شهادات المعتقلين: أدلة على التعذيب المنهجي

نادي الأسير يؤكد ترسيخ الاحتلال لجريمة الاختفاء القسري بحق معتقلي غزة

profile
  • clock 30 أغسطس 2025, 4:52:17 م
  • eye 424
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
نادي الأسير

محمد خميس

في اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، الذي يصادف 30 آب/ أغسطس من كل عام، أكد نادي الأسير الفلسطيني أن المنظومة القضائية الإسرائيلية لعبت دورًا محوريًا في ترسيخ جريمة الاختفاء القسري بحق آلاف الأسرى الفلسطينيين، ولا سيما معتقلي غزة منذ اندلاع حرب الإبادة الجماعية في أكتوبر 2023. 

وأشار النادي إلى أن الاحتلال استند بشكل واسع إلى ما يُعرف بـ قانون “المقاتل غير الشرعي” الذي أقرته الكنيست عام 2002، لتبرير احتجاز آلاف الفلسطينيين بعيدًا عن أي إطار قانوني حقيقي، وشرعنة التعذيب المنهجي الممارس ضدهم.

قانون "المقاتل غير الشرعي" كغطاء للاعتقال التعسفي

بحسب نادي الأسير، فإن قانون المقاتل غير الشرعي شكّل المظلة القانونية التي استغلها الاحتلال لاعتقال الآلاف من الفلسطينيين، وخاصة من قطاع غزة. 

وقد أُدخلت تعديلات على القانون في بداية الحرب، زادت من خطورته عبر السماح باحتجاز الفلسطينيين دون محاكمة لفترات طويلة، مع رفض الإفصاح عن أماكن وجودهم أو أعدادهم.

هذا القانون، وفق النادي، منح سلطات الاحتلال ذريعة للاستمرار في سياسة الإخفاء القسري، التي تُعتبر جريمة ضد الإنسانية وفق القانون الدولي. ورغم تقديم مؤسسات حقوقية التماسات عدة للمحكمة العليا الإسرائيلية للكشف عن أماكن احتجاز هؤلاء المعتقلين، إلا أن المحكمة كانت، في كل مرة، تثبت أنها ذراع من أذرع المنظومة الاحتلالية التي تشرعن الجرائم بحق الفلسطينيين.

شهادات المعتقلين: أدلة على التعذيب المنهجي

نادي الأسير أشار في بيانه إلى أن شهادات المعتقلين وإفاداتهم شكلت الدليل الأبرز على حجم الجرائم المرتكبة بحقهم. فقد جرى توثيق ممارسات وحشية غير مسبوقة، تضمنت التعذيب الجسدي والنفسي منذ لحظة الاعتقال وخلال التحقيق، وحتى بعد نقلهم إلى السجون أو المعسكرات.

وأدى هذا التعذيب الممنهج إلى استشهاد العشرات من معتقلي غزة خلال العامين الماضيين، في ظل استمرار الاحتلال في رفض الكشف عن مصير العديد منهم، أو تسليم جثامين الشهداء الذين قضوا تحت التعذيب أو جراء الإهمال الطبي.

معسكرات الاعتقال: سدي تيمان نموذجًا

أكد نادي الأسير أن الاحتلال أنشأ معسكرات خاصة بمعتقلي غزة، أبرزها معسكر سدي تيمان، الذي أصبح رمزًا لانتهاكات الاحتلال بحق الأسرى. وقد وصفه النادي بأنه العنوان الأبرز لجرائم التعذيب والقتل، إلى جانب معسكرات أخرى مثل "عناتوت"، و"عوفر"، و"نفتالي"، وقسم "ركيفت" التابع لإدارة السجون.

ورغم أن المؤسسات الحقوقية تمكّنت من زيارة بعض هذه المعسكرات، إلا أن الاحتلال ظل يتلاعب بالمعلومات ويُخفي الكثير من الحقائق المتعلقة بأعداد المعتقلين وظروف احتجازهم.

أعداد المعتقلين والشهداء

بحسب المعطيات التي حصلت عليها المؤسسات الحقوقية، وحتى بداية آب/ أغسطس 2025، بلغ عدد من صنّفهم الاحتلال ضمن فئة “المقاتلين غير الشرعيين” حوالي 2378 معتقلاً، مقارنة بـ 1584 فقط في آب/ أغسطس 2024، وهو ما يعكس تضاعف العدد خلال عام واحد.

أما فيما يتعلق بالشهداء، فقد بلغ عدد الذين استشهدوا من بين المعتقلين 77 أسيرًا، من بينهم 46 فقط جرى التعرف على هوياتهم. وهذا العدد، وفق نادي الأسير، لا يشمل المعتقلين الذين يُحتجزون في معسكرات الجيش خارج السجون الرسمية.

دور المنظومة القضائية الإسرائيلية

انتقد نادي الأسير بشكل واضح دور المحكمة العليا الإسرائيلية والمنظومة القضائية عامة، معتبرًا أنها شريك أساسي في تثبيت سياسات الإخفاء القسري والتعذيب. فبدلاً من أن تكون هذه المؤسسات ملاذًا قانونيًا للمعتقلين، تحولت إلى غطاء يشرعن ممارسات الاحتلال.

وأشار النادي إلى أن الردود التي يقدمها جيش الاحتلال للمؤسسات الحقوقية تبقى مجرد روايات أحادية، حيث يمنع الاحتلال المؤسسات الدولية من التحقق المستقل، ويواصل احتجاز جثامين الشهداء دون تقديم أي تفاصيل بشأنهم.

جرائم ضد الإنسانية تستدعي المحاسبة

شدد نادي الأسير على أن ما يجري بحق معتقلي غزة يشكل جريمة ضد الإنسانية وفق الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. كما اعتبر أن استمرار الاحتلال في هذه السياسات بعد مرور نحو عامين على الحرب، يعكس إصرارًا على نهج الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.

ودعا النادي المجتمع الدولي، وخاصة المنظومة الحقوقية، إلى تجاوز حالة العجز التي اتسمت بها خلال الحرب، واتخاذ خطوات عملية لمحاسبة الاحتلال ووقف عدوانه الشامل، بما في ذلك الجرائم المرتكبة بحق المعتقلين.

النداء إلى المؤسسات الدولية

جدد نادي الأسير مطالبته بضرورة تدخل الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية ذات الصلة، لفرض رقابة جدية على سجون الاحتلال ومعسكراته، والعمل على الكشف عن مصير مئات المعتقلين الذين لا تزال أوضاعهم مجهولة حتى اليوم. كما طالب بفتح تحقيقات دولية مستقلة حول ممارسات الاحتلال، ومحاسبته على جرائم الاختفاء القسري والتعذيب.

التعليقات (0)