حصيلة قاسية للإعلام الفلسطيني في غزة

التجمع الإعلامي الفلسطيني ينعى الصحفية إسلام عابد شهيدة القصف الإسرائيلي في غزة

profile
  • clock 31 أغسطس 2025, 7:58:44 م
  • eye 418
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
الصحفية إسلام عابد


محمد خميس

في مشهد يلخص حجم المأساة التي يعيشها الصحفيون الفلسطينيون تحت القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، نعى التجمع الإعلامي الفلسطيني، مساء الأحد، الصحفية إسلام عابد، التي ارتقت شهيدة إلى جانب زوجها وأطفالها، جراء استهداف مباشر لشقتهم السكنية في مدينة غزة.

 هذه الجريمة الجديدة ترفع عدد شهداء الحركة الإعلامية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى 247 صحفيا وصحفية، في وقت يواصل الاحتلال الإسرائيلي سياساته القمعية بحق الإعلاميين ومؤسساتهم في محاولة لطمس الحقيقة وإسكات الصوت الفلسطيني.

استشهاد الصحفية إسلام عابد وعائلتها

بحسب البيان الصادر عن التجمع الإعلامي الفلسطيني، فإن استشهاد الصحفية إسلام عابد جاء نتيجة قصف عنيف استهدف منزلها السكني في قلب مدينة غزة، وهو ما أدى إلى استشهادها مع زوجها وأطفالها، ليتحول المشهد إلى مأساة إنسانية وإعلامية في آن واحد.


لم تكن عابد صحفية عادية، بل مثلت نموذجًا للإعلام المقاوم الذي يسعى إلى نقل معاناة الفلسطينيين للعالم، وفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين. برحيلها، يخسر المشهد الإعلامي الفلسطيني صوتًا جديدًا كان يحمل رسالة الحقيقة والصمود.

حصيلة قاسية للإعلام الفلسطيني في غزة

أوضح التجمع الإعلامي أن استشهاد عابد يرفع عدد الصحفيين الشهداء في غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية إلى 247 صحفيا وصحفية، في حصيلة غير مسبوقة بتاريخ الصراعات المسلحة الحديثة.


ولم يقتصر الاستهداف الإسرائيلي على القتل المباشر، بل شمل إصابة واعتقال المئات من الإعلاميين، إضافة إلى قصف وتدمير العشرات من المؤسسات والمقار الإعلامية. 

هذه المعطيات تؤكد أن الاحتلال يسعى بشكل واضح إلى تغييب الصورة والرواية الفلسطينية ومنع وصولها إلى العالم.

استهداف متعمد لطمس الحقيقة

أكد التجمع الإعلامي الفلسطيني أن ما يتعرض له الصحفيون في غزة ليس مجرد "أضرار جانبية" كما يحاول الاحتلال تصويره، بل هو استهداف متعمد وممنهج يندرج ضمن جرائم الحرب التي يعاقب عليها القانون الدولي.


فالصحفيون، بحسب مواثيق الأمم المتحدة، يتمتعون بحماية خاصة أثناء النزاعات المسلحة، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يضرب عرض الحائط بكل هذه القوانين والمواثيق، في محاولة لطمس الحقيقة وفرض روايته عبر القوة والدمار.

دعوات إلى تحرك دولي عاجل

في بيانه، دعا التجمع الإعلامي الفلسطيني مختلف الاتحادات والمؤسسات الإعلامية والحقوقية الدولية إلى كسر صمتها "المخزي" إزاء ما يجري من استهداف للصحفيين الفلسطينيين، مشددًا على ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لحمايتهم وضمان سلامتهم.
كما طالب بفتح تحقيقات دولية وملاحقة قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية باعتبارهم مجرمي حرب، ومحاسبتهم على جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي ينفذونها في غزة.

حرب إبادة جماعية بدعم أمريكي

أشار التجمع الإعلامي الفلسطيني إلى أن الجرائم الإسرائيلية تجري بغطاء ودعم أمريكي كامل، رغم التحذيرات المتكررة والنداءات الدولية بوقف الحرب.
ومنذ 7 أكتوبر 2023 وحتى اليوم، أسفرت هذه الحرب عن 63,025 شهيدًا و159,490 مصابًا من أبناء الشعب الفلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 9 آلاف مفقود ما زال مصيرهم مجهولًا تحت الركام، ومئات آلاف النازحين الذين فقدوا بيوتهم وأماكن عيشهم.
كما تسببت الحرب بحدوث مجاعة كارثية، أودت بحياة 322 فلسطينيًا، بينهم 121 طفلاً، نتيجة الحصار الخانق ومنع وصول المساعدات الإنسانية، وهو ما يرقى إلى جريمة إبادة جماعية وفق التعريف القانوني الدولي.

الصحافة الفلسطينية تدفع الثمن الأغلى

منذ بداية العدوان، بات واضحًا أن الصحافة الفلسطينية تدفع الثمن الأغلى في العالم، حيث لم تشهد أي ساحة حرب أخرى مقتل هذا العدد الكبير من الصحفيين خلال فترة زمنية قصيرة.


فالإعلامي الفلسطيني لا يواجه فقط خطر الاستهداف العسكري المباشر، بل يعيش كذلك تحت ظروف إنسانية مأساوية من فقدان المأوى، وانقطاع الكهرباء والإنترنت، وصعوبة التنقل بين مناطق القطاع المحاصر. ورغم كل هذه الظروف، يواصل الصحفيون مهامهم في توثيق الجرائم ونقل الحقيقة للعالم.

صمت دولي مخزٍ

رغم وضوح الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون الفلسطينيون، فإن معظم المؤسسات الدولية الكبرى ما زالت تلتزم صمتًا غير مبرر، مكتفية ببيانات خجولة لا ترقى إلى مستوى الجرائم المرتكبة.
هذا الصمت الدولي شجع الاحتلال على التمادي في استهداف الصحفيين، إذ يدرك أنه لن يواجه محاسبة حقيقية أو عقوبات رادعة من المجتمع الدولي.

مسؤولية المجتمع الدولي

يرى محللون أن حماية الصحفيين الفلسطينيين ليست مجرد واجب إنساني وأخلاقي، بل مسؤولية قانونية تقع على عاتق المجتمع الدولي، خاصة في ظل وجود اتفاقيات دولية واضحة تنص على حماية الإعلاميين أثناء النزاعات المسلحة.
إن استمرار الصمت الدولي وعدم تفعيل آليات المحاسبة يعمّق من معاناة الصحفيين في غزة، ويجعلهم في مواجهة مباشرة مع آلة الحرب الإسرائيلية دون أي حماية.

إن استشهاد الصحفية إسلام عابد وعائلتها في غزة يسلط الضوء مجددًا على حجم المأساة الإنسانية والمهنية التي يعيشها الصحفيون الفلسطينيون تحت القصف الإسرائيلي. فاستهداف الإعلاميين، وقتل المئات منهم، وتدمير مقارهم، يعكس بوضوح رغبة الاحتلال في إسكات الصوت الفلسطيني ومنع وصول الحقيقة إلى العالم.


ومع استمرار الإبادة الجماعية وارتفاع أعداد الشهداء والجرحى، يظل السؤال المطروح: متى يتحرك المجتمع الدولي لوقف هذه الجرائم؟ وهل يبقى الصحفي الفلسطيني وحيدًا في مواجهة آلة القتل والدمار؟

التعليقات (0)