-
℃ 11 تركيا
-
17 سبتمبر 2025
“نيويورك تايمز”: تساهل ترامب يمنح نتنياهو "بطاقة مجانية" لمواصلة حرب غزة
وسط تحذيرات دولية
“نيويورك تايمز”: تساهل ترامب يمنح نتنياهو "بطاقة مجانية" لمواصلة حرب غزة
-
17 سبتمبر 2025, 3:27:39 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
قال الصحفي مايكل كراولي في تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، بعد مرافقة وزير الخارجية الأمريكي في زيارته إلى إسرائيل وقطر، إن موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتساهل تجاه العدوان الإسرائيلي يمنح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عمليًا "بطاقة مجانية" للتصعيد في غزة. وأوضح كراولي أن نتنياهو فسّر غياب أي ضغط جدي من ترامب، وعدم دعوته لضبط النفس أو معارضة العملية، كضوء أخضر لمواصلة تدمير غزة دون قيود.
فارق صارخ عن حقبة بايدن
يزعم التقرير أن المقارنة مع عهد بايدن تُظهر التناقض الواضح؛ ففي أوائل 2024، حين استعدت إسرائيل لشن هجوم على رفح المكتظة بالسكان، حاول مسؤولو إدارة بايدن التأثير على الخطة ملوحين بوقف شحنات الأسلحة الأمريكية إذا لم تضع إسرائيل تصورًا "قابلًا للتنفيذ" لحماية المدنيين. أما اليوم، ومع انطلاق الهجوم الإسرائيلي البري الجديد على مدينة غزة، فقد اكتفى ترامب بالمراقبة من بعيد، متجنبًا منح موافقة صريحة لكنه في الوقت نفسه لم يوجّه أي معارضة أو ضغط.
صمت البيت الأبيض وتناقض الرسائل
ترامب، الذي يحرص على تقديم نفسه كـ"صانع سلام"، قال خارج البيت الأبيض إنه لم يناقش الهجوم مع نتنياهو، وإنه لا يعرف الكثير عن تفاصيله. ورغم خطابه العلني المتكرر بضرورة إنهاء الحرب التي تدخل عامها الثالث، فإن تقاعسه العملي أظهر رضاه عن استمرارها. هذه الازدواجية اعتبرها كراولي دليلاً على أن ترامب يكتفي بالتصريحات الشكلية، بينما يترك لنتنياهو مساحة واسعة لتوسيع الحرب.
دبلوماسية عرجاء وغياب استراتيجية
ونقلت الصحيفة عن دانيال كيرتزر، السفير الأمريكي الأسبق في إسرائيل خلال إدارة جورج بوش الابن، قوله إن "ترامب يريد إنهاء الحرب وإعادة الأسرى، لكنه لا يملك استراتيجية ولا الرغبة في الضغط على نتنياهو". وأضاف أن تهديدات ترامب لحركة حماس تُفسر من قبل نتنياهو كإذن بالمضي في الحرب، ما يجعل دبلوماسية الرئيس الأمريكي "تعمل ضد نفسها". ورغم ذلك، يرى كيرتزر أن ترامب يمتلك فرصة أفضل من أي طرف آخر لفرض إنهاء الحرب إذا تجاوز مرحلة التصريحات الفارغة.
غموض في جولة روبيو الشرق أوسطية
زيارة وزير الخارجية ماركو روبيو إلى الشرق الأوسط لم تقدم وضوحًا أكبر حول نوايا واشنطن. فقبيل توجهه إلى إسرائيل، استبعد روبيو الضغط على نتنياهو لإلغاء الهجوم على غزة، مؤكدًا أن بلاده "تستمع أكثر مما تتحدث". وفي المؤتمر الصحافي مع نتنياهو، لم يبدِ أي اعتراض على دعوات الأخير لـ"هزيمة حماس"، بل حمّل الحركة وحدها مسؤولية استمرار الحرب. وحتى حين أكد على رغبة ترامب في التوصل إلى وقف إطلاق النار وإطلاق الأسرى، تجاهل التحذيرات العربية والإسلامية من أن العملية قد تدفن أي آمال متبقية في السلام.
تصريحات متناقضة لترامب
يُذكر أن ترامب سبق أن وجّه انتقادات مبطنة لنتنياهو، مشيرًا في مارس إلى أنه "يجب أن يُنهي حربه"، لكن هذه اللهجة اختفت مؤخرًا. بل إنه في يوليو وصف حماس بأنها "تريد الموت"، ملمحًا إلى انعدام جدوى أي مفاوضات معها. وفي أغسطس، رفض الفكرة القائلة بأن الاحتلال الكامل لغزة مستحيل، قائلًا: "الأمر متروك لإسرائيل بدرجة كبيرة". ويرى التقرير أن هذا التحول يؤكد نزعة ترامب إلى توفير غطاء سياسي غير مشروط لنتنياهو.
المساعدات الإنسانية وتجويع الفلسطينيين
الخلاف الوحيد الذي برز بين ترامب ونتنياهو كان على خلفية تقارير تجويع الأطفال في غزة. ففي يوليو أصر الرئيس الأمريكي على زيادة دخول المساعدات الإنسانية، رافضًا مزاعم نتنياهو بأن الحديث عن المجاعة "مبالغ فيه". لكن منذ ذلك الحين، تراجع ترامب عن متابعة الملف، متجاهلًا تقارير المنظمات الإنسانية التي تؤكد نقصًا كارثيًا في الغذاء والدواء.
مقارنة مع بلينكن ونهج بايدن
كراولي قارن بين أداء روبيو ونهج أنتوني بلينكن، وزير خارجية بايدن، الذي كان يواجه نتنياهو مباشرة بشأن المساعدات الإنسانية، ويحرص على لقاء السلطة الفلسطينية في رام الله خلال زياراته المتكررة. أما روبيو فقد ركز على علاقاته مع نتنياهو متجنبًا ملفات المدنيين. صحيح أن جهود بايدن لم توقف الحرب، لكنها مهدت لوقف إطلاق النار المؤقت الذي تحقق لاحقًا، بينما لم يقدم نهج ترامب سوى "شيك مفتوح" لنتنياهو، بحسب شهادة إيلان غولدنبرغ، المسؤول السابق في إدارتي أوباما وبايدن.
اختبار جديد يقترب في الأمم المتحدة
تقرير نيويورك تايمز يوضح أن تساهل ترامب سيخضع قريبًا لاختبار دولي مع اقتراب انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث تعتزم عدة دول حليفة لأمريكا — مثل فرنسا وأستراليا وكندا وبريطانيا — الاعتراف بدولة فلسطينية. ورغم الطابع الرمزي للخطوة، فإنها تثير غضب إسرائيل وتهديدات بضم أجزاء من الضفة الغربية، وهو ما قد ينسف علاقاتها مع بعض الدول العربية التي طبّعت معها ضمن اتفاقيات أبراهام التي تفاخر بها ترامب.
مستقبل الغموض ومصير الحرب
تختتم الصحيفة بالقول إن أي ضم جديد للضفة سيجعل استكمال مشروع التطبيع العربي الذي كان ترامب يأمل في توسيعه — ليشمل السعودية على وجه الخصوص — شبه مستحيل. عندها سيكون على الرئيس الأمريكي أن يقرر ما إذا كان سيستمر في منحه الضوء الأخضر لنتنياهو، أو يفرض لأول مرة قيودًا حقيقية على حليفه الأكثر استفادة من سياسة التساهل الحالية.


.jpeg)




