-
℃ 11 تركيا
-
14 يونيو 2025
عمر محمد العرب يكتب: من الظل إلى الاشتعال: إيران وإسرائيل وجهًا لوجه في قلب العاصفة الإقليمية
من الحروب بالوكالة إلى المواجهة المباشرة
عمر محمد العرب يكتب: من الظل إلى الاشتعال: إيران وإسرائيل وجهًا لوجه في قلب العاصفة الإقليمية
-
14 يونيو 2025, 11:09:34 ص
-
423
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
تشهد منطقة الشرق الأوسط لحظة من أخطر لحظات تاريخها المعاصر، مع اندلاع مواجهة مباشرة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودولة الاحتلال الإسرائيلي. فبعد عقود من الصراع غير المعلن، والحروب بالوكالة التي دارت في أطراف المنطقة، ها هي نيران الحرب تندلع بين الخصمين الرئيسيين، على مرأى ومسمع من العالم، في مشهد يعيد رسم خريطة التحالفات والتوازنات الإقليمية والدولية.
أولًا: من الحروب بالوكالة إلى المواجهة المباشرة
لطالما خاضت إيران وإسرائيل صراعهما الاستراتيجي عبر ساحات غير مباشرة. فمن غزة إلى لبنان، ومن العراق إلى سوريا، كانت أذرع طهران تمثل قوة الردع والمواجهة، فيما كانت تل أبيب تحرص على توجيه ضربات محسوبة، تتجنب الانزلاق إلى مواجهة شاملة.
لكنَّ الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مواقع حساسة داخل العمق الإيراني، بما في ذلك منشآت نووية ومراكز عسكرية استراتيجية، مثّلت نقطة تحوّل مفصلية. فقد ردّت طهران مباشرة، ووجّهت ضربات صاروخية دقيقة إلى مراكز عسكرية ومطارات ومنشآت حيوية داخل إسرائيل، معلنة بذلك انتهاء عهد الحروب بالوكالة، وبداية مرحلة جديدة من المواجهة المفتوحة.
ثانيًا: تداعيات استراتيجية على المنطقة
اندلاع الحرب المباشرة بين إيران وإسرائيل شكّل صدمة إقليمية، وفتح الباب أمام سلسلة من التداعيات العميقة:
في لبنان، دخل حزب الله المعركة جزئيًا عبر ضربات محدودة على الجبهة الشمالية، مع احتفاظه بخيارات التصعيد الكبرى في حال توسعت الحرب.
في سوريا، تجدّدت الغارات الإسرائيلية على مواقع تابعة للحرس الثوري، وسط تخوّف من تحوّل الساحة السورية إلى جبهة اشتباك شاملة.
في العراق، أعلنت فصائل "الحشد الشعبي" رفع جاهزيتها القتالية، ولوّحت بالرد على أي استهداف إسرائيلي لمواقعها.
في اليمن، أطلق الحوثيون تهديدات باستهداف المصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر، ما يُنذر بامتداد رقعة النار نحو الممرات المائية الدولية.
في الخليج العربي، ساد القلق من احتمال إغلاق مضيق هرمز، أو استهداف المنشآت النفطية، مما دفع بعض الدول إلى تعزيز دفاعاتها الجوية والتنسيق مع القوات الغربية المنتشرة.
ثالثًا: مواقف الحلفاء واصطفاف المحاور
1. إسرائيل وحلفاؤها الغربيون: دعم مطلق
أعلنت الولايات المتحدة دعمها الكامل لإسرائيل، وفعّلت شراكتها العسكرية معها عبر إرسال تعزيزات إلى قواعدها في المنطقة. كما استخدمت حق النقض في مجلس الأمن الدولي لمنع أي إدانة، مؤكدة "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
2. إيران ومحور المقاومة: جاهزية للرد
تُدير طهران المعركة بمقاربة "الردع المتوازن"، مع الحفاظ على خطوط حمراء للرد المباشر. وتُظهر أذرعها العسكرية من اليمن إلى لبنان استعدادًا للدخول في المعركة عند الحاجة، ما يوفر لإيران شبكة دعم قتالية موزعة جغرافيًا.
3. روسيا والصين: دعم سياسي وتحفّظ عسكري
رغم دعوتهما إلى ضبط النفس، لا تُخفي موسكو وبكين تنديدهما بالسياسات الإسرائيلية. وتدعمان طهران سياسياً في المحافل الدولية، وتوفّران لها نوعًا من الغطاء الدبلوماسي دون الانخراط العسكري المباشر.
رابعًا: سيناريوهات محتملة للصراع
* توسّع الحرب إلى مواجهة إقليمية شاملة:
إذا ما تجاوزت إسرائيل الخطوط الحمراء الإيرانية، وخاصة باستهداف منشآت نووية، فإن الرد الإيراني قد يتضمن استهداف قواعد أميركية ومصالح غربية، ما ينذر بحرب إقليمية مفتوحة.
* حرب استنزاف مديدة:
قد تختار الأطراف إدارة الصراع بضربات محسوبة ومنضبطة لتجنّب الحرب الشاملة، ما يعني حرب استنزاف قد تطول لعدة شهور أو أكثر، تستنزف الموارد وتؤجج الأزمات.
* وساطات دولية تهدف للتهدئة:
قد تظهر مبادرات من دول مثل سلطنة عُمان أو قطر أو حتى تركيا لإعادة ضبط قواعد الاشتباك. نجاح هذه المبادرات سيعتمد على مدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات.
خامسًا: الانعكاسات الاقتصادية والأمنية
أسواق الطاقة تشهد اضطرابًا كبيرًا، مع ارتفاع أسعار النفط والغاز وتضخم عالمي متصاعد.
أمن الملاحة البحرية بات مهددًا في الخليج والبحر الأحمر، ما ينعكس على التجارة الدولية وكلفة التأمين.
الاقتصادات الهشة في دول مثل لبنان والعراق وسوريا تواجه مخاطر أكبر، مما يفاقم الأزمات الإنسانية والمعيشية فيها.
سادسًا: من يدفع الثمن؟
الشعوب في المنطقة هي من تدفع الكلفة الباهظة لهذا التصعيد، من خلال تهجير جديد، وانهيار الخدمات، وانعدام الأمان، وسط صمت دولي يشاهد المشهد كأنه فيلم سينمائي، لا مصير شعوبٍ تبحث عن حياة بكرامة وأمان.
خاتمة: هل دخلنا عهد ما بعد الردع؟
لقد سقطت منظومة الردع التقليدية التي كانت تحكم العلاقة بين إيران وإسرائيل. وبدأت مرحلة جديدة قائمة على المواجهة المباشرة، والردع الناري المتبادل، ما يُنذر بإعادة رسم التوازنات ليس فقط في الشرق الأوسط، بل على مستوى العلاقات الدولية أيضًا.
ويبقى السؤال المقلق: هل نحن على أعتاب شرق أوسط جديد يتشكل من تحت الرماد، أم أننا أمام انهيار شامل لكل ما تبقّى من بنى الدول والشعوب









