قطر وأمريكا على أعتاب صفقة دفاعية كبرى بعد العدوان الإسرائيلي على الدوحة

profile
  • clock 16 سبتمبر 2025, 4:26:23 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال لقاء مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في الدوحة يوم الثلاثاء - رويترز

رويترز

قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، إن قطر والولايات المتحدة تقتربان من إبرام اتفاق موسع للتعاون الدفاعي، وذلك بعد الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قادة سياسيين لحركة «حماس» في العاصمة القطرية الدوحة الأسبوع الماضي. 

وفي تصريحات أدلى بها أثناء مغادرته تل أبيب متوجِّهاً إلى الدوحة، قال ماركو روبيو إن «لدينا شراكة وثيقة مع القطريين، وفي الواقع لدينا اتفاق موسع للتعاون الدفاعي نعمل عليه منذ فترة، ونحن على وشك إتمامه». وأضاف البيان أن هذا التطور يأتي في سياق تداعيات سياسية وأمنية أثارتها الضربة الأخيرة، بما يعجل بضرورة بلورة ما وصفته الدوحة باتفاق استراتيجي متجدد مع واشنطن.

بحسب تصريح لوزارة الخارجية القطرية ألقاه متحدثها ماجد الأنصاري بعد زيارة روبيو، فإن الهجوم الإسرائيلي «يسرّع الحاجة إلى اتفاق دفاعي استراتيجي متبادل بيننا وبين الولايات المتحدة»، مشيراً إلى أن الفكرة ليست جديدة بالكلية لكنها باتت أكثر إلحاحاً بعد هذا الاعتداء. 

وأكد الأنصاري في إحاطة إعلامية أن الدوحة ناقشت مع روبيو سُبل تعزيز التعاون الدفاعي وكيفية حماية السيادة القطرية في ضوء التطورات الأخيرة. كما جاء في بيان الديوان الأميري أن النقاش شمل آليات العمل المشترك لجهود دبلوماسية لوقف إطلاق النار في غزة والإجراءات المرتبطة بإطلاق سراح الرهائن وإدارة تبعات الضربة في الدوحة.

حساسية الهجوم

تكتسب الضربات التي وقعت في الدوحة حساسية استثنائية لأنها طاولت دولة تُعتبر حليفًا مهمًا للولايات المتحدة وتستضيف على أراضيها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، ما يجعلها مسألة استراتيجية بامتياز. وبهذا المعنى، لم تكن الدوحة مجرد ساحة حادث عابر بل مركزًا لاهتمام دولي ودبلوماسي، إذ أن أي خرق لأمنها ينعكس مباشرة على توازنات التحالفات الإقليمية ويفتح أسئلة عن سنة كاملة من الوساطات التي قادتها الدوحة منذ اندلاع الحرب في غزة قبل ما يقارب عامين. واعتبرت دوائر قطرية أن الأولوية الآن حماية سيادة الدولة، وأن معالجة تداعيات الهجوم تحتل المرتبة الأولى قبل الدخول في أي ملفات أخرى، وفق ما أعلن المتحدث الرسمي.

التداعيات الأمنية لهذه الحادثة دفعت واشنطن والدوحة إلى درس خطوات عملية لتعزيز التعاون، وذلك في ظل إدراك مشترك لحساسية الأجواء وتداخل أدوار الوساطة مع البُنى الأمنية القائمة في المنطقة. وقد عبّر دبلوماسيون عن قلقهم من أن أي توتر إضافي قد ينعكس سلبًا على قنوات الاتصال التي تستخدمها الولايات المتحدة والدوحة في التوسط لإنهاء الحرب وإعادة الرهائن. وفي ضوء ذلك، بدا أن المفاوضات حول اتفاق التعاون الدفاعي طارئة وذات أولوية من زاوية إدارة المخاطر ومنع تكرار عمليات من هذا النوع.

دور الوساطة

أوضح بيان الديوان الأميري أن الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ناقش مع روبيو مستقبل الجهود الدبلوماسية المشتركة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وكذلك آليات العمل لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في القطاع، إلى جانب ملف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وجاءت هذه المباحثات في إطار حرص مشترك على عدم انقطاع قنوات الوساطة التي لعبت الدوحة دوراً محورياً في إطلاق محادثات لوقف النار طيلة فترة النزاع، حيث عملت قطر مع مصر والولايات المتحدة على مدار الأشهر الماضية لتسهيل تبادل الرسائل وتوفير مساحات تفاوضية.

وقال المتحدث القطري ماجد الأنصاري إن «تركيزنا الآن منصبّ على حماية سيادتنا، ولن ننتقل إلى قضايا أخرى حتى تُحل هذه المسألة»، مشدداً على أن الدوحة ستستكمل دورها الوسيط بالتنسيق مع شركائها، رغم الإدانة الشديدة للهجوم. وأكد البيان أن الدوحة تسعى إلى الحفاظ على مصداقية قنواتها التفاوضية من أجل الوصول إلى نتائج ملموسة بشأن وقف النار والرهائن، مع المحافظة على استقلالية القرار القطري في ما يخص أمنها وسيادتها.

رد أمريكي

قال الرئيس دونالد ترامب، وفق ما نقلت تقارير إعلامية، إنه «غير راضٍ» عن الضربة الإسرائيلية ووصفها بأنها إجراء أحادي لم يخدم مصالح الولايات المتحدة أو إسرائيل، مشيراً إلى أنه لم يُبلَّغ مسبقًا من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن تنفيذها. وأوضح أن موقفه تضمن محاولات لطمأنة الدوحة، إذ سعى إلى طمأنة المسؤولين القطريين خلال لقاءاتٍ سابقة تفيد بأنه سيعمل على ضمان عدم تكرار ضربات من هذا النوع، كما سعى لاحقًا إلى ترتيب لقاءات دبلوماسية لاحتواء الأزمة.

وأشار مسؤولون أمريكيون ودبلوماسيون إلى أن واشنطن تجد نفسها في موقف مضطر لمحاولة إحداث توازن بين دعمها التقليدي لإسرائيل وحماية تحالفاتها الحيوية في الخليج، وقد دفع هذا التعارض صانعي القرار في واشنطن إلى البحث عن حلول عملية (بما في ذلك تعزيز التعاون الدفاعي) لامتصاص الصدمة وإعادة بناء الثقة. وفي هذا الإطار بدا أن الولايات المتحدة ترى في الاتفاق الدفاعي السريع مع الدوحة وسيلة لتجديد التزاماتها الأمنية تجاه حلفائها في المنطقة ولفك الحصار الدبلوماسي عن الدوحة.

دعوة للوساطة

حث روبيو الدوحة على الاستمرار في لعب دور الوسيط بين إسرائيل وحركة «حماس» للتوصل إلى اتفاق تهدئة في حرب غزة، مشدداً على وجود «نافذة زمنية قصيرة جدًا» قد تسمح ببلوغ اتفاق إذا ما توافرت الإرادة السياسية اللازمة. وقال إن قطر هي الدولة الأنسب للوساطة بقدرتها على الوصول إلى أطراف متعددة وإدارة قنوات اتصال غير مباشرة مع «حماس»، مؤكداً أن استمرار الدور القطري أمر جوهري لإمكانية إحراز تقدم حقيقي في ملف التبادل ووقف النار.

واعتبر روبيو، بحسب ما نقل عن تصريحاته، أن القدرة على الوساطة يجب أن تُصان من خلال ضمانات أمنية ودبلوماسية، وأن أي تقويض لمكانة الدوحة أو سَلبها من أدوات التفاوض سيُضعف فرص التوصل إلى اتفاق. وفي رد فعلها الرسمية، وصفت الدوحة الهجوم بأنه «جبان وغادر» لكنها أكدت استمرار التزامها بالوساطة بالتعاون مع مصر والولايات المتحدة، مع التشديد على أن حماية سيادتها شرط أساسي لاستمرار هذا الدور.

تصريحات نتنياهو

في المقابل، هدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بملاحقة قادة «حماس» «أينما كانوا»، وذلك خلال مؤتمر صحفي جمعه مع ماركو روبيو في تل أبيب، بينما كان قادة ورؤساء دول عربية وإسلامية يجتمعون لإبداء الدعم للدوحة عقب الهجوم. وجاءت تصريحات نتنياهو في سياق تأكيده على مواصلة إسرائيل ملاحقتها للمسؤولين عن هجمات ضدها، وهو خطاب يعكس تصميم حكومة تل أبيب على اتخاذ إجراءات أمنية حاسمة ضد «حماس» رغم التداعيات الدبلوماسية التي قد تنتج عن ذلك.

وأثارت هذه التصريحات ردود فعل عربية ودولية، إذ اعتبرت الدوحة وبلدان أخرى أن أي تهديد يستهدف سيادة دولة مضيفة لمفاوضات أو يستهدف وسطاء قد يؤدي إلى تصعيد إقليمي، ولذلك حظيت الدعوات لإيجاد آليات ضمان لحماية الدول الوسيطة بترحيب من أطراف متعددة. وبقيت المساعي الدبلوماسية حيوية في الساعات التالية، مع مواصلة تبادل الاتصالات بين واشنطن والدوحة وإجماع على ضرورة احتواء الأضرار وإعادة تعميق قنوات التعاون في الملف الإنساني والسياسي.

التعليقات (0)