ضربات بلا أثر؟ أوروبا تشكك في تدمير برنامج إيران النووي

profile
  • clock 26 يونيو 2025, 4:01:59 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعة: عمرو المصري

في أعقاب الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، تتبدى ملامح تباين في تقييم الأضرار بين الرواية الرسمية للبيت الأبيض وبين قراءات استخباراتية أوروبية، ما يسلّط الضوء على فجوة متزايدة في فهم مدى تأثير العملية العسكرية على قدرات إيران النووية، ويثير تساؤلات حول غياب استراتيجية أمريكية واضحة لما بعد القصف.

مخزون سليم رغم القصف

بحسب ما أوردته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، فإن التقييمات الأولية لدى العواصم الأوروبية تشير إلى أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة عالية، والذي يبلغ نحو 408 كيلوغرامات، لا يزال "سليماً إلى حد كبير"، على الرغم من تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن القصف "دمّر" البرنامج النووي الإيراني. وتشير مصادر استخباراتية أوروبية إلى أن طهران كانت قد نقلت ذلك المخزون إلى مواقع بديلة قبل القصف، ما جعل الأضرار الفعلية للضربة محدودة في تأثيرها على القدرات النووية الفعلية للجمهورية الإسلامية.

تقييم أوروبي حذر

تشير المعطيات الاستخباراتية الأولية، التي نقلتها الصحيفة عن مصدرين مطلعين، إلى أن منشأة "فوردو" – الهدف الأبرز في الهجوم – تعرضت لأضرار "جسيمة"، لكنها لم تُدمَّر بالكامل من الناحية الهيكلية، وما يزال تقييم مدى تلك الأضرار قيد المتابعة من قبل الاستخبارات الأوروبية. وقد أكد مسؤولون إيرانيون بدورهم أنّ عملية نقل المواد النووية جرت قبل تنفيذ الضربات الأمريكية، ما يدعم هذه التقديرات.

واشنطن تلتزم الصمت.. وأوروبا تنتظر

في المقابل، تبرز حالة من الإحباط في الأوساط الأوروبية نتيجة امتناع واشنطن عن مشاركة معلومات دقيقة أو تقديم إحاطة استخباراتية شاملة بشأن ما تبقى من البرنامج النووي الإيراني. كما لم تقدم إدارة ترامب، حتى الآن، إشارات واضحة إلى نواياها السياسية أو استراتيجيتها المستقبلية تجاه إيران، ما جعل الموقف الأوروبي "معلّقاً" بانتظار بوصلة أمريكية لم تأت بعد.

ثلاثة مسؤولين مطلعين على النقاشات الداخلية أشاروا إلى أنّ واشنطن حجبت توجيهات واضحة عن حلفائها الأوروبيين، الأمر الذي وضع دبلوماسية الاتحاد الأوروبي في حالة انتظار متوتر، وسط دعوات أوروبية لإطلاق مبادرة دبلوماسية جديدة تنقذ ما تبقى من المسار السياسي في التعامل مع إيران.

"ترويكا" أوروبية في حالة ترقب

داخل ما يُعرف بمجموعة "الترويكا" الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا)، يسود شعور بالجمود السياسي. أحد المسؤولين الأوروبيين وصف طبيعة المحادثات التي أجريت مع الرئيس الأمريكي هذا الأسبوع بأنها اتسمت بـ"التقلب الشديد"، مشيراً إلى أنّ الاتحاد الأوروبي يلتزم حالياً بسياسة "عدم التحرك" في ظل غياب أي إطار أمريكي واضح.

أما مصدر دبلوماسي آخر فلفت إلى أنّ مجموعة الترويكا أصبحت في حالة ترقب مزدوج: فهي تنتظر مبادرة من واشنطن، التي بدورها تبدو أنها تنتظر مواقف إسرائيلية أكثر تحديداً، وهو ما يعكس حالة من الارتباك في تنسيق السياسات بين الحلفاء الغربيين بشأن مستقبل الملف النووي الإيراني.

تكشف هذه التطورات عن فجوة بين الخطاب التصعيدي لإدارة ترامب والواقع الاستخباراتي على الأرض، وتسلّط الضوء على تآكل الثقة بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، خصوصاً حين يتعلق الأمر بتنسيق سياسات حساسة مثل الملف النووي الإيراني. ومع غياب استراتيجية أمريكية معلنة، يجد الأوروبيون أنفسهم في موقع رد الفعل، لا الفعل، في أزمة تتسارع تداعياتها السياسية والأمنية في منطقة لا تحتمل المزيد من المفاجآت.

التعليقات (0)