-
℃ 11 تركيا
-
19 سبتمبر 2025
د.رعد هادي جبارة يكتب: تبلور معادلة أمنية خليجية جديدة وتحالفات خارج المظلة الأميركية
صدمة هجوم الدوحة تقود إلى تحالفات عسكرية غير مسبوقة
د.رعد هادي جبارة يكتب: تبلور معادلة أمنية خليجية جديدة وتحالفات خارج المظلة الأميركية
-
19 سبتمبر 2025, 3:02:26 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قمة الدوحة الأخيرة لم تكن مجرد اجتماع بروتوكولي ولم تتمخض عن مجموعة إدانات فحسب، بل شكلت نقطة تحول مفصلية في الأمن الإقليمي، حيث برزت تحالفات جديدة لم تعد تقتصر على الاعتماد على الولايات المتحدة، وتفتح الباب أمام منظومة دفاعية خليجية و إقليمية أكثر استقلالية.
كيف؟ تابع معي للأخير.
مقدمة
منذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981، اعتاد المراقبون على بيانات ختامية تحمل نبرة التضامن والدعوة للوحدة، لكنها في معظم الأحيان كانت تبقى أسيرة اللغة البروتوكولية أكثر من كونها تعكس قرارات عملية على الأرض.
لكن قمة الدوحة الأخيرة كسرت هذه القاعدة. فبدلاً من الاكتفاء بالخطاب الرمزي، أفرزت سلسلة من الترتيبات الأمنية والعسكرية الواضحة، على المستويين الخليجي والإقليمي، تعكس إدراكًا جديدًا لخطورة التهديدات الراهنة، و رغبة جادة في هندسة منظومة دفاعية بديلة أو مكملة للمظلة الأميركية التي لم تعد كافية.
لقد شكّل الهجوم الإسرائيلي على الدوحة في 9 سبتمبر/أيلول الماضي نقطة تحوّل فارقة. إذ مثّل صدمة استراتيجية، دفعت العواصم الخليجية إلى التفكير في أن الاستقرار لم يعد مضمونًا بالاعتماد على قوى خارجية فقط، وأن المرحلة تستدعي إعادة رسم خرائط التحالفات الإقليمية على أسس أكثر عملية.
المحور الأول: قرارات مجلس الدفاع الخليجي.. من التنسيق النظري إلى العمل الميداني
قرار مجلس الدفاع المشترك لم يقف عند حدود التوصيات، بل دخل في تفاصيل دقيقة تحمل طابعًا تنفيذيًا:
- تعزيز تبادل المعلومات الاستخبارية من خلال القيادة العسكرية الموحدة.
- نقل صورة الموقف الجوي لجميع مراكز العمليات في دول المجلس، بما يشبه شبكة إنذار مبكر متكاملة.
- تسريع تطوير منظومة الإنذار المبكر ضد الصواريخ الباليستية.
- تحديث الخطط الدفاعية المشتركة بتنسيق بين القيادة الموحدة ولجنة العمليات والتدريب.
- تنفيذ تمارين عسكرية خلال ثلاثة أشهر فقط، يعقبها تمرين جوي واسع، في إشارة واضحة إلى أن زمن الانتظار الطويل قد انتهى.
هذه القرارات تمثل نقلة من "التنسيق السياسي" إلى "الردع العسكري الملموس"، وهي جادة جدًا مقارنة بالمحاولات السابقة التي غالبًا ما بقيت رمزية.
المحور الثاني: الحلف السعودي الباكستاني.. نحو مظلة ردع ثنائية
الاتفاقية الدفاعية الإستراتيجية التي وقعها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، نصت على أن "أي اعتداء على أحد الطرفين يعد اعتداءً على الآخر".
العلاقات السعودية– الباكستانية تمتد لثمانية عقود، وتقوم على الروابط الإسلامية والتعاون العسكري.
أما يميز الاتفاق الحالي فأنه جاء بعد هجوم إسرائيلي على قطر، ويمنح الرياض شريكًا استراتيجيًا نوويًا، يعزز الردع أمام أي مغامرات إقليمية.
الاتفاقية رسالة مزدوجة: إلى الداخل الخليجي بضرورة تنويع الشركاء، و إلى الخارج بأن السعودية لم تعد تعتمد على شريك واحد فقط في أمنها.
المحور الثالث: التفاهمات السعودية الإيرانية.. من بكين إلى الدوحة
على هامش قمة الدوحة، التقى الدكتور مسعود بزشكيان وولي العهد السعودي، وهو لقاء مهم و تمهيدي مهد لاحقًا لاجتماع د.علي لاريجاني مع الأمير محمد بن سلمان في الرياض.
اللقاءان كشفا عن إرادة سعودية وإيرانية لإدارة الخلافات السابقة وفتح باب التعاون الأمني وحتى الدفاعي بين البلدين الكبيرين.
تصريحات لاريجاني أكدت أن الرؤية السعودية تجاه التهديدات بعد الهجوم الإسرائيلي باتت أكثر وضوحًا.
هذا التطور يعزز مسار التقارب الذي بدأ منذ اتفاق بكين، وقد يشكّل أساسًا لشبكة أمان إقليمية أوسع.
المحور الرابع: ما وراء التحركات.. نحو نظام أمني متعدد الأقطاب
1.تراجع المظلة الأميركية: شعور العواصم الخليجية بأن الاعتماد الكامل على واشنطن لم يعد كافيًا، وضرورة البحث عن بدائل استراتيجية.
2.توقيت الخطوات بعد هجوم الدوحة: الرسالة الخليجية واضحة: لن يُترك أمن المنطقة رهينة لمغامرات طرف خارجي، حتى لو كان حليفًا سابقًا أو قوة نووية إقليمية.
خاتمة
🔹قمة الدوحة تمثل بداية مرحلة جديدة من التحرك الأمني الخليجي والإقليمي.
🔹قرارات مجلس الدفاع المشترك عززت فكرة الردع الجماعي.
🔹الاتفاقية السعودية–الباكستانية نقلت التعاون من التنسيق إلى التحالف الدفاعي الصريح.
🔹اللقاءات السعودية–الإيرانية رسمت مسارًا غير مسبوق للتعاون الأمني والدفاعي المشترك.
🔹في مجموعها؛ تشكل هذه الخطوات خريطة أمنية جديدة للشرق الأوسط، قائمة على شبكة من التحالفات و التفاهمات، بعيدًا عن الاعتماد الكلي على المظلة الأميركية.
🔹إذا استمر هذا الزخم، فقد نكون أمام ولادة نظام أمني إقليمي جديد، تتغير معه قواعد اللعبة التي حكمت الخليج لعقود طويلة.


.jpg)







