-
℃ 11 تركيا
-
4 سبتمبر 2025
شهداء وإصابات بين منتظري المساعدات برصاص الاحتلال في محور زيكيم شمال غربي غزة
القانون الدولي والجرائم المتكررة
شهداء وإصابات بين منتظري المساعدات برصاص الاحتلال في محور زيكيم شمال غربي غزة
-
31 أغسطس 2025, 3:05:49 م
-
423
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
محمد خميس
في جريمة جديدة تضاف إلى سجل طويل من الانتهاكات، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي اليوم الجمعة مئات المدنيين الفلسطينيين الذين تجمعوا في محور زيكيم شمال غربي مدينة غزة في انتظار وصول المساعدات الإنسانية.
وأسفر إطلاق النار المباشر عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى، ما يفاقم المأساة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين منذ شهور داخل القطاع.
استهداف المدنيين العزل
بحسب مصادر طبية في مستشفى الشفاء ومستشفى كمال عدوان، فإن سيارات الإسعاف نقلت عشرات الإصابات، بعضها خطيرة، نتيجة إطلاق الرصاص الحي وقذائف الغاز على المدنيين المنتظرين للحصول على المساعدات. وأكدت المصادر أن من بين الشهداء نساء وأطفال جاؤوا بحثاً عن الغذاء والماء وسط أزمة خانقة ونقص حاد في المواد الأساسية.
هذا الاستهداف المباشر للمدنيين يؤكد أن سياسة الاحتلال لا تقتصر على القصف الجوي والمدفعي، بل تشمل أيضاً منع الفلسطينيين من الحصول على الغذاء والدواء عبر عمليات قمع دامية لمجرد تجمعهم في نقاط توزيع المساعدات.
مأساة إنسانية متفاقمة
يشهد قطاع غزة منذ أسابيع وضعاً إنسانياً هو الأصعب في تاريخه، إذ يعيش السكان في ظل حصار خانق، انقطاع شبه كامل للكهرباء، نقص حاد في الأدوية، إضافة إلى نفاد الوقود الذي أدى إلى توقف محطات المياه والصرف الصحي. ومعظم العائلات باتت تعيش على وجبة واحدة يومياً بالكاد تكفي الأطفال، بينما يضطر البعض لاستخدام مياه غير صالحة للشرب.
تجمع المدنيين في محور زيكيم جاء على أمل وصول قوافل إغاثية عبر البحر أو براً من المعابر، إلا أن الاحتلال حوّل هذه اللحظة الإنسانية إلى مجزرة جديدة، لتزداد معاناة النازحين الذين فقدوا منازلهم بسبب القصف.
شاهد من الميدان
أحد شهود العيان قال: "جئنا مع مئات المواطنين ننتظر شاحنة مساعدات تحمل الطحين والمعلبات، وفجأة بدأ إطلاق النار من أبراج المراقبة باتجاهنا. سقط أشخاص بجانبي، ومن بينهم أطفال، ولم نستطع إنقاذهم إلا بعد فترة طويلة بسبب استمرار إطلاق النار."
هذه الشهادات تجسد حجم المعاناة التي يواجهها الفلسطينيون يومياً، حيث يتحول البحث عن لقمة العيش إلى مخاطرة قد تكلّف حياتهم.
القانون الدولي والجرائم المتكررة
وفقاً للقانون الدولي الإنساني، يُعتبر استهداف المدنيين أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات جريمة حرب واضحة. منظمات حقوقية دولية كانت قد حذرت سابقاً من استخدام سياسة التجويع كسلاح حرب، وهي جريمة يعاقب عليها القانون الدولي. ومع ذلك، تستمر سلطات الاحتلال في هذه الانتهاكات دون محاسبة فعلية، في ظل غياب تحرك دولي جاد.
المستشفيات في حالة انهيار
مصادر طبية أكدت أن المستشفيات في شمال غزة بالكاد قادرة على استيعاب هذه الأعداد الكبيرة من الشهداء والجرحى. فالمرافق الطبية تعاني من نقص في وحدات الدم، وانقطاع الأدوية الحيوية، إضافة إلى الأعطال في الأجهزة بسبب غياب الكهرباء. الأطباء والممرضون يعملون في ظروف قاسية، وغالباً بدون مقابل أو راحة، لكنهم يواجهون وضعاً أقرب إلى الكارثة الصحية الشاملة.
أبعاد سياسية وإنسانية
يرى محللون أن استهداف تجمعات المساعدات في محور زيكيم رسالة سياسية من الاحتلال تهدف إلى كسر إرادة السكان ودفعهم نحو الاستسلام عبر الحصار والتجويع. إلا أن التاريخ أثبت أن الشعب الفلسطيني يزداد صموداً كلما اشتدت الأزمات. ومع ذلك، فإن هذه السياسة تعمّق الفجوة الإنسانية وتخلق أجيالاً جديدة تعيش تحت الصدمة والمعاناة.
المجتمع الدولي أمام مسؤولياته
أمام هذا الواقع، ترتفع الأصوات المطالبة بتحرك دولي عاجل. فالمطلوب اليوم ليس فقط إصدار بيانات الإدانة، بل الضغط الحقيقي لفرض إدخال ما لا يقل عن 600 شاحنة مساعدات يومياً إلى القطاع، كما طالبت وكالة الأونروا سابقاً. أي تقاعس عن ذلك سيعني استمرار المجازر بحق المدنيين وتركهم لمصير مأساوي.
بين الموت والجوع
أصبحت حياة الفلسطينيين في غزة اليوم محصورة بين خيارين: إما الموت تحت القصف والرصاص، أو الموت جوعاً بسبب الحصار. وما حدث في محور زيكيم يعكس هذه الحقيقة المرّة؛ إذ تحوّل مكان توزيع المساعدات إلى مسرح جريمة جديدة أضيفت إلى سلسلة طويلة من الانتهاكات.
إن ما جرى في محور زيكيم شمال غربي غزة ليس حادثاً عابراً، بل هو تجسيد لسياسة الاحتلال المستمرة في استهداف المدنيين والتضييق عليهم بشتى الوسائل. سقوط الشهداء والجرحى بين منتظري المساعدات يفضح حجم المأساة ويضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي: هل سيبقى صامتاً أمام هذه الجرائم، أم سيتحرك لإنقاذ أكثر من مليوني إنسان يواجهون الإبادة البطيئة؟








