أزمة الشاباك: لماذا أطاح نتنياهو برونين بار؟ ومن هو دافيد زيني الرافض للصفقات؟

profile
  • clock 24 مايو 2025, 10:09:47 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
رونين بار ودافيد زيني

متابعة: شيماء مصطفى

في تطور لافت يعكس أزمة متصاعدة داخل المؤسسة الأمنية الصهيونية، أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في 22 مايو 2025 عن تعيين اللواء دافيد زيني رئيساً جديداً لجهاز الأمن العام الصهيوني (الشاباك)، خلفاً لرونين بار. القرار لم يمرّ بهدوء، بل فجّر موجة من الانتقادات الداخلية والخارجية، وسط تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء إطاحة بار، والملابسات الغامضة المحيطة باختيار زيني، المعروف بموقفه الصريح الرافض لصفقات تبادل الأسرى أو المختطفين.

الإطاحة برونين بار: خلافات سبقت الزلزال

لم يكن قرار نتنياهو بإقالة رونين بار مفاجئاً للمطلعين على الخلافات المتراكمة بين الرجلين. الخلاف بلغ ذروته بعد تحقيقات السابع من أكتوبر 2023، التي حمّلت الشاباك مسؤولية استخبارية عن فشل منع الهجوم المفاجئ. رغم تراجع نتنياهو لاحقاً عن قرار الإقالة تحت ضغط المستشارة القانونية والجيش، فإن العلاقة كانت قد وصلت إلى طريق مسدود. اختيار نتنياهو تعيين خلف "من خارج المؤسسة"، وبطريقة وصفتها أوساط أمنية بأنها "إنزال بالمظلة"، عززت من الانقسام داخل الجهاز.

دافيد زيني: خبرة استخبارية محدودة

زيني، المولود عام 1974 في القدس، قادم من خلفية عسكرية صلبة، لا سيما في وحدات النخبة والعمليات الخاصة. قاد لواء "عوز" للكوماندوز وكان أول من أسّسه، كما تولى مسؤوليات قيادية في لواء غولاني ووحدة "إيغوز". ومع ذلك، فإن مسيرته خلت من التجربة المباشرة في العمل الاستخباري المعقّد الذي يُعدّ جوهر عمل الشاباك، حيث لا يُعرف عنه أنه "مستعرب" أو شارك في عمليات ميدانية نوعية في البيئة العربية.

هذا النقص في الخبرة الاستخبارية أثار قلقاً داخل جهاز الشاباك نفسه، كما أبدى الموساد استياءه من تجاوز مرشحيه المحتملين، وعلى رأسهم يائير "رولي" ساغي، لصالح شخصية عسكرية ذات طابع ميداني.

من هو زيني؟ أبعاد شخصية ودينية

ينتمي زيني إلى عائلة دينية ذات أصول جزائرية، ترعرع في مدينة أسدود، ووالده كان حاخامًا، بينما يشغل شقيقه مناصب عسكرية ومدنية بارزة. له 11 طفلًا ويعيش في مستوطنة "كيشت" في الجولان السوري المحتل، مما يعكس تقاربًا أيديولوجيًا وشخصيًا مع نتنياهو، خصوصًا أن شقيقه يعمل لدى الملياردير سيمون فاليك، وهو ما زاد من الشبهات حول وجود اعتبارات شخصية في قرار تعيينه.

ويُعتقد أن لسارة نتنياهو دوراً غير مباشر في الترويج له، إذ سبق أن دعمت ترشيحه لمنصب رئيس الأركان قبل أن يخسر أمام أفيف كوخافي.

الرفض الصريح للصفقات: "هذه حرب أبدية"

في تصريح أثار عاصفة سياسية وأمنية، أعلن زيني موقفه القاطع من صفقات تبادل الأسرى قائلاً: "أنا ضد صفقة مختطفين، هذه حرب أبدية". هذا التصريح لا يعكس فقط توجهاً أمنياً متشدداً، بل يكشف عن انحراف جوهري عن نهج المؤسسة الأمنية الصهيونية التي لطالما سعت لإبرام صفقات تبادل كجزء من سياسة طويلة المدى لإعادة الجنود والمختطفين.

تصريحات زيني تلقاها الرأي العام الإسرائيلي بقلق بالغ، خصوصًا في ظل استمرار المفاوضات غير المباشرة مع حماس حول ملف الأسرى، والذي يشكّل إحدى القضايا الأكثر حساسية وتعقيداً في الوعي الإسرائيلي الجمعي.

ردود الفعل: تحفّظ قانوني واستهجان عسكري

رفضت المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، قرار نتنياهو معتبرةً أن فيه "تضارب مصالح"، كما أوصت بتجميد القرار إلى حين صدور حكم من المحكمة العليا. وأكدت أن نتنياهو تجاوز تعليماتها القانونية، مما يفتح الباب أمام أزمة دستورية مؤسسية غير مسبوقة.

أما داخل الجيش، فقد عبّر رئيس الأركان إيال زامير عن امتعاضه من الخطوة، حيث لم يتم إبلاغه سوى قبل ثلاث دقائق فقط من إعلان التعيين، دون أي تنسيق أو تشاور. هذا الإقصاء فُسّر من قبل بعض المحللين كرسالة من نتنياهو مفادها أن "مراكز القوة التقليدية داخل المؤسسة الأمنية لم تعد تحظى بحصانة سياسية".

تعيين يعمّق الشرخ بين الأمن والسياسة

يمثل تعيين دافيد زيني رئيسًا للشاباك خطوة تصعيدية في علاقة نتنياهو بالمؤسسة الأمنية الصهيونية، ويؤشر إلى مرحلة جديدة عنوانها "تسييس الأمن". ورغم الكفاءة العسكرية التي يمتلكها زيني، فإن افتقاره للتجربة الاستخبارية ورفضه الصريح للصفقات الحساسة قد يجعلان من قيادته للشاباك نقطة ضعف أكثر من كونها مكسبًا.

يبقى السؤال: هل كان نتنياهو يبحث عن رئيس شاباك "مطيع" أم عن رجل أمن قادر على إدارة ملف معقّد في وقت أزمة؟
الجواب، كما يبدو، لا يتعلق بالكفاءة بل بالولاء والانتماء السياسي — وهو ما قد يدفع ثمنه الأمن الصهيوني نفسه.

التعليقات (0)