مراكز الإغاثة: ساحات للفوضى والابتزاز

نساء غزة في مواجهة الموت اليومي: من ساحات الإغاثة إلى ميادين القتل

profile
  • clock 27 يوليو 2025, 4:11:44 م
  • eye 419
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
نساء غزة

محمد خميس

لا تذهب نساء غزة إلى مراكز توزيع المساعدات طلبًا للكماليات، بل بحثًا عن البقاء. وبدلًا من أن تكنّ أولويات في أجندات الحماية الإنسانية، يجدن أنفسهن في مواجهة سياسة إسرائيلية ممنهجة، تُحوِّل كل مساحة أمل إلى ميدان للموت والتجويع والإذلال. إنها حرب إبادة، مستمرة منذ 22 شهرًا، تُمارس بأدوات القتل والجوع، ويتقدّم صفوف ضحاياها النساء.

حلم لم يكتمل... واستشهاد في طوابير الجوع

صباح الخميس 24 يوليو، خرجت خديجة محمد أبو عنزة (45 عامًا) من خيمتها في منطقة المواصي، نحو مركز توزيع المساعدات في الحي السعودي – الشاكوش، الذي خصص ما يسمى بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" المساعدات فيه للنساء فقط.
لكنها لم تصل أبدًا. أطلق جنود الاحتلال النار عليها مباشرة أمام أعين نساء وأطفال ينتظرون دورهم، فارتقت شهيدة، مثل عشرات غيرها في مشهد لم يعد استثناءً، بل قاعدة.

أرقام مفزعة: 1121 شهيدًا خلال البحث عن الغذاء

تتزامن هذه الجريمة مع إعلان المؤسسة – التي أنشأها الاحتلال خارج الأطر الأممية – عن آلية توزيع جديدة. والنتيجة كانت استشهاد 1121 فلسطينيًا أثناء محاولتهم الحصول على الطعام، من بينهم 32 امرأة، وفق تقارير موثقة صادرة عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

مراكز الإغاثة: ساحات للفوضى والابتزاز

تفيد شهادات حية أن هذه المراكز تفتقر لأي تنظيم أو حماية، وتحوّلت إلى أماكن للعنف والتدافع والمهانة، خاصة بالنسبة للنساء اللواتي يُحرمن من أبسط مقومات الكرامة، ويتعرّضن للضرب والإهانة، وأحيانًا للسرقة تحت التهديد.

منى الأعرج (50 عامًا) واحدة من هؤلاء. سارت 5 كيلومترات من خيمتها نحو الشاكوش، لتواجه القتل، والقنابل، وتحليق الطائرات، وبعد انتظار طويل حصلت على طعام بالكاد يكفي يومًا، لكنه سُرق منها تحت ضغط التدافع.
تقول بألم: "أتمنى إغلاق هذه المراكز التي تدّعي الإنسانية وهي في الحقيقة مراكز للموت والإذلال."

عنف متعدد الأوجه

تُظهر التقارير الحقوقية أن النساء الفلسطينيات في غزة يواجهن عنفًا مركبًا: من جهة، عنف بنيوي بسبب سياسات التجويع والحرمان والتهجير، ومن جهة أخرى، عنفًا جسديًا مباشرًا عند محاولتهن تأمين الغذاء لأسرهن.
وفي ظل انهيار البنية التحتية وغياب وسائل النقل، يُجبرن على المشي لمسافات طويلة، تفوق في كثير من الأحيان 5 كيلومترات، بينما تُنهكهن المجاعة وسوء التغذية، وتُفقدهن القدرة على الصمود.

استهداف متعمد للنساء

ما يجري لم يعد مجرد أضرار جانبية. بل بات استهداف النساء سياسة ممنهجة ضمن آلة الحرب الإسرائيلية في غزة. فالجوع لم يعد عشوائيًا، بل أداة للإبادة. واستشهاد النساء لم يعد مجرد "خسارة مدنية"، بل جزء من إستراتيجية تسعى لتحطيم المجتمع الفلسطيني من جذوره، عبر ضرب نسائه في الجسد والكرامة والدور.

تقول تقارير حقوقية إن الانتهاكات لا تكتفي بالقتل المباشر، بل تمتد إلى فرض أدوار قسرية على النساء، وعزل تام عن أي نظام حماية، في مشهد يتقاطع فيه العنف القائم على النوع الاجتماعي مع العنف العسكري المنهجي.

التعليقات (0)