انتحار 38 جندياً.. أرقام مقلقة تكشف عمق الأزمة

ارتفاع حالات الانتحار في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي.. أزمة نفسية متفاقمة في غزة

profile
  • clock 13 يوليو 2025, 5:07:43 م
  • eye 429
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يواجه جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي مستويات متصاعدة من الإرهاق الجسدي والنفسي، ما أدى إلى تفاقم أزمات داخلية تهدد تماسك المؤسسة العسكرية، وسط مؤشرات خطيرة على ازدياد حالات الانتحار والتدهور النفسي بين الجنود.

خدمة عسكرية طويلة تفوق الطاقة البشرية

تجاوزت فترة الخدمة العسكرية لبعض الجنود 21 شهراً، دون فترات راحة حقيقية، مما ترك أثراً بالغاً على حالتهم النفسية والجسدية. وتفيد التقارير بأن آلاف الجنود لم يغادروا ميدان العمليات منذ أكثر من 300 يوم، في بيئة عسكرية شديدة التوتر تتخللها مواجهات عنيفة وعمليات قتالية مستمرة.

انتحار 38 جندياً.. أرقام مقلقة تكشف عمق الأزمة

نقل موقع "/واللا نيوز/" العبري عن بيانات رسمية لجيش الاحتلال أن الفترة الممتدة بين عامي 2023 و2024 شهدت ارتفاعاً قياسياً في حالات الانتحار، حيث تم تسجيل 38 حالة، منها 28 وقعت بعد بدء العدوان على غزة في أكتوبر 2023.

وللمقارنة، سجل عام 2022 نحو 14 حالة فقط، بينما كانت الحصيلة 11 في عام 2011، ما يعني أن الأعداد تضاعفت أربع مرات خلال عامين فقط—a مؤشر صادم على حجم الانهيار النفسي في صفوف الجنود.

التعبئة الاستثنائية تؤدي إلى الانهيار

يعزو محللون عسكريون هذا التصاعد الحاد إلى تعبئة أكثر من 300 ألف جندي احتياط، واندماجهم في عمليات قتالية عنيفة في غزة، ما جعلهم عرضة لضغوط نفسية شديدة. وقد صنّف الانتحار كثاني سبب رئيسي للوفاة في صفوف الجنود، بعد الوفيات الناجمة عن العمليات القتالية المباشرة.

ففي عام 2023، سجلت 558 حالة وفاة: 512 خلال القتال، 17 حالة انتحار، و10 بسبب أمراض. أما في عام 2024، فقد تم تسجيل 363 وفاة، بينها 21 انتحاراً، ما يعكس تدهوراً مستمراً في الصحة النفسية للجنود.

قصص مأساوية لجنود انتحروا تحت وطأة الذكريات

تشير بعض القصص التي أوردها التقرير إلى مدى العذاب النفسي العميق الذي يعيشه الجنود. الجندي دانيئيل إدري، أحد جنود الاحتياط، أقدم على حرق نفسه داخل سيارته بعد مشاركته في معارك غزة ولبنان، متأثراً بمشاهد الجثث المتفحمة التي لاحقته. وقد أكدت والدته أنه عبّر عن حاجته الماسة للعلاج النفسي، إلا أن فترات الانتظار الطويلة حالت دون تلقيه الرعاية اللازمة.

كما انتحر الجندي إليران مزراحي بعد استدعائه مجدداً للخدمة، رغم معاناته النفسية السابقة، وأكدت والدته لشبكة /سي إن إن/ الأمريكية أن "غزة لم تخرج منه أبداً"، تعبيراً عن الأثر العميق الذي تركته الحرب في داخله.

اضطرابات نفسية وهروب من الخدمة العسكرية

لا تقتصر تداعيات الأزمة على من يقدمون على الانتحار، بل تشمل تزايداً لافتاً في أعداد الجنود الذين يعانون من اضطرابات نفسية تدفعهم إلى الهروب من أداء الخدمة. ففي يناير 2024 فقط، تلقى 1600 جندي علاجاً من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، بينما يحتاج 75% من المحاربين القدامى إلى دعم نفسي دائم.

الجيش يحاول احتواء الأزمة.. ولكن الاستجابة ضعيفة

أمام هذه المعطيات الخطيرة، شرع الجيش الإسرائيلي في اتخاذ إجراءات طارئة، أبرزها إنشاء وحدة متخصصة لتلقي مكالمات الدعم النفسي، بناءً على توجيهات رئيس الأركان هرتسي هاليفي. وقد استقبلت هذه الوحدة أكثر من 3900 مكالمة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العدوان، ونُظمت خلالها 800 جلسة دعم نفسي.

ورغم هذه الجهود، فإن التقرير يؤكد على وجود فجوة كبيرة بين الحاجة الفعلية للخدمات النفسية وقدرة النظام على الاستجابة، حيث وصفت عائلات الجنود المنظومة بأنها "عاجزة عن مواكبة الطلبات"، وسط موجة من الألم والمعاناة النفسية المستمرة.

 أزمة صامتة تهدد الجبهة الداخلية

في ظل استمرار العمليات العسكرية، تبدو أزمة الانتحار والانهيار النفسي في صفوف الجيش الإسرائيلي أشبه بـ"قنبلة موقوتة"، قد تهدد البنية المعنوية للمؤسسة العسكرية، خاصة مع اتساع دائرة الضحايا من الجنود العائدين من غزة ولبنان. ويبقى السؤال مفتوحاً: هل يستطيع الجيش احتواء هذه الأزمة قبل أن تتفجر تداعياتها بشكل أوسع؟

التعليقات (0)