لا أضاحي ولا ملابس.. لا أسواق ولا أمان

عيد برائحة الموت في غزة.. بأي حال عدت يا عيد؟

profile
  • clock 4 يونيو 2025, 7:56:59 م
  • eye 431
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

بينما تعم أجواء الفرح والسكينة معظم دول العالم الإسلامي احتفالًا بعيد الأضحى المبارك، يطرق العيد أبواب غزة هذا العام حاملاً رائحة الدم والدخان بدل البخور والتهاني.
فالعيد هنا ليس موسمًا للبهجة، بل فصلٌ جديد من الحزن والقهر، في ظل حرب إسرائيلية شرسة خلّفت آلاف الشهداء ومئات الآلاف من النازحين، وحوّلت مظاهر الحياة في القطاع إلى أطلال تحت الركام.

"بأي حالٍ عدت يا عيد؟"

هذا السؤال، الذي صاغه الشاعر العربي قديمًا، يتردد اليوم على ألسنة أطفال غزة ونسائها وشيوخها، لكنه ليس سؤالًا شعريًا رمزيًا، بل صرخة حقيقية تعبّر عن حال شعب تُسلب منه الفرحة كل عام، ويُدفن تحت التراب عشية كل عيد.

فقد بات العيد في غزة مرادفًا للفقد، وشاهداً على استمرار الحرب والتجويع والدمار. لا جديد يسرّ الأطفال، ولا موائد عامرة بالأضاحي، بل طوابير انتظار للماء والطعام، وخيام للنزوح، وقبور للشهداء.

عيد الأضحى.. موسم الحزن في غزة

في الأعياد، تجتمع العائلات وتتبادل الهدايا، وتقام الصلوات في المساجد، وتُسفك دماء الأضاحي تقربًا إلى الله.
أما في غزة، فالعائلات تفترق على وقع الغارات، وتفقد أبناءها كل يوم، ولا يسمع صوت التكبير إلا مختلطًا بأزيز الطائرات ودوي الانفجارات.

فمنذ بداية العدوان الإسرائيلي، استُشهد الآلاف، ودُمرت أحياء بأكملها، وفُرض حصار خانق يمنع دخول الغذاء والدواء والمساعدات، لتحل المجاعة بدلًا من ولائم العيد، والخوف بدلًا من البهجة.

لا أضاحي ولا ملابس.. لا أسواق ولا أمان

في غزة، غابت الأضاحي عن العيد، لا لفقدان القدرة المالية فقط، بل لأن الأسواق مدمرة، والمزارع أُبيدت، والمواشي نُفقت أو صُودرت.
الملابس الجديدة حلم مستحيل، فالناس بالكاد يجدون ما يسترون به أجسادهم، أو يدفئون به أطفالهم في خيام النزوح.

وحتى المساجد التي كانت تُحيي صلاة العيد، دُمرت أو أُغلقت بسبب الخطر الأمني، لتصبح الشوارع هي المكان الوحيد الذي يجمع المكلومين تحت قصف لا يعرف التوقف.

أطفال غزة.. ضحايا العيد الذي لم يأت

الأطفال الذين كانوا ينتظرون الألعاب والحلوى والعيدية، صاروا يكتبون أسماء آبائهم الشهداء على جدران الخيام، أو يُنقلون إلى المستشفيات وقد بُترت أطرافهم أو فُقدت عائلاتهم.

عيدهم اليوم لا يحمل فرحًا، بل صدمة نفسية وجوعًا متكرّرًا، وأملًا بسيطًا: أن تنتهي الحرب، وأن يعودوا إلى بيوتهم، حتى وإن كانت مهدّمة.

أمنية العيد في غزة: النجاة من الموت

في غزة، لم تعد أمنيات العيد مرتبطة باللباس أو المأكولات أو الأضاحي، بل بـالنجاة فقط.
نجاة من صاروخ قد يهدم خيمة،
نجاة من المجاعة،
نجاة من جفاف الماء أو انقطاع العلاج،
نجاة من نسيان العالم لهم.

العيد شاهد على صمت العالم

"عيد غزة هذا العام برائحة الموت"، حقيقة تتكرر عامًا بعد عام، في ظل صمت المجتمع الدولي، وعجز المؤسسات الإنسانية، وتخاذل الأنظمة الرسمية.
ومع ذلك، يواصل أهالي غزة التشبث بالحياة، وبكرامتهم، وبحقهم في الفرح، ولو كان بعيدًا.

فهل يأتي يوم يعود فيه العيد إلى غزة بوجهه الحقيقي؟
هل يمكن أن يُرفع الحصار وتُوقف الإبادة، ليكون عيدها يومًا للسلام لا للشهداء؟

التعليقات (0)