-
℃ 11 تركيا
-
16 سبتمبر 2025
د. صلاح أبو غالي يكتب: غـــزة..حياة على حافة الموت والآلاف ينزحون جنوبًا بحثاً عن النجاة إن استطاعوا إليها سبيلاً
د. صلاح أبو غالي يكتب: غـــزة..حياة على حافة الموت والآلاف ينزحون جنوبًا بحثاً عن النجاة إن استطاعوا إليها سبيلاً
-
16 سبتمبر 2025, 10:43:58 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في ظل صمت العالم عن إبادة شعب بأكمله في غزة، تواصل آلة القتل والتدمير الصهيونية من طائرات ودبابات وريبوتات مفخخة تدمير وإحراق البيوت وقتل البشر والشجر، ويهرب الناس ليلاً ونهاراً فراراً بنسائهم وأطفالهم بحثاً عن مكان أو مأوى آمن، ولكن لا يجدون، فكل مكان بغزة أصبح مستهدف ومستباح، والكثير من الجثث ملقاة على الطرقات، وأخرى عالقة تحت ركام المنازل المقصوفة والمهدمة، ومع قلة الإمكانات لدى أجهزة الدفاع المدني والإسعاف، قلة قليلة من يكتب له النجاة، وفي أحسن الأحوال يتم انتشال جثته أو أجزاء منها لتكريم دفنها، مع ندرة القبور..
يهربون من موت إلى موت:
في الوقت الذي لا ترصده عيون الكاميرات، ولا تعرضه وسائل الإعلام والتي باتت تُستهدف كما شعب غزة، ورغم ملاحقة الصحفيين ونقصد القلة التي تبقت منهم للأحداث هنا أو هناك، محاولين نقل الحقيقة للعالم، فهم أيضاً يهربون مع جموع الراحلين فراراً من هول القصف والتدمير الممنهج للأبراج العالية، والتي تغطي شظاياها مناطق واسعة وتصيب من حولها، ويطالها التدمير، فتسقط بعد أو مع البيوت والأبراج المستهدفة، ويتساقط معها الناس ممن تواجدوا لحظة الإستهداف، بين مصاب وشهيد، فمن موت إلى موت يفرون ويهربون بحثاً عن طوق نجاة..
محاولة نزوح وتكاليف باهظة:
وسط هول المشهد، واستطاعة بعض الأسر الوصول لمنطقة مواصي غزة، أو الشوارع الموصلة لشاطيء البحر وأشهرها "شارع الرشيد"، إلا أن حركة المرور بطيئة، والعربات والشاحنات عالقة على شارع الرشيد، وكثير من السكان غير قادرين على التنقل بسبب نقص وسائل النقل..
وبخلاف المعهود، يلاحظ إرتفاع التكاليف، حيث تصل إلى 3000 دولار للأسرة الواحدة، ويقول الكثيرون إنهم كانوا سيغادرون، لكن لم يتم العثور على خيام أو شقق سكنية في الجنوب..
قد يبلغ سعر غطاء بلاستيكي (شادر) للمأوى 500 شيكل، والخيمة 6000 شيكل، والشقة غير المفروشة 3000 دولار، والشقة المفروشة 5000 دولار..
ورغم الحرب والدمار، وقلة ما باليد من مال، يستغل بعض السكان الوضع، بل ويؤجرون حدائق أو أرصفة مقابل 1000 دولار شهريًا للأسرة الواحدة..
إلا أن هناك بعض جماليات للصورة، تكمن في بروز بعض أهل الخير في الجنوب ممن أعلنوا السماح بالسكنى في أراضيهم، وعرضوا مئات الدونومات وخصصوها لذلك، ومنهم من فتح بيوته ومخازنه لذلك الغرض ودون مقابل، ولكنها مع الأسف قلة قليلة..
وعلى ذلك بات يفترش الناس الطرقات، والكثير من الأسر تنام بلا أغطية، وهناك من لم يحالفهم الحظ بأخذ أغطية وملابس، ويعيشون بحالة مزرية، ومحاولة نزوح يائسة بلا هدف، هذا إذا استطاعوا إلى ذلك سبيلاً..
الخاتمـــة:
قد ينجح البعض ممن حالفهم الحظ الوصول جنوباً، ولكن مأساتهم تكمن في وصول شاطيء المجهول، لا أماكن أو ساحات فارغة، إكتظاظ خيام، والناس تراهم جموعاً تتزاحم حتى في المتر الواحد، والكثيرون ينامون في الطرقات العامة وعلى شاطيء البحر..
حالة من القهر واليأس تجتمع على الناس، من قصف ودمار، وحرارة صيف، وجوع، وخيام رثة بالية إن وجدت، ولا وجود لمياه نظيفة أو صالحة للشرب، او أماكن صحية لقضاء الحاجة، أو معالم لحياة آدمية..
ومع قلة ذات اليد، بات يعيش الكثيرون تحت خط الفقر بمقاييس كبيرة، والعالم يرى بعين واحدة، ولا أحد يستنكر، أو يتكلم، وكأن غزة قطعة من كوكب آخر، وشعبها ليسوا من البشر، فلا مؤسسات حقوقية تعمل أو تدين ممارسات القتل والتدمير الصهيوني الممنهج لمناطق واسعة بقطاع غزة، ولا إعلام دولي ينقل المشهد، والقانون الدولي معطل، وفي أحسن الحالات، تكون الأحداث خبر عابر يظهر مصادفة عبر بعض وسائل الإعلام، وبعض الوسائل الإعلامية المأجورة تعكس الصورة، وتظهر أن شعب غزة هو المجرم، ويستحق ما يحدث له، ويتم تجميل صورة الجلاد الصهيوني ويبرز كضحية، إنه العالم الأصم الأبكم وقد أصابه العور، بل أصابه العمى وتجرد من كل معاني الإنسانية..
📌وهنا سؤال موجه لنا كأهل غزة: في ظل حالة النزوح هرباً من الموت، وحالة الفزع والهلع، لماذا يتم استغلال حالة النازحين، أليسوا هم منا ونحن منهم؟ هل أنتم حقاً شعب يباد، وهل هذه أخلاق المسلمين، فهل فكرتم للحظة أنها قد تدور عليكم الدوائر؟!
📌وسؤال موجه للعالم: لو أصيبت في بلدانكم قطة أو كلب لهرعتم بمؤسسات حقوق الحيوان لنجدته ورعايته، ألا ترى عيونكم ما يحدث لشعب غزة؟ أليسوا هم بشر مثلكم؟ وهل ذنبهم أنهم وجدوا على هذه الأرض؟ أم تجردتم من قيم الإنسانية وماتت ضمائركم، وتحكمكم تقاطعات المصالح؟!
📌وسؤال موجه للأمة العربية: أشبعتم أذاننا شعارات وطنية، وقومجية، وعروبية، وتغنينا معكم "بلاد العرب أوطاني"، ونتشارك ذات اللغة والدم والدين، ألم تصحوا ضمائركم الغائبة من نومتها؟ ومتى تتحرك نخوة المعتصم في قلوبكم فتهرهوا لنجدة إخوانكم بغزة؟ أم أن أرض غزة شيطانية تستوجب الحرق ويذبح أهلها، فتغتسل ضمائركم من دمائهم بحثاً عن طهارة؟!
"نزوحٌ وجوعٌ وقهر الخيام، شهدنا صنوفَ العذاب الزؤام، ونحيا عذاباً وكنا كراماً، فلا خير فيكم ولا يجدي كلام... يــا عــرب!!".








