تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

في تصريحات عاجلة لقناة الجزيرة، أكد المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة أن الأوضاع الإنسانية بلغت مستويات غير مسبوقة من التدهور، مشيراً إلى أن حالة الفوضى التي يشهدها القطاع تعيق عملية توزيع المساعدات الإنسانية على السكان. وأضاف أن الأزمة لا تتعلق فقط بقلة المساعدات، بل إن سكان غزة في ظل الحصار وفقدان مصادر الدخل لم يعد لديهم القدرة على شراء الغذاء حتى وإن توفر في الأسواق.

فوضى تعيق وصول المساعدات الإنسانية

أشار المتحدث باسم الصليب الأحمر إلى أن عملية توزيع المساعدات تواجه عراقيل ضخمة داخل غزة. فمع تزايد أعداد النازحين ودمار البنية التحتية وصعوبة الحركة، يصبح من المستحيل ضمان وصول المواد الأساسية بشكل عادل إلى جميع المحتاجين.
وتابع أن فرق الصليب الأحمر تعمل وسط ظروف بالغة الصعوبة، حيث تتعرض القوافل الإنسانية لمخاطر أمنية، فضلاً عن محدودية المعابر التي تسمح بمرور الإمدادات.

سكان غزة بلا قدرة شرائية

إحدى النقاط الجوهرية التي ركز عليها المتحدث أن الأزمة لا تقتصر على نقص الغذاء، بل تتعلق أيضاً بفقدان القدرة الشرائية لدى المواطنين. فحتى في حال دخول كميات محدودة من المواد الغذائية، فإن معظم العائلات في غزة لم تعد قادرة على تحمل تكاليفها نتيجة فقدان مصادر الدخل وانهيار الاقتصاد المحلي.
هذا الواقع جعل الكثير من الأسر تعيش على المساعدات الدولية فقط، وهو ما يضاعف الضغط على المنظمات الإنسانية مثل الأونروا والصليب الأحمر.

انهيار المنظومة الاقتصادية

الأزمة الإنسانية في غزة مرتبطة بشكل مباشر بانهيار المنظومة الاقتصادية. فقد أدى الحصار الممتد منذ سنوات طويلة إلى شلل في قطاعات التجارة والصناعة والزراعة. ومع استمرار العدوان العسكري والدمار الواسع للبنية التحتية، تراجعت فرص العمل إلى أدنى مستوياتها.
وتشير تقديرات منظمات دولية إلى أن أكثر من 80% من سكان غزة باتوا يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة.

الفوضى والضغط على المدنيين

تسببت الكثافة السكانية العالية داخل القطاع إلى جانب النزوح الداخلي في زيادة حدة الفوضى. آلاف العائلات تبحث يومياً عن مأوى وطعام ومياه، فيما تزداد معاناة الأطفال والنساء بشكل خاص.
وأكد الصليب الأحمر أن غياب نظام واضح لتوزيع المساعدات يفتح الباب أمام تفاقم الأزمات الإنسانية ويهدد بانزلاق الوضع نحو كارثة أكبر.

معاناة الأطفال والنساء

من أبرز مظاهر الأزمة الحالية تفاقم معدلات سوء التغذية بين الأطفال. تقارير حديثة صادرة عن الأمم المتحدة أشارت إلى أن نسب سوء التغذية الحاد تضاعفت خلال الأشهر الأخيرة بشكل يهدد حياة آلاف الأطفال.
كما تواجه النساء الحوامل والمرضعات صعوبات هائلة في الحصول على الغذاء والرعاية الصحية الأساسية، ما يزيد من معدلات الوفيات والأمراض في صفوف المدنيين.

دور الصليب الأحمر والمنظمات الدولية

يلعب الصليب الأحمر دوراً أساسياً في محاولات إنقاذ المدنيين عبر تقديم الرعاية الصحية الأساسية وتوزيع المساعدات. إلا أن المتحدث باسم المنظمة شدد على أن الجهود الحالية غير كافية أمام حجم الاحتياجات الهائل.
وطالب المجتمع الدولي بتأمين وصول المساعدات بشكل آمن ومستدام، مع ضرورة فتح المعابر بشكل كامل لزيادة حجم الإمدادات الغذائية والدوائية.

الحاجة إلى تدخل دولي عاجل

تصريحات الصليب الأحمر الدولي تعكس حجم المأساة الإنسانية في غزة، وتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته. فالمساعدات الإنسانية لا يمكن أن تظل رهينة للتجاذبات السياسية والأمنية، بل يجب أن تُعتبر حقاً أساسياً للمدنيين.
ويرى خبراء أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى تفشي المجاعات والأوبئة، مما قد يترك آثاراً كارثية طويلة الأمد على الصحة العامة والاستقرار الاجتماعي في القطاع.

المجتمع الدولي بين الإدانات والتحرك العملي

رغم الإدانات المتكررة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عديدة، إلا أن الإجراءات العملية لوقف الحصار وتسهيل دخول المساعدات ما زالت محدودة.
المطلوب، بحسب منظمات الإغاثة، هو تحرك جاد لإلزام إسرائيل بفتح المعابر بشكل منتظم، وضمان وصول الإمدادات دون عراقيل، بالإضافة إلى دعم مالي أكبر للمنظمات العاملة على الأرض.

أوضاع غزة الإنسانية اليوم تمثل واحدة من أخطر الأزمات في العالم. تصريحات الصليب الأحمر الدولي تعكس واقعاً مريراً يتلخص في فوضى عارمة، نقص في الغذاء، وانعدام القدرة الشرائية للسكان.
ومع غياب حلول سياسية عاجلة، يبقى الأمل معلقاً على تكثيف المساعدات الدولية وتوفير ضمانات حقيقية لوصولها إلى المدنيين الأكثر تضرراً، قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة إنسانية شاملة.