"عربات جدعون": تفاصيل الخطة الإسرائيلية لإحكام السيطرة على غزة

profile
  • clock 8 مايو 2025, 8:05:50 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

من يسعى إلى التعمق في ما يخطط له الجيش الإسرائيلي في غزة للأشهر القريبة القادمة نوصيه أن يتجاهل الأصوات الصادرة عن «الكابنت»، وأن يركز على تفاصيل معركة «عربات جدعون». المعركة العسكرية، التي يخطط لها الجيش الإسرائيلي - إذا ما نفذت بكاملها - قد تعرّض المخطوفين الأحياء، الذين يوجدون في أسر «حماس»، للخطر، لكنها بنيت بهدف تقليص هذا الخطر إلى الحد الأدنى الممكن.


«عربات جدعون» هي عملياً معركة عسكرية – مدنية – سياسية غايتها تحقيق هدفين: الأول، دفع «حماس» و»الجهاد الإسلامي» للموافقة على صفقة تحرير مخطوفين ذات مغزى بشروط مقبولة على إسرائيل. الثاني، ضربة ذات مغزى للقوة القتالية والبنى التحتية لـ»حماس»، بهدف السماح بتسوية في القطاع «في اليوم التالي». في إطار التسوية المحتملة يُنزع عمليا سلاح المنظمة، ولا تنجح قيادتها في القطاع في السيطرة على مجموعات «المخربين» الذين سيتوزعون في القطاع، وربما يحاولون خوض حرب عصابات ضد الجيش الإسرائيلي.


يفترض أن تمرّ الحملة في ثلاث مراحل: الأولى - التي بدأت منذ الآن – وهي الاستعدادات، والثانية نار تمهيدية من الجو ومن البر وتحريك معظم مواطني القطاع إلى مآوٍ آمنة في منطقة رفح، والثالثة مناورة برية قوية لاحتلال أجزاء من القطاع، والاستعداد لبقاء عسكري طويل فيه.

المرحلة الأولى: إعداد وتجنيد


ستستمر مرحلة الإعداد على الأقل عشرة أيام أخرى إلى أن ينهي رئيس الولايات المتحدة زيارته إلى الشرق الأوسط في 16 أيار، وربما بعد ذلك. في هذه المرحلة، تتم الاستعدادات، وهي تتم منذ الآن، في منطقة رفح لبقاء طويل لنحو مليوني غزي يأتون إلى هناك في المرحلة الثانية. الأراضي التي توجد في جنوب – غرب القطاع، بين محور موراغ ومحور فيلادلفيا، في منطقة رفح، عملياً فارغة من الناس، ومعظم المباني فيها مسوية بالأرض، وفي الجيش الإسرائيلي يؤمنون أن معظم الأنفاق الموجودة هناك لا يمكن لـ»حماس» أن تستخدمها.


في هذه المرحلة، تنشئ إسرائيل بمشاركة شركة أميركية، مراكز لوجستية توزع فيها الشركة على الغزيين مساعدات غذاء ودواء وكذا الماء ووسائل النظافة. تصل المساعدات إلى كرم أبو سالم، وتجتاز فحصا، ويرافقها الجيش في الطريق الأقصر إلى المناطق الآمنة التي يكون فيها المواطنون وفيها تقام مراكز لوجستية للشركة الأميركية. يقيم الجيش، بمشاركة «الشاباك»، نقاط تفتيش في المحاور الرئيسة التي تؤدي إلى المناطق التي سيسكنها الغزيون. هذه «المرشحات» يفترض بها أن تمنع «مخربي» «حماس» و»الجهاد الإسلامي» من الهروب من مناطق القتال التي سيدخلها الجيش الإسرائيلي، ويستخدم المدنيين درعا بشرية وأن يجندوا مقاتلين منهم. كما تستهدف المراكز منع «حماس» من إمكانية سلب ونهب المساعدات لأجل تمويل أعمالها.


في مرحلة الاستعدادات، ينفذ تجنيد احتياط محدود، وبخلاف المنشورات، لم يجند حتى الآن إلا قادة في وحدات الاحتياط، فيما سيتجند المقاتلون بعد بضعة أيام. وحدات الاحتياطـ التي ستجند، ستحل محل وحدات نظامية تتواجد على حدود سورية ولبنان، التي ستنزل إلى القطاع تمهيدا لبدء مرحلة المناورة التدريجية لاحتلاله.
يفترض أن تخلق الأيام حتى نهاية زيارة ترامب في المنطقة «القدم السياسية» التي قد تعفي من المناورة العسكرية. في إسرائيل يتوقعون أن يؤثر ترامب على القطريين ليعودوا إلى وساطة فاعلة، في ظل ممارسة ضغط على القيادة السياسية لـ»حماس» لتليين موقفهم في موضوع المخطوفين، والموافقة على تسوية يُنزع فيها سلاح المنظمة.
منذ بدأ تحقيق «قطر غيت» مع رجال مكتب نتنياهو اتخذت قطر موقفا كديا ضد إسرائيل. رحلة رئيس «الموساد»، دادي برنياع، إلى قطر قبل نحو أسبوعين لينت قليلا عداء القطريين. في إسرائيل يأملون بأن ينجح ترامب في إقناع أمير قطر ورئيس وزرائها بالتجند مقابل مهر – استئناف المساعدات لمواطني غزة مقابل استئناف الوساطة القوية. في أسبوعين من الاستعدادات، تعتزم إسرائيل السماح لزعماء «حماس» في القطاع، وأساسا لمحمد السنوار أن يعيدوا النظر في مواقفهم من موضوع المخطوفين، وربما أن يوافقوا على منحى ويتكوف، الذي بموجبه يتحرر جزء من المخطوفين (بين 11 و5) في دفعتين مقابل وقف نار لشهر أو اكثر، ويمنعوا إسرائيل من التقدم في «عربات جدعون».

المرحلة الثانية: نار قوية وإخلاء السكان


في المرحلة الثانية، يبدأ الجيش الإسرائيلي بنار تمهيدية قوية، ويدعو الغزيين حتى في الأماكن التي لم يناور فيها الجيش بعد للإخلاء إلى المناطق الآمنة. ويفترض بـ»المرشحات» أن تنقي العابرين جنوبا إلى رفح منعا لعبور «مخربين» إلى المآوي. وهكذا يقاتل الجيش «المخربين» المتبقين في القطاع، دون الخوف من المس بالمدنيين.
لهذه المرحلة هدفان: الضغط على «حماس» للتوقف عن القتال وتقريب الكثير من الغزيين إلى معابر الحدود إلى مصر وإسرائيل بل شاطئ البحر، لتشجيعهم على المغادرة الطوعية. بالتوازي، تجري إسرائيل مفاوضات مع بضع دول لتستوعب الغزيين ممن يرغبون في المغادرة.
سيبدأ توزيع المساعدات الإنسانية في غزة في هذه المرحلة، وسيحرس الجيش الإسرائيلي القوافل. وستكون المساعدات أقل من الماضي لكن السكان في المآوي الجديدة في منطقة رفح سيحصلون على احتياجاتهم. في هذه المرحلة يُخلى أيضا مرضى وجرحى إلى خارج القطاع.

المرحلة الثالثة: قتال، احتلال، وبقاء طويل


في المرحلة الثالثة، سيناور الجيش الإسرائيلي في المناطق التي أُخليت وتبقى فيها «مخربون». ستنفذ المهمة وفقا للنموذج الذي جرب في رفح وفي أطراف خان يونس في حملة قيادة المنطقة الجنوبية التي انتهت. الهدف: قطع الاتصال بين ألوية وكتائب «حماس» و»الجهاد» ومعالجتها بوساطة قوة تبقى لزمن طويل في المنطقة.
ستستمر مرحلة السيطرة التدريجية على أجزاء في القطاع بضعة اشهر، وبعدها تمنع القوات التي تبقى في المنطقة «حماس» من الصعود إلى سطح الأرض، وتقضم «المخربين» الذين لا يزال يقاتلون، وأساسا في شبكة الأنفاق والمباني التي يستخدمونها.

«محطة خروج» لـ»حماس»


توجد لـ»حماس» «محطة خروج» في نهاية كل مرحلة في المعركة أو في أثنائها. في مرحلة الاستعدادات، كما يقدرون في القدس، قد توافق «حماس» على تحرير مخطوفين وفقاً لمنحى ويتكوف كي تمنع إسرائيل من تنفيذ مرحلة تحريك السكان.
محطة الخروج الثانية هي قبل بدء المناورة البرية لاحتلال الجيش ولبقاء طويل في القطاع أو في أثنائها.


محطة الخروج الثالثة ستكون قبيل إنهاء المعركة، وقبل أن تنفذ إسرائيل تجنيد احتياط أقصى وتحتل القطاع. كما أسلفنا سيتطلب تنفيذ الحملة تجنيدا محدودا للاحتياط.
من بين الخطط الثلاث التي أعدها قسم العمليات بالتعاون مع «الشاباك»، ومنسق الأعمال في «المناطق»، وشعبة الاستخبارات، ومحافل أخرى في الجيش وبالتنسيق مع الأميركيين، فضل رئيس الأركان إيال زامير خطة معركة «عربات جدعون». لكن كل الخطط – التي كان فيها أمن المخطوفين والاستخدام التوفيري للاحتياط عنصرا مركزيا – رفعت إلى وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.

5 روافع ضغط على حماس


تستخدم الخطة خمس روافع ضغط على «حماس». الرافعة الأولى هي احتلال أراض وحيازتها في ظل قطع ما تبقى من كتائب «حماس» وألويتها الواحدة عن الأخرى وتدمير منهاجي لبناها التحتية القتالية. تتضمن هذه الرافعة توسيع مناطق الفصل في هوامش القطاع وبتر القطاع كوسيلة لزيادة ثقة بلدات الغلاف. الرافعة الثانية التي تضغط «حماس» هي تحريك السكان عبر «مرشحات» إلى مناطق لا يوجد فيها اتصال مباشر بين السكان الذين يوجدون فيها وبين البنى التحتية لـ»حماس» التي ربما تكون تبقت هناك.


الرافعة الثالثة التي تقلق «حماس» جداً هي منع سلب ونهب المساعدات. الرافعة الرابعة هي القطيعة بين «حماس» والسكان المدنيين وبين كتائب «حماس» في المناطق المختلفة. الرافعة الخامسة هي في الوعي: تريد إسرائيل أن تفهم «حماس» ماذا سيحصل لها وللسكان الغزيين أثناء مراحل «عربات جدعون»، وان تعيد النظر مرة أخرى فيما إذا كان مجديا لها أن توافق على تحرير مخطوفين وتسوية تكون مقبولة على إسرائيل في «اليوم التالي».


ولهذا اطلق الناطق العسكري، ايفي دفرين، الاثنين الماضي، تصريحا كان يستهدف أيضا آذان زعماء «حماس» في القطاع. بشكل عبثي، فإن تصريحات الوزير سموتريتش أيضا تخدم رافعة الوعي التي تمارس على «حماس»، وستتصاعد حين يصل ترامب إلى المنطقة.


يوجد معارضون كثيرون للمعركة المخطط لها، لكن يبدو أن الحكومة والجيش مصممان على تنفيذها. الفضل الأكبر للخطة هو أنها متدرجة، تعطي «حماس» سلالم للنزول عن الشجرة، ويوجد فيها حذر كثير بالنسبة لمصير المخطوفين، وهي موفرة في استخدام مقدرات الاحتياط المتآكلة.
نتنياهو وحكومته ملزمان بأن يستوعبوا ان الجمهور في إسرائيل يريد إنهاء الحرب في غزة، وبدون إدخال السلطة الفلسطينية إلى الحكم في القطاع «في اليوم التالي» فإنها لن تنتهي.

المصادر

بقلم: رون بن يشاي عن «يديعوت»

التعليقات (0)