بداية المأساة: مكالمة فجراً تحوّلت إلى صدمة

ضحى وأطفالها... نهاية رحلة نزوح بالشهادة تحت نيران الإبادة الجماعية في غزة

profile
  • clock 9 يوليو 2025, 2:33:16 م
  • eye 428
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

متابعات_ 180 تحقيقات

في زاوية منسية داخل مركز إيواء في مدينة غزة، كانت ضحى عبده تحتضن أطفالها الثلاثة في لحظة بدت وكأنها عناق وداعي أخير. لم تكن تدري أن أمنيتها الأخيرة بالرحيل معهم ستتحقق على شكل مأساة متفحمة، لتُطوى بذلك رحلة نزوح استمرت لعامين، وانتهت كما بدأت: هربًا من الموت إلى أحضانه.

بداية المأساة: مكالمة فجراً تحوّلت إلى صدمة

مع فجر الخميس 3 تموز/يوليو، تلقت والدة ضحى مكالمة من أحد الأقارب تطلب منها التوجه فورًا إلى المستشفى للتعرف على جثث ضحى وأطفالها: شام وخالد وآدم، بعد استهداف غرفتهم بثلاث طائرات انتحارية.
الاستهداف لم يكن عاديًا؛ لقد كانت الغرفة محرقة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث طُمست ملامح الوجوه ولم يُعرف منهم إلا بالأسماء.

وداع صامت.. لا وجوه تُبكى ولا جثامين تُحتضن

لم يكن هناك مجال لوداع تقليدي. لم يتمكن أحد من رؤية ملامحهم، ولم يُسمح لهم باحتضان جثامينهم. اكتفى الأحبة بنظرات حزينة صوب أكفان محترقة، تحمل ما تبقى من أجسادهم، لتُغلق صفحة أخرى من الحزن المتراكم على غزة.

حلم الشهادة الجماعية.. تحقق كما أرادت

رحلت ضحى لتلتحق بزوجها الشهيد محمد، الذي فقدته في الأيام الأولى من العدوان الإسرائيلي.


كانت تردد دومًا: "إذا متنا، رح نموت مع بعض، ما حد يأكل حسرة حد"، في إشارة إلى رغبتها في ألا تترك أطفالها وحدهم في هذا المصير الغامض.

ضحى.. أم مقاومة وخائفة على أطفالها حتى اللحظة الأخيرة

قال عبد الرحمن، شقيق ضحى، إن أخته كانت تخشى على أطفالها حد الوسواس، وكانت تدرّس شام في المنزل لعدم تعريضها لخطر القصف في المراكز التعليمية.
وأضاف: "كانت شام تحلم بأن تصبح طبيبة، وكانت ضحى تحرص على أن تبقى معهم دائمًا، فقد كانت تقول إنها ستستشهد معهم جميعًا كي لا يتحسر أحد على الآخر".

نزوح متكرر بلا جدوى.. والأمان لم يُمنح حتى في الملاجئ

ضحى لم تعرف طعم الاستقرار، فقد نزحت خمس مرات خلال الأسابيع الأخيرة، باحثة عن نقطة أمان تقي أطفالها شظايا الطائرات.
كانت تحاول حماية نسل زوجها الشهيد، وتشم رائحته في أولادها. لكنها في النهاية رحلت معهم، لتكتب نهاية النزوح بالشهادة.

إبادة جماعية لا تتوقف: غزة تنزف وأرقام الضحايا تتصاعد

منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تواصل إسرائيل، بدعم أميركي، تنفيذ إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل القتل والتدمير والتهجير والتجويع.
رغم النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية، لم يتوقف العدوان، وأسفر حتى الآن عن:

نحو 195 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء.

أكثر من 11 ألف مفقود.

مجاعة ودمار واسع في البنى التحتية.

قصة ضحى عبده ليست سوى واحدة من آلاف القصص الفلسطينية التي تُدفن يوميًا تحت الركام، وسط صمت دولي مخزٍ.
ضحى وأطفالها رحلوا، لكن حكايتهم ستظل شاهدة على جرائم ترتكب في وضح النهار، وتنتظر عدالة مؤجلة لا يبدو أنها قريبة.

التعليقات (0)