رسائل إيرانية ويمنية من بيروت: حزب الله ليس وحيدًا والمقاومة خط أحمر

profile
  • clock 15 أغسطس 2025, 3:04:28 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

منذ وصول الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، إلى بيروت قادمًا من بغداد، انشغلت الأوساط السياسية والإعلامية بمسار حركته التي امتدت ليوم كامل، وشملت زيارات رسمية إلى مقار الدولة والسفارة الإيرانية، ولقاءً مع الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم. هذه الجولة لم تمر مرور الكرام، إذ علمت صحيفة "الأخبار" أن الرياض وواشنطن سارعتا إلى استنفار قنواتهما لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات، خصوصًا حول مضمون الرسائل التي حملها لاريجاني، وما أبلغه للمسؤولين اللبنانيين، وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالإضافة إلى ما دار في اجتماعاته مع شخصيات سياسية محلية.

مصادر مطلعة أكدت أن مسؤولين سعوديين وفريق السفارة الأمريكية في بيروت كثفوا اتصالاتهم بسياسيين ومستشارين وإعلاميين لتجميع "الداتا" المتوفرة، مع تركيز خاص على الشق المتعلق بحزب الله: هل جاء لاريجاني بدعم مالي؟ هل حمل مطالب أو تعليمات تتعلق بالتعامل مع الحكومة والجيش اللبناني؟ وهل تم التوصل إلى تفاهمات بشأن أسلوب المواجهة في الفترة المقبلة؟

دعم المقاومة وتموضع جديد

خطاب لاريجاني خلال لقاءاته تضمن تأكيدًا صريحًا على دعم حزب الله، واعتبار سلاح المقاومة في لبنان والمنطقة قضية مركزية لا يمكن التخلي عنها. هذا الموقف، وفق متابعين، يشير إلى تموضع جديد على المستوى الإقليمي، هدفه مواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية والسعودية، والحيلولة دون انزلاق لبنان الكامل نحو ما يسمى بـ"المحور الإبراهيمي" الذي تمدد تدريجيًا بعد الحرب عبر تقويض التوازنات الداخلية. الرسالة الإيرانية كانت واضحة: المقاومة لن تُترك فريسة للاستفراد بها، ولن يسمح بتجريدها من عناصر قوتها.

زيارة لاريجاني جاءت كإشارة أولى في هذا الاتجاه، لتتبعها مباشرة كلمة لافتة لقائد حركة "أنصار الله" في اليمن، السيد عبد الملك الحوثي، تناول فيها التطورات في غزة والوضع الإقليمي، مخصصًا مساحة واسعة للبنان، وحاملاً رسائل لا تقل وضوحًا عن الرسالة الإيرانية.

الحوثي يهاجم الحكومة اللبنانية

الحوثي ذكّر في خطابه بأن إسرائيل اعتدت على لبنان واحتلت أجزاء من أراضيه لأكثر من 40 عامًا، وأن محطات التحرير لم تتحقق إلا بفضل المقاومة اللبنانية. لكنه أشار إلى أن الجيش اللبناني اليوم أبعد ما يكون عن تلقي قرار سياسي رسمي بمواجهة إسرائيل، معتبرًا أن مصلحة لبنان تكمن في احتضان المقاومة شعبيًا ورسميًا، لا في محاربتها أو التحريض عليها من قبل قوى موالية للاحتلال.

ووجّه الحوثي انتقادًا لاذعًا للتوجهات الرسمية في لبنان، واصفًا إياها بالخاضعة للإملاءات الإسرائيلية، ومؤكدًا أن العدو يسعى إلى تجريد لبنان من سلاحه ليبقى مستباحًا. وسخر من ما وصفه بـ"الحساسية المفرطة" لدى الحكومة اللبنانية تجاه أي تعبير عن التضامن مع لبنان، في وقت تقف فيه صامتة ومذعنة أمام جرائم الاحتلال. واعتبر أن ما يمارسه الأمريكيون والإسرائيليون في لبنان يتجاوز التدخل السياسي، ليصل إلى الاحتلال المباشر وانتهاك السيادة وقتل المواطنين.

تحذيرات من مخطط صهيوني

في خطابه، اتهم الحوثي بعض المسؤولين اللبنانيين بتبني المنطق الإسرائيلي، معتبرًا ذلك "لؤمًا" بحق المقاومة والشعب اللبناني. وشدد على أن السعي لتجريد الشعوب من السلاح الذي يحميها جزء أساسي من المخطط الصهيوني، محذرًا من الانخداع بالدعاية التي تصور السلاح المقاوم كمصدر للمشكلة. وأكد أن السياديين الحقيقيين هم من يقفون بوجه المعتدي ويحفظون أمن أوطانهم، في حين أن الحكومة اللبنانية الحالية، بخضوعها، لا يمكنها حماية لبنان أو شعبه من التهديدات الإسرائيلية.

رسالة مزدوجة للمحور المعادي

هذا الموقف اليمني، الذي يُعد الأول من نوعه تجاه الحكومة اللبنانية، جاء بعد زيارة لاريجاني وفي لحظة يتعرض فيها حزب الله لمحاولات تطويق وضغط على أكثر من جبهة، من الجنوب إلى الحدود الشرقية، وحتى عبر تحريك ملفات داخلية ضده. القراءة بين السطور تكشف أن رسالتي لاريجاني والحوثي متكاملتان: حزب الله ليس وحيدًا، ولن يواجه المعركة المقبلة بمفرده، واللبنانيون، كما أهل غزة، ليسوا متروكين.

الرسالة اليمنية لا تحمل بعدًا دعائيًا فحسب، بل قد تترجم إلى إسناد عملي إذا فرضت التطورات ذلك. وهذا ليس غريبًا على صنعاء التي تُعد اليوم الحكومة العربية الوحيدة التي تخوض مواجهة مباشرة مع إسرائيل تضامنًا مع فلسطين، فيما تقف أنظمة دول الطوق في حالة استسلام أمام التوسع العسكري الإسرائيلي، من محور فيلادلفيا مع مصر، إلى جنوبي سوريا ولبنان.

التعليقات (0)