تكبير الخط تصغير الخط

محمد خميس

في خطوة أوروبية لافتة وغير مسبوقة، أوصت المفوضية الأوروبية بتعليق جزئي لمشاركة إسرائيل في برنامج "أفق أوروبا" (Horizon Europe)، البرنامج العلمي البحثي الأبرز في القارة والعالم، والذي تتجاوز ميزانيته 100 مليار دولار. وتأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد الإدانة الدولية لانتهاكات إسرائيل في قطاع غزة، واستمرار الكارثة الإنسانية هناك.

قرار قيد الدراسة بانتظار تغيّر في الأوضاع الميدانية

وفقًا للصيغة الرسمية الصادرة عن المفوضية، فإن الدول الأعضاء لا تزال تدرس المقترح، وطُلب منها تأجيل إعلان موقفها النهائي إلى حين "تحقيق تغيير حقيقي في الوضع الإنساني على الأرض" في غزة. وتعكس هذه اللهجة الجدية غير المعهودة في التعاطي الأوروبي مع ممارسات الاحتلال.

أزمة غزة توفر أرضية قانونية لتعليق غير مسبوق

ويُعتبر برنامج Horizon Europe من أعرق برامج البحث العلمي عالميًا، ولم يُسبق أن تم تعليق مشاركة أي دولة فيه. لكن، وفق ما نقل عن مسؤولين في الاتحاد الأوروبي، فإن حجم الأزمة الإنسانية في غزة "يوفر أساسًا قانونيًا واضحًا" لاتخاذ خطوة كهذه لأول مرة في تاريخ البرنامج.

الاتحاد: خطر المجاعة حقيقي وسوء التغذية يتفشى

أشارت المفوضية الأوروبية في اقتراحها إلى أرقام صادمة عن الوضع في قطاع غزة، حيث 90% من الأسر تعاني من انعدام الأمن الغذائي الشديد. معدلات سوء التغذية في ارتفاع حاد بين الأطفال والنساء. نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية. مجاعة حقيقية تهدد غالبية سكان القطاع.

دونالد ترامب يُطالب إسرائيل بوقف "المجاعة" في غزة

اللافت أن الضغوط الدولية لم تقتصر على الجانب الأوروبي، إذ أوردت التقارير أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب طالب إسرائيل مؤخرًا ببذل جهود أكبر لوقف "المجاعة الحقيقية" في غزة، في موقف يعكس حجم التحول في المواقف الغربية نتيجة تدهور الأوضاع الإنسانية.

ما الذي قد تخسره إسرائيل؟

في حال تم اعتماد القرار بشكل نهائي، فإن إسرائيل ستُحرم من الوصول إلى مجلس الابتكار الأوروبي (EIC)، أحد أذرع برنامج "أفق أوروبا"، والمتخصص في تمويل التقنيات المتقدمة والمبتكرة التي توفر حلولًا بديلة وأكثر كفاءة.

منذ عام 2021، حصلت إسرائيل على: 135 مليون يورو كمنح بحثية. 65 مليون يورو كاستثمارات أسهم. وتشارك 46 شركة إسرائيلية حاليًا في برنامج EIC.

أي أن القرار، إن نُفّذ، سيؤدي إلى خسارة مباشرة لفرص تمويل وابتكار ضخمة، كما سيشكل سابقة دبلوماسية في محاسبة إسرائيل عبر أدوات التعاون العلمي.

الضغوط الأوروبية تتصاعد وإسرائيل تواجه عزلة علمية محتملة

تُعد هذه الخطوة إن تمت رسالة قوية من الاتحاد الأوروبي بأن الانتهاكات الإنسانية لا تمر دون ثمن، حتى في مجالات العلوم والابتكار. وفي ظل تواصل المجازر بحق المدنيين، يبدو أن عزلة إسرائيل الدولية تتسع حتى في ميادين كانت سابقًا بمعزل عن السياسة.