التقييم في إسرائيل: إيران قد تبدأ "حرباً متدحرجة" خلال أسابيع

profile
  • clock 28 يونيو 2025, 9:33:06 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

ذكرت صحيفة معاريف العبرية أن التقديرات الأمنية في إسرائيل تشير إلى أن إيران قد تبدأ "حربًا متدحرجة" خلال أسابيع، رغم دخول وقف إطلاق النار بين الطرفين حيز التنفيذ.

وبحسب التقرير، جاء وقف إطلاق النار وسط موجة من الاتفاقات والتصريحات والتغريدات، مما زاد من هشاشته. وبالنسبة للرأي العام الإسرائيلي، مثل هذا الاتفاق لحظة راحة بعد 12 يومًا من التوتر المتواصل، لكنه بالنسبة لصناع القرار في تل أبيب، يعد مجرد استراحة مؤقتة في ساحة معركة، حيث يُطرح السؤال الكبير: "ليس هل سيُستأنف القتال؟، بل متى ستأتي الجولة التالية وعلى أي جبهة؟".

ورغم نجاح الوساطة الأمريكية في التوصل إلى وقف لإطلاق النار، تقول الصحيفة إن ذلك لم يغير حقيقة أن كل طرف يواصل التصرف وفق خطوطه الاستراتيجية التي تشكل أساس الصراع. ترى إسرائيل في وقف البرنامج النووي الإيراني هدفًا وطنيًا رئيسيًا، في حين أن إيران لن تتخلى عن مشروعها النووي – حتى لو أعادت أجزاء منه إلى "أعماق الأرض".

وكتبت معاريف أن اللاعبين في مواقعهم، واللعبة ستستمر، ولا أحد في إسرائيل يخدع نفسه بأنها انتهت. هذه كانت الرسالة التي سعى رئيس الموساد، ديدي برنيع، إلى إيصالها في ختام الحملة، إذ أدلى الرجل المعروف بعزلته بتصريح علني نادر، فقال في مقر عمليات الموساد: "سنواصل مراقبة جميع المشاريع في إيران عن كثب، والتي نعرفها عن كثب. سنكون هناك كما كنا حتى الآن".

من وجهة نظر إسرائيل، الهدوء الحالي مؤقت تمامًا، والحملة لم تنتهِ بل إنها مجرد مرحلة. وتشير الصحيفة إلى أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران لم يكن نتيجة عملية دبلوماسية عميقة، بل توازن مؤقت للمصالح. فإسرائيل سعت إلى تحقيق إنجاز تكتيكي كبير ودمرت سلسلة من المنشآت والمستودعات والقواعد الإيرانية.

أما إيران، فقد تعرضت لضربة قاسية لكنها لم تكن مزعزعة للاستقرار، واختارت تجنب جولة أخرى من الضربات، خاصة ضد سلاح الجو الأمريكي الذي سبق أن هاجم مواقع حساسة مثل فوردو وأصفهان ونطنز.

معاريف اعتبرت أن الانطباع العام بأن هناك اتفاقًا مستقرًا "خاطئ"، مشيرة إلى غياب آليات المراقبة، وغياب قناة اتصال دائمة، وعدم وجود التزامات صريحة من أي من الجانبين بوقف التسلح أو تقليل النشاط. في مثل هذه الحالة، قد ينهار الهدوء في أي لحظة – سواء بصاروخ يُطلق من لبنان، أو طائرة مسيرة من اليمن، أو حتى تقرير إعلامي عن هجوم إسرائيلي في سوريا.

وتابعت الصحيفة بالقول إن الهدوء مع إيران "هش إلى حد ما". ووفقًا للتقديرات – في إسرائيل والولايات المتحدة على حد سواء – فإن القتال لم ينتهِ بعد، وقد نشهد جولة أخرى خلال أسابيع، أو قد يستمر الهدوء لعدة أشهر. لكن التوتر القائم، وانعدام الثقة، والصراع حول مستقبل البرنامج النووي الإيراني، كلها عوامل لن تختفي من تلقاء نفسها.

حتى إذا دخلت أطراف مثل روسيا أو الاتحاد الأوروبي أو دول الخليج على خط التهدئة، فإن وقف إطلاق النار سيبقى هشًا في غياب إطار تعاقدي ملزم. وقد يكفي حدث واحد – عملية اغتيال، هجوم عسكري، أو هجوم مجهول المصدر – لإشعال جولة جديدة من القتال.

وأضافت الصحيفة أن إسرائيل أعلنت صراحة أنها لن تتخلى عن "حرية العمل الكاملة"، بينما تواصل إيران بثّ رسائل الصمود والاستعداد لمواصلة الصراع، ناهيك عن استمرارها في تطوير برنامجها النووي.

وبينت الصحيفة أن أحد السيناريوهات الأكثر تشاؤمًا – لكنه واقعي في نظر التقييمات الإسرائيلية – هو سيناريو "حرب متدحرجة": أي جولات قصيرة، مركزة، لكنها مدمرة، تحدث كل بضعة أشهر، وفي كل مرة على جبهة مختلفة – سواء في لبنان، أو سوريا، أو الخليج العربي.

وترى الصحيفة أن مثل هذا الصراع قد يؤدي إلى تآكل بطيء في الاستقرار الإقليمي، وزيادة التدخل الأميركي، لكنه لن ينتهي بجولة شاملة تحسم الصراع، بل سيستمر كحالة مزمنة من الحرب المستمرة.

أما بشأن الموقف الأمريكي، فقد أشارت التقديرات إلى أن واشنطن ستبقى حاضرة في هذه المرحلة، ليس بدافع أيديولوجي، بل بدافع المصلحة. الرئيس دونالد ترامب لا يريد فتح جبهة جديدة، لكنه في الوقت نفسه مهتم بإظهار قوة ردع – سواء ضد إيران أو منافسيه الداخليين.

ومع ذلك، لا يوجد يقين من أن الولايات المتحدة ستتدخل عسكريًا مجددًا إذا اندلعت جولة أخرى واسعة النطاق. فترامب نفسه أطلق تصريحات متناقضة: مرةً يقول "أمريكا انتهت من مهاجمة إيران"، وفي أخرى يعلن "سنهاجم مجددًا إذا لزم الأمر".

ورغم هذه التصريحات والتغريدات، تلفت معاريف إلى واقع سياسي داخلي في الولايات المتحدة يتمثل في دعم غير مضمون من الكونغرس لمزيد من العمليات، ومجتمع أمريكي متوتر أصلًا، مما يشكل ضعفًا استراتيجيًا قد يضع إسرائيل في مأزق صعب إذا قررت توجيه ضربة استباقية أخرى.

وختمت الصحيفة بالقول: بما أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، حتى هذه اللحظة، هو نتيجة وساطة أمريكية وإرهاق تكتيكي أكثر منه ثمرة فهم استراتيجي عميق، فإن النتيجة هي واقع خطير: جبهة تبدو هادئة، لكنها تغلي تحت السطح.

ما سيحدد ما إذا كان هذا الهدوء سيستمر أم سينهار، ليس فقط سلوك إسرائيل وإيران، بل سؤال كبير: هل ستواصل الولايات المتحدة التمسك بهذا الموقف، أم ستتخلى عنه وتكتفي بالمراقبة عن بعد؟.

التعليقات (0)