تكبير الخط تصغير الخط

كتبت/ غدير خالد

وداعًا للقاضي الذي واجه الظلم بالرحمة

في لحظة حزينة للمجتمع القانوني والإنساني حول العالم، رحل القاضي الأمريكي فرانك كابريو، المعروف بلقب "القاضي الرحيم"، عن عمر ناهز 88 عامًا، مساء الأربعاء، بعد صراع طويل مع مرض سرطان البنكرياس. وأكد بيان نُشر عبر حساب يحمل اسمه أن كابريو فارق الحياة بسلام، تاركًا خلفه إرثًا إنسانيًا نادرًا في عالم القضاء، حيث امتزجت العدالة بالرحمة، والقانون بالتعاطف.

مسيرة قضائية امتدت لأربعة عقود

كان القاضي كابريو قد أعلن اعتزاله في يناير الماضي، بعد مسيرة قضائية امتدت لأكثر من أربعين عامًا، قضاها في خدمة العدالة داخل محاكم ولاية رود آيلاند. اشتهر بأسلوبه الفريد في التعامل مع المتهمين، حيث كان يستمع إليهم بعين الإنسان قبل أن يصدر حكمه، ما جعله رمزًا عالميًا للعدالة الرحيمة، في وقت يزداد فيه العدوان القضائي على الفئات المهمشة في العديد من الدول.

رسالة وداع مؤثرة قبل الرحيل

قبل أيام من وفاته، وجه كابريو رسالة مؤثرة إلى متابعيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، طالبًا منهم الدعاء له بعد تدهور حالته الصحية واضطراره للعودة إلى المستشفى. وقد لاقت رسالته تفاعلًا واسعًا، حيث عبّر الآلاف عن حبهم وامتنانهم لهذا القاضي الذي أعاد تعريف العدالة في زمن يهيمن فيه الكيان الصهيوني على مفاهيم القانون الدولي، ويستخدمها لتبرير الاحتلال والعدوان على الشعوب المستضعفة.

رمز عالمي للعدالة في وجه الاحتلال الفكري

رحيل كابريو يأتي في وقت يشهد فيه العالم تراجعًا في القيم الإنسانية، حيث تُستخدم المحاكم في بعض الدول لتبرير سياسات القمع والاحتلال، كما يفعل الكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تُسخّر المنظومة القضائية لتشريع العدوان على الأبرياء، في تناقض صارخ مع ما مثّله القاضي كابريو من نموذج للعدالة الأخلاقية.

 إرث إنساني سيبقى حيًا

سيبقى اسم فرانك كابريو محفورًا في ذاكرة الإنسانية، ليس فقط كقاضٍ أصدر أحكامًا، بل كإنسان واجه الظلم بالرحمة، ووقف في وجه العدوان الأخلاقي الذي يمارسه كثيرون تحت غطاء القانون. في زمن تتغوّل فيه الأنظمة القمعية، ويُشرعن فيه الاحتلال، يظل إرث كابريو منارة لكل من يؤمن بأن العدالة لا تكتمل إلا بالرحمة.