صراعات نتنياهو تقترب من تفجير إسرائيل: تحذير قانوني داخلي من الانهيار

profile
  • clock 29 مايو 2025, 10:05:50 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو - أرشيفية

بقلم: يديديا شتيرن | عرض وترجمة: عمرو المصري

قال الباحث القانوني الإسرائيلي يديديا شتيرن إن إسرائيل تقف عند مفترق طرق حرج، حيث تدفع قرارات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو البلاد نحو أزمة دستورية قد تؤدي إلى تفكك داخلي وانهيار في بنية الحكم. ويشبّه شتيرن، في بداية مقاله، المشهد الإسرائيلي بما يحدث في المآسي الإغريقية: الأبطال يندفعون إلى الكارثة، أحياناً بإرادتهم وأحياناً بعمى بصيرتهم. وفي كل مفصل، تُتّخذ الخيارات التي تزيد التوتر وتُصعّد الأزمة، إما بوعي وإصرار، وإما نتيجة جهل وسوء تقدير، ما يؤدي إلى تمزيق تدريجي للحبال التي تمسك النظام السياسي والقانوني معاً.

نزاع السلطة: نتنياهو في مواجهة القضاء

وأضاف شتيرن، في مقال بموقع N12، أن قرار المحكمة الإسرائيلية الأخير الذي اعتبر أن رئيس الحكومة في حالة تضارب مصالح حين أقال رئيس "الشاباك" رونين بار، يشكل تصعيداً حاداً في هذا الصراع. فعوضاً عن احترام قرار المحكمة، سارع نتنياهو إلى تعيين اللواء دافيد زيني في المنصب، متجاهلاً موقف المستشارة القضائية للحكومة، التي أكدت أن رئيس الحكومة غير مخول أصلاً بالتدخل في التعيين ما دامت هناك شبهات تحقيق تطال مقربين منه. وعلى الرغم من تعهد نتنياهو بأن الرئيس الجديد للجهاز لن يشارك في التحقيقات، فإن تجاهله للإجراءات القانونية وموقف المستشارة والمحكمة يظهر تعنتاً خطيراً ورفضاً صريحاً لسلطة القانون.

تصعيد منهجي يقوّض الشرعية

ويشير شتيرن إلى أن هذا التصرف لم يكن استثناءً، بل جزءاً من نمط ممنهج في سلوك نتنياهو، يهدف إلى تقويض شرعية القضاء من خلال استفزاز المحكمة العليا ثم اتهامها بالانحياز و"حكم الموظفين" و"الدولة العميقة" حين ترد عليه. التعيين المثير للجدل تم، بحسب التقارير، في جلسة خاطفة داخل سيارة، ومن دون علم رئيس الأركان، وبما يخالف الإجراءات الرسمية. وبهذا الفعل، أفرغ رئيس الحكومة جهاز "الشاباك" من قيمته الرمزية والأمنية، حين جعل تعيين قيادته موضع شك جماهيري، وهو ما قد ينعكس سلباً على ثقة الجمهور بالمؤسسة الأمنية في ذروة حرب مستعرة.

اشتباك الأجهزة الأمنية

في سياق آخر، ينبّه شتيرن إلى خطر بالغ يتمثل في خلق توتر غير مسبوق بين الجيش الإسرائيلي و"الشاباك"، وهما جهازان يعتبر التعاون بينهما أساسياً لإنقاذ الأرواح، خصوصاً في زمن الحرب. تأخر تعيين رئيس "الشاباك"، واستمرار النزاع القضائي والسياسي حول شرعيته، قد يؤدي إلى شلل مؤسسي ينعكس سلباً على الأداء الأمني. ويشير الكاتب إلى أن هذا التأخير قد يستمر لأسابيع طويلة، بينما تعيش البلاد حالة من التوتر الأمني والدبلوماسي غير المسبوق.

تهديد بانهيار النظام

الأخطر من كل ما سبق، بحسب شتيرن، هو الإغراء الخطير لدى بعض القادة بعدم الامتثال لقرارات المحكمة العليا، وهو ما يضع شرعية الحكم كله على المحك. إن الانزلاق نحو هذا المسار قد يفتح الباب أمام استخدام المحكمة لسلاحها الأخير: إعلان تعذّر قيام رئيس الحكومة بمهامه، وهو سيناريو كارثي قد يشعل فتيل حرب أهلية يصعب التنبؤ بعواقبها. يشير الكاتب إلى أن حالة "الغطرسة الإغريقية" – أي التصرف بتعنت وتكبر دون اعتبار للواقع – هي الفخ الذي وقع فيه أبطال المآسي القديمة، وهو ذاته الفخ الذي قد يقع فيه قادة إسرائيل المعاصرون.

مخرج ممكن من الأزمة

رغم سوداوية المشهد، لا يغلق شتيرن الباب أمام إمكانية الخروج من الأزمة. يقترح خطوات واضحة تبدأ بتخلي رئيس الحكومة عن صلاحية التعيين لصالح وزير آخر، وبتعاون الحكومة الكامل مع لجنة التعيينات برئاسة القاضي آشر غرونيس. كذلك يدعو اللواء دافيد زيني إلى إعلان التزامه بعدم تولي المنصب إلا بعد استيفاء الشروط القانونية والتسوية مع المستشارة القضائية. يؤكد الكاتب أن زيني نفسه شخصية نزيهة، لا يجب استبعادها فقط لأن تعيينه تم بطريقة ملتوية.

رسالة ختامية إلى اللاعبين في السلطة

في نهاية مقاله، يوجه شتيرن نداءً مباشراً إلى نتنياهو والقضاة وزيني: إن التاريخ سيسجل قراراتهم، وسيسأل لاحقاً ما إذا كان بإمكانهم كبح جماح أنفسهم والامتناع عن الانجرار وراء الإغراءات السياسية والغرور القانوني. فالمأساة هنا ليست مجرد مشهد درامي، بل تهديد واقعي لحياة الناس ولمستقبل النظام في إسرائيل. ويختم بتحذير بأن ما يجري ليس قدراً لا مفر منه كما في التراجيديات، بل أزمة يمكن تجنبها إذا تحلّت القيادة بالحكمة والاعتدال.

التعليقات (0)