د.محمد الصاوي يكتب: الإعتراف الدولي بفلسطين.. هل يغير موازين القوى ؟

profile
  • clock 30 يوليو 2025, 11:22:25 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

مع تسارع وتيرة الاعترافات الأوروبية بالدولة الفلسطينية، وتحديدًا من دول مثل إيرلندا، إسبانيا، والنرويج، عاد سؤال محوري إلى الواجهة:
هل يمكن لاعترافات دبلوماسية – طال انتظارها – أن تُحدث تحولًا حقيقيًا في موازين القوى الإقليمية والدولية؟ أم أنها مجرد خطوات رمزية تُضاف إلى رصيد أخلاقي لا يُصرف في بورصة السياسة الخشنة؟

في اللحظة التي يستمر فيها العدوان الإسرائيلي على غزة، وتتهاوى صورة “إسرائيل الديمقراطية” في عواصم غربية طالما احتضنتها، يبدو أن الاعتراف بدولة فلسطين ليس مجرد بيان سياسي، بل مؤشر على تغيّر أعمق في مزاج القوى الدولية.

لم تعد فلسطين “قضية إنسانية” فقط، بل عادت باعتبارها قضية تقرير مصير محرومة في قلب نظام دولي مأزوم.

الغرب يراجع بوصلته

التحول اللافت لا يكمن فقط في مضمون الاعترافات، بل في هوية الدول التي بادرت بها ؛ هذه الدول ليست خصومًا تقليديين لتل أبيب، بل حلفاء غربيون طالما تبنوا الرواية الإسرائيلية رسميًا؛ لكن مشاهد الدمار في غزة، وتزايد الضغوط الشعبية، والأصوات المتصاعدة داخل البرلمانات الغربية، أجبرت صُنّاع القرار على إعادة الحسابات.

وزير الخارجية الإسباني صرّح بأن الاعتراف بفلسطين هو “خطوة باتجاه تصحيح الظلم التاريخي”، لا مجرد دعم لحل الدولتين.

أما النرويج، فتحدثت عن ضرورة “ردع انتهاكات القانون الدولي”، بلغة تتجاوز خطابات التهدئة التقليدية.

ولم تكن تلك التصريحات استثناءً، فمؤسسات بحثية رصينة كـBrookings Institution تحدثت عن أن الاعتراف بدولة فلسطين بات يمثل “ضرورة استراتيجية” لمصداقية أوروبا أمام الرأي العام العالمي.

اعتراف بلا قوة؟

رغم هذه التحولات، تبقى الحقيقة الصلبة: الاعتراف الدولي وحده لا يوقف الجرافة الإسرائيلية ولا يحرر الأراضي المحتلة؛ لكن الاعتراف ليس بلا جدوى.

فمن ناحية، يُعزز موقع فلسطين في المؤسسات الدولية، ويفتح المجال أمام تحركات قانونية أكثر جرأة، بما فيها التوجه لـمحكمة العدل الدولية أو محكمة الجنايات الدولية ، ومن ناحية أخرى، يضعف – تدريجيًا – الحصانة الأخلاقية والسياسية التي لطالما تمتعت بها إسرائيل في الغرب، ويحرج حلفاءها التقليديين.

وتقرير حديث صادر عن منظمة العفو الدولية وصف السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين بأنها “شكل من أشكال الفصل العنصري الممنهج”، ودعا الدول إلى “اتخاذ خطوات ملموسة أهمها الاعتراف بدولة فلسطين ووقف الدعم غير المشروط للاحتلال”.

ماذا بعد؟

الاختبار الحقيقي لا يكمن في عدد الدول التي تعترف، بل في قدرة الفلسطينيين على توظيف هذه الاعترافات في استراتيجية شاملة.

ما بعد الاعتراف 


يجب أن يشمل ترتيب البيت السياسي الفلسطيني الداخلي، توسيع رقعة الضغط الشعبي في العواصم الغربية ، تفعيل أدوات القانون الدولي ، التوجه نحو بناء تحالف عالمي مضاد لمنطق الاحتلال والعقاب الجماعي ظ؛ ربما لا تُغير الاعترافات الدولية قواعد الاشتباك في المدى القريب، لكنها تراكم شرعية سياسية وقانونية تُمهد لتحول أكبر في صورة الصراع داخل العقل الغربي.

وإذا أُحسن استثمار هذا التحول، فقد يكون خطوة أولى نحو تفكيك الهيمنة الإسرائيلية الرمزية على الخطاب الدولي، ومن ثم تحريك ميزان القوى ذاته.

 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
المصادر

المصادر  
• The Irish Times – Ireland recognizes State of Palestine (28 May 2024)
• El País – Spain recognizes Palestine (28 May 2024)
• Reuters – Norway’s recognition of Palestine (28 May 2024)
• Brookings – Why Europe is finally ready to recognize Palestine
• Amnesty International – Israel’s apartheid against Palestinians
• International Criminal Court – Official website
• International Court of Justice – Official website

التعليقات (0)