-
℃ 11 تركيا
-
13 يونيو 2025
الصراع بين الهند وباكستان: فرصة استخباراتية ثمينة للصين
الصراع بين الهند وباكستان: فرصة استخباراتية ثمينة للصين
-
9 مايو 2025, 1:40:14 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يُشكّل النزاع القائم بين الهند وباكستان حول كشمير فرصة استخباراتية غنية محتملة للصين، في إطار خصومتها الاستراتيجية المتزايدة مع الهند، إذ يمكنها جمع بيانات ميدانية من الطائرات الحربية والمعدات التي تستخدمها باكستان في العمليات العسكرية. ويؤكد محللون أمنيون ودبلوماسيون أن التحديث المتسارع الذي تشهده القدرات العسكرية الصينية بات يتيح لها مراقبة التحركات الهندية بدقة في الزمن الحقيقي، سواء عبر منشآتها الحدودية أو أساطيلها في المحيط الهندي، وحتى من الفضاء.
هدف نادر على حدود الصين
قال المحلل الأمني المقيم في سنغافورة، ألكسندر نيل، إن "من منظور استخباراتي، يُعد هذا هدفًا نادرًا وفريدًا يقع مباشرة على حدود الصين ويتعلق بعدو محتمل رئيسي". وقد أكد مسؤولان أمريكيان أن طائرة J-10 باكستانية، وهي مقاتلة صينية الصنع، أسقطت طائرتين حربيتين هنديتين على الأقل، من بينهما مقاتلة فرنسية من طراز "رافال". ولم تعترف الهند بسقوط أي من طائراتها، بينما أكدت وزارتي الدفاع والخارجية الباكستانيتين استخدام طائرات J-10 دون تحديد نوعية الصواريخ أو الأسلحة الأخرى المستخدمة في الهجوم.
وتوفر هذه المواجهة الجوية فرصة نادرة للجيوش حول العالم لدراسة أداء الطيارين والطائرات الحربية والصواريخ جو-جو في القتال الفعلي، واستخدام تلك البيانات لتحسين استعداداتها وسيناريوهاتها القتالية المستقبلية.
خصمان إقليميان ونوويان
تُعتبر الهند والصين قوتين إقليميتين متنافستين تمتلكان قدرات نووية، وتربط بينهما حدود هيمالايا الممتدة على طول 3800 كيلومتر (2400 ميل) المتنازع عليها منذ خمسينيات القرن الماضي، وقد اندلع بينهما نزاع مسلح قصير في عام 1962. أما أحدث المواجهات الحدودية فقد بدأت عام 2020، وشهدت انفراجة نسبية في أكتوبر الماضي بعد توصل الجانبين إلى اتفاق لتنظيم الدوريات الحدودية. ورغم ذلك، واصل الطرفان تعزيز منشآتهما وقدراتهما العسكرية على الخط الحدودي.
لكن التفوق الاستخباراتي الصيني لا يقتصر على الأرض فحسب، إذ يمتد إلى الفضاء، حيث تتمتع بكين بقدرات مراقبة متقدمة تُضاعف من نفوذها في هذه النزاعات.
التفوق الفضائي الصيني
وفقًا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) في لندن، تمتلك الصين حاليًا 267 قمرًا صناعيًا، منها 115 مخصصًا للاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، و81 أخرى لمتابعة الإشارات والمعلومات العسكرية الإلكترونية. ويُعد هذا الشبك الفضائي أكبر بكثير من نظيره لدى منافسيها الإقليميين، بمن فيهم الهند، ولا يسبقه سوى الولايات المتحدة الأمريكية من حيث الحجم والقدرات.
وأشار نيل، وهو زميل مشارك في منتدى المحيط الهادئ في هاواي، إلى أن "الصين باتت تتمتع بقدرات أفضل بكثير في مراقبة التطورات لحظة وقوعها، سواء في الفضاء أو عبر أنظمة تتبع الصواريخ".
وقد رفضت وزارة الدفاع الصينية التعليق على استفسارات وكالة رويترز بشأن استخدام أقمارها العسكرية وأساليب جمع المعلومات. كما لم ترد وزارة الإعلام الباكستانية ولا الجناح الإعلامي العسكري على استفسارات بشأن أي تعاون استخباراتي مع الصين. في المقابل، سبق لباكستان أن أعلنت عن شراكتها الاستراتيجية "الراسخة في جميع الظروف" مع الصين.
ورغم عدم تعليق الهند على هذه المسألة، قال سفيرها في المملكة المتحدة، فيكرام دورايسوامي، لقناة "سكاي نيوز" يوم الخميس، إن علاقة الصين مع باكستان لا تشكّل مصدر قلق للهند. وأضاف: "الصين بحاجة إلى علاقات مع جميع جيرانها، ونحن من بينهم".
رصد الصواريخ والقيادة العسكرية
يسعى المحللون الاستخباراتيون والعسكريون الصينيون إلى جمع معلومات دقيقة حول استخدام الهند لأنظمة الدفاع الجوي أو إطلاقها لصواريخ كروز وصواريخ باليستية، ليس فقط لمساراتها أو دقتها، بل أيضًا لفهم منظومات القيادة والسيطرة الخاصة بها. وتُولي الصين اهتمامًا خاصًا لأي استخدام هندي لصواريخ "براهموس" الأسرع من الصوت، والتي تم تطويرها بالشراكة مع روسيا، نظرًا لأنها لم تُستخدم في أي معركة حتى الآن، بحسب تقديرات بعض المحللين.
نشاط متزايد في المحيط الهندي
عززت الصين أيضًا أنشطتها الاستخباراتية البحرية، فباتت أكثر حضورًا في المحيط الهندي خلال السنوات الأخيرة، إذ أرسلت سفن تتبع فضائي، وسفن أبحاث محيطية، وأسطولًا كبيرًا من قوارب الصيد في مهام طويلة الأمد، بحسب ما توصل إليه متابعون للمصادر المفتوحة. ورغم أن البحرية الصينية لا تزال حذرة في إرسال قطعها الحربية إلى مياه المحيط الهندي، نظرًا لغياب قاعدة دعم لوجستي واسعة، إلا أن بكين تعوّض ذلك بأنشطة استخباراتية متقدمة عبر هذه السفن المدنية.
وخلال الأسبوع الماضي، لاحظ بعض المتابعين تحركًا غير معتاد لأسطول كبير من سفن الصيد الصينية، يبدو أنه اتجه بشكل منسق إلى مسافة 120 ميلًا بحريًا فقط من تدريبات بحرية هندية في بحر العرب، تزامنًا مع تصاعد التوتر مع باكستان.
وتشير تقارير البنتاغون ومحللون متخصصون إلى أن سفن الصيد الصينية تؤدي غالبًا دورًا مزدوجًا كميليشيات بحرية، وتقوم بجمع معلومات استخباراتية لصالح بكين.
وكتب المتابع المختص دامين سيمون في منشور على منصة "إكس" إن "تلك السفن قد تعمل كقواعد استماع عائمة، تتعقب تحركات القوات، وأنماط الردود، وتزوّد السلطات العسكرية بالمعلومات المبكرة والاستخبارات البحرية"، مشيرًا إلى رصد 224 سفينة صينية بالقرب من تدريبات بحرية هندية بتاريخ 1 مايو.
ورغم أن المسؤولين الصينيين لا يقرّون علنًا بوجود ميليشيات صيد أو نشاط استخباراتي لسفن مدنية، إلا أن تحركاتها الممنهجة لا تترك مجالًا للشك.
شبكة استخباراتية واسعة عبر باكستان
نظرًا للعلاقة الاستراتيجية العميقة التي تربطها بباكستان، يمكن توقّع أن تستغل بكين شبكة ممثليها الدبلوماسيين والعسكريين هناك بشكل مكثف لجمع معلومات حساسة. وقال جيمس تشار، الباحث المتخصص في الأمن الصيني بمدرسة "راجاراتنام" للدراسات الدولية في سنغافورة، إن "وجود مستشارين عسكريين صينيين وعناصر أخرى في باكستان معروف جيدًا، خاصة وأن وزارة الدفاع الباكستانية تعتمد في جزء كبير من تسليحها الحديث على الصين، لذلك من المؤكد أن جيش التحرير الشعبي الصيني يتمكن من الوصول إلى بيانات مهمة ومباشرة".
.jpeg)








