإعلامي المفروضة من طرف "حماس" وقطر، لكن التقديرات تشير إلى أن العملية فشلت، أو نجحت بشكل محدود، لا أكثر.

وجّهت مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة انتقادات قاسية إلى العملية التي نُفّذت، على الرغم من معارضة رئيس الأركان ورئيس الموساد ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية ورئيس مجلس الأمن القومي.

وعلى الرغم من عدم معارضتهم مبدأ استهداف قيادات "حماس"، فإنهم تحفّظوا بشدة عن توقيت العملية، وبشكل خاص في ظل وجود مقترح أميركي بشأن وقف الحرب. ومكان تنفيذها (داخل الأراضي القطرية)، واحتمال تورُّط إسرائيل.

ويبدو كأن هذه الانتقادات قللت من حجم الضرر الذي تسببت به إسرائيل لنفسها. لقد اعتُبرت العملية ضربةً للمساعي الدولية لوقف إطلاق النار وإعادة الأسرى، وبغياب قطر كوسيط، أصبحت إسرائيل مضطرة إلى الاستمرار في الحرب، من دون خيارات سياسية فعّالة، وتُحمَّل المسؤولية الكاملة عن تبعاتها.

علاوةً على ذلك، أدت العملية إلى تدهور كبير في علاقات إسرائيل الدولية، إذ سارعت الدول الغربية إلى إدانة الهجوم على قطر، بينما عبّرت الدول العربية، بما فيها حلفاء لإسرائيل، عن غضب شديد من احتمال أن تمتد العمليات إلى أراضيها؛ فاقترحت مصر تأسيس "حلف إقليمي" (يشبه الناتو العربي) لضمان "الحماية المتبادلة من العدوان الخارجي"، وهو اقتراح موجّه، ضمنياً، ضد إسرائيل. هذه المبادرة تعني أن إسرائيل أصبحت على حافة مواجهة مفتوحة مع عدد من الدول العربية، حتى مع تلك التي تربطها بها علاقات سلام وتطبيع.

قبل شهرين ونصف الشهر فقط، وبعد الحرب مع إيران، كانت التقديرات تشير إلى أن إسرائيل ستقود تحالفاً إقليمياً ضد الخطر الإيراني وخطر الإخوان المسلمين. لكن اليوم، نجحت إسرائيل – بحسب التحليلات – في توحيد الصف العربي ضدها، حتى بين خصوم، مثل قطر والسعودية ومصر والإمارات.

الجدير بالذكر أن وزير الخارجية الإيراني زار القاهرة يوم الجمعة الماضي، ويوم الاثنين، تُعقد في  قطر قمة تحت عنوان "الإرهاب الرسمي لدولة إسرائيل"، سيحضرها الرئيسان الإيراني والتركي.

إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تُظهر دعماً علنياً لإسرائيل، لكن تسربت منها إشارات تعبّر عن استياء عميق من عملية الدوحة؛ في نهاية الأسبوع، التقى الرئيس الأميركي رئيس وزراء قطر، في محاولة لإصلاح العلاقات بعد الهجوم. وقال مصدر إسرائيلي رفيع "إننا نجحنا في تحويل دولة قطر إلى شهيدة مقدسة، وبدلاً من أن نؤذي أعداءنا، قمنا بتقويتهم".

تُضاف إلى الضرر بالعلاقات مع قطر أضرار سياسية أُخرى تتراكم، يوماً بعد يوم، ومن المتوقع أن تتفاقم مع بدء العملية الموسعة في غزة؛ أوروبا تتحدث بصراحة عن فرض عقوبات ومقاطعات اقتصادية وأكاديمية وثقافية لإسرائيل. وهناك احتمال لتوسيع حظر تصدير الأسلحة من دول أُخرى، وهو ما قد يؤثر في قدرات الجيش الإسرائيلي التشغيلية. وهناك مخاوف من انهيار صفقات عسكرية وضرب صادرات السلاح الإسرائيلي، التي تُدخل مليارات الدولارات سنوياً.

مصادر أمنية وصفت التهديدات الحالية بأنها الأخطر على الإطلاق على الأمن القومي الإسرائيلي؛ الحكومة، من جهتها، ترفض هذه التحذيرات، وتعتبرها "تهويلاً"، لكن في الجيش يرون أن العكس هو الصحيح، وأن السياسات الحالية هي التي تُفشل فرصة الحسم، وتدفع إسرائيل نحو خسارة قد تكون أثقل وأخطر مما يمكن تحمُّله.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)