شهادة مؤلمة تكشف حقيقة العدوان

غزة المنهكة والجائعة.. قراءة رامي أبو زبيدة لواقع ما بعد عامين من الحرب

profile
  • clock 20 أغسطس 2025, 7:40:49 م
  • eye 421
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
رامي أبو زبيدة

محمد خميس

في تصريحات مؤثرة أدلى بها الدكتور رامي أبو زبيدة  رئيس تحرير موقع 180 تحقيقات عبر قناة الجزيرة مباشر، وصف واقع غزة المنهكة بعد عامين من القتال بأنه لم يعد مجرد “حرب تقليدية”ـ بل تحول إلى ميدان إبادة جماعية وتطهير عرقي بارد يمارس تحت غطاء عسكري إسرائيلي. هذه الكلمات تعكس حجم المأساة التي يعيشها أكثر من مليوني إنسان في القطاع المحاصر،، حيث تتوالى الجرائم يوماً بعد يوم، دون أن يلوح في الأفق حل سياسي عادل يضع حدًا لهذه المأساة الإنسانية.

غزة بعد عامين من القتال.. دمار وجوع ونزوح

أشار الدكتور أبو زبيدة إلى أن غزة اليوم مدمّرة، جائعة، ومثقلة بالنازحين، حيث لا يملك هؤلاء الحد الأدنى من مقومات البقاء. فالأحياء التي كانت تعج بالحياة تحولت إلى أطلال، والمدارس تحولت إلى مراكز إيواء مكتظة بالنازحين، بينما المستشفيات تعمل بأقل من نصف قدرتها الاستيعابية بسبب نقص الوقود والأدوية.

ما وراء شعار "تحرير الرهائن"

أكد أبو زبيدة أن ما تسوقه إسرائيل على أنه "حملة لتحرير الرهائن" ليس سوى غطاء لعمليات تهجير قسري وتطهير عرقي. فالعدوان يكرر السيناريو ذاته الذي جرى في رفح وخان يونس وجباليا وبيت لاهيا، حيث تحوّل كل مبنى إلى هدف عسكري محتمل، وكل شارع مكتظ بالنازحين إلى مسرح جديد لمجزرة دموية.

وهنا يتضح أن الهدف الفعلي ليس تحرير الرهائن، بل إعادة رسم الخريطة الديمغرافية لقطاع غزة من خلال تفريغه من سكانه الأصليين ودفعهم نحو الحدود المصرية أو إلى مناطق أخرى غير صالحة للعيش.

غزة لم تعد ميدان حرب.. بل ميدان إبادة

في تحليله العسكري والسياسي، شدد الدكتور أبو زبيدة على أن غزة لم تعد تُدار كـ"ميدان حرب تقليدي" بين جيشين، بل كـ"ميدان إبادة تُنفذ وفق خطة ممنهجة".
القصف العشوائي للبيوت، استهداف المدارس والمساجد، تحويل المستشفيات إلى أهداف عسكرية، كلها مؤشرات على أن القوانين الدولية الإنسانية تُنتهك بشكل صارخ، بينما يقف المجتمع الدولي عاجزًا عن محاسبة الاحتلال.

نزوح قسري يفوق الكارثة

إحدى أخطر نتائج العدوان هي الموجات المتكررة للنزوح القسري. ملايين الفلسطينيين انتقلوا من مدينة إلى أخرى داخل غزة، ليكتشفوا أن جميع المناطق باتت غير آمنة. رفح لم تعد ملاذًا، وخان يونس لم تسلم من المجازر، وجباليا وبيت لاهيا تحولت إلى ساحات قتال.

هذا النزوح يهدف بحسب مراقبين  إلى تفكيك المجتمع الفلسطيني وضرب جذوره في أرضه، وهو ما يرقى إلى جريمة تطهير عرقي بموجب القانون الدولي.

مسؤولية المجتمع الدولي

تصريحات أبو زبيدة تسلط الضوء على التقصير الدولي الفاضح. فالمجتمع الدولي يكتفي بإصدار بيانات قلق، في وقت يحتاج فيه سكان غزة إلى إجراءات عملية توقف المجازر وترفع الحصار وتعيد لهم حقهم في الحياة الكريمة.

الدعوات تزداد اليوم لمحاسبة قادة الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية على جرائم الإبادة والتهجير القسري، لكن الإرادة السياسية للدول الكبرى ما زالت عائقًا أمام تحقيق العدالة.

تطهير عرقي تحت غطاء "الأمن"

تحت ذريعة "الأمن القومي"، يواصل جيش الاحتلال تدمير البنية التحتية لقطاع غزة. فكل مبنى يُعامل كهدف عسكري محتمل، وكل شارع قد يتحول في أي لحظة إلى مسرح لمجزرة.
هذه السياسات ليست عشوائية، بل مخطط لها مسبقًا ضمن استراتيجية تهدف إلى إضعاف المجتمع الفلسطيني وتفكيكه بالكامل.

غزة.. صمود رغم الألم

رغم الدمار والقتل والتجويع، يثبت الفلسطينيون يومًا بعد يوم أنهم متمسكون بحقهم في أرضهم. فالنازحون الذين يبيتون تحت الخيام، والأطفال الذين حرموا من التعليم، والجرحى الذين يعانون دون دواء، جميعهم يعبرون عن صمود أسطوري في مواجهة واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية في القرن الحادي والعشرين.

إن تصريحات الدكتور رامي أبو زبيدة عبر قناة الجزيرة مباشر لم تكن مجرد توصيف إعلامي للوضع، بل شهادة حيّة على جريمة مكتملة الأركان. ما يجري في غزة اليوم ليس حربًا بالمعنى التقليدي، بل إبادة جماعية وتطهير عرقي تُمارس أمام أنظار العالم.

إن استمرار الصمت الدولي سيُسجل كوصمة عار في تاريخ الإنسانية، بينما غزة – بكل ما فيها من ألم – ستبقى رمزًا للصمود والتحدي، شاهدة على أن إرادة الشعوب لا تُهزم مهما بلغ حجم الدمار.

التعليقات (0)