خطة مشينة وغير إنسانية

منظمة العفو الدولية: خطة "المدينة الإنسانية" الإسرائيلية جريمة حرب ومرحلة جديدة من الإبادة الجماعية

profile
  • clock 9 يوليو 2025, 2:26:29 م
  • eye 419
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

في تصعيد خطير يكشف عمق الانتهاكات الجارية في قطاع غزة، اتهمت منظمة العفو الدولية، اليوم الأربعاء، إسرائيل بالإعداد المسبق لارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وذلك على خلفية خطة أعلنها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، تقضي بتجميع سكان القطاع قسرًا في ما سماه بـ"مدينة إنسانية" تُقام على أنقاض مدينة رفح جنوبي غزة.

خطة مشينة وغير إنسانية

وفي منشور رسمي على منصة "إكس"، قالت المنظمة إن تصريحات كاتس تكشف عن نية معلنة لارتكاب جرائم كبرى بحق الفلسطينيين، معتبرة الخطة بأنها "مشينة، وغير إنسانية، وغير مشروعة".
وأضافت أن إسرائيل تُظهر موقفًا "منحطًا وغير أخلاقي" تجاه شعب تُواصل قصفه وتجويعه وتهجيره، في إطار إبادة جماعية مستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023.

وأكدت "العفو الدولية" أن نقل الفلسطينيين قسرًا داخل غزة أو ترحيلهم خارجها دون إرادتهم يُعد جريمة حرب، وإذا كان ضمن هجوم واسع النطاق أو ممنهج، فإنه يُصنف كـ جريمة ضد الإنسانية.

فشل دولي في المحاسبة وتحذير من التواطؤ

أشارت المنظمة إلى أن إطلاق مثل هذه التصريحات "علنًا ودون خجل" يُعد دليلاً واضحًا على فشل قادة العالم في محاسبة إسرائيل على ارتكابها للفظائع، محذرة في الوقت ذاته من أن أي دعم دولي لخطة النقل القسري قد يجعل تلك الدول "متواطئة في جرائم إسرائيل الدولية".

تفاصيل الخطة الإسرائيلية: "مدينة" بلا مغادرة

وكان الوزير كاتس قد صرّح، الإثنين، أن الجيش الإسرائيلي بدأ إعداد خطة لإقامة "مدينة إنسانية" على أنقاض رفح، لنقل سكان غزة إليها بشكل جماعي.
وأوضح أن المرحلة الأولى تشمل نقل نحو 600 ألف فلسطيني، معظمهم من منطقة المواصي، بعد إخضاعهم لفحوصات "أمنية"، مع التأكيد على أنه لن يُسمح لهم بمغادرتها.

وأضاف أن التنفيذ قد يبدأ خلال فترة وقف إطلاق النار المؤقت المتوقع أن يستمر 60 يومًا، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي سيؤمّن الموقع خارجيًا، دون أن يدير المدينة أو يوزع الغذاء داخلها، بينما لم يتم تحديد الجهة التي ستتولى إدارتها، رغم وجود نية لإشراك أطراف دولية.

"المرصد الأورومتوسطي": المدينة المزعومة معسكر اعتقال جماعي

وفي بيان منفصل، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مقره جنيف)، إن هذه الخطة تمثل تصعيدًا خطيرًا في الإبادة الجماعية الجارية، مشيرًا إلى أنها تهدف إلى:

إفراغ غزة من سكانها الأصليين.

فرض واقع ديموغرافي جديد بالقوة.

محو الوجود الفلسطيني ضمن مشروع استعماري طويل الأمد.

ووصف المرصد الخطة بأنها محاولة لتجميع مئات آلاف الفلسطينيين في مناطق مدمرة تفتقر لمقومات الحياة، تحت رقابة أمنية مشددة وقيود على الحركة، مما يحوّلها إلى ما يشبه معسكر اعتقال جماعي مغلق، لا يستند لأي أساس قانوني.

"الهجرة الطوعية": تغطية لفظية لجريمة مكتملة الأركان

انتقد المرصد استخدام مصطلحات مثل "الهجرة الطوعية" و"المنطقة الإنسانية"، واعتبرها محاولة لتمويه جريمة جماعية مكتملة الأركان، تهدف إلى إعادة هندسة التركيبة السكانية في غزة.

وأشار إلى أن نقاط توزيع المساعدات التابعة لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، التي يُفترض أنها جزء من هذه الخطة، تحولت إلى مصائد موت، حيث قُتل في محيطها 758 فلسطينيًا وأصيب أكثر من 5,000 آخرين منذ أواخر مايو، مما يُظهر خطورة المخطط المرتقب.

إبادة جماعية متواصلة بدعم أميركي

تستمر إسرائيل، منذ 7 أكتوبر 2023، في تنفيذ إبادة جماعية في قطاع غزة بدعم أميركي، تشمل القتل، التجويع، التدمير، والتهجير، وسط تجاهل تام للنداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقف العدوان.

وقد أسفرت هذه الحرب حتى الآن عن استشهاد وإصابة نحو 194 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ونزوح مئات الآلاف، فضلًا عن دمار واسع ومجاعة أودت بحياة العديد من المدنيين.

تكشف خطة "المدينة الإنسانية" الإسرائيلية عن مرحلة جديدة من سياسات الاقتلاع والتهجير القسري، وتُثبت أن إسرائيل تمضي قدمًا في مشروعها الاستعماري لإعادة رسم الواقع السكاني في غزة. وفي ظل صمت دولي مخزٍ، تبقى الحاجة ماسة لموقف دولي حازم يوقف هذه الجريمة الجماعية ويحاسب مرتكبيها.

التعليقات (0)