-
℃ 11 تركيا
-
2 أغسطس 2025
قراءة ميدانية في التصعيد الإسرائيلي عبر البوابة الدرزية
قراءة ميدانية في التصعيد الإسرائيلي عبر البوابة الدرزية
-
16 يوليو 2025, 11:57:52 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تشهد الساحة السورية تطورًا ميدانيًا جديدًا يُنذر بتوسيع نطاق التصعيد الإسرائيلي جنوب البلاد. فبعد سلسلة الغارات الجوية المتكررة، تتجه الأنظار إلى مؤشرات على مشروع تدخل مباشر عبر البوابة الطائفية الدرزية، في محاولة إسرائيلية لاختراق الجبهة الجنوبية تحت شعار «حماية الأقليات».
القنوات العبرية وإذاعة جيش الاحتلال أفادت بأن عشرات الدروز من الداخل الفلسطيني عبروا الحدود باتجاه الأراضي السورية، وسط أجواء تحريضية واضحة. وسُجلت دعوات صريحة من مرجعيات دينية درزية في «إسرائيل» تحث على الاستعداد لعبور جماعي إلى سوريا، تحت ذريعة «نصرة دروز السويداء» في مواجهة ما تصفه بخطر حكومي وأمني.
دعوات وتحريض علني
في هذا السياق، برزت تصريحات موفق طريف، الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في «إسرائيل»، التي وصفت بأنها شديدة التحريض، حين شبّه ما يحدث في السويداء بهجمات 7 أكتوبر. هذا التشبيه، الذي يغلف الأحداث بطابع انتقامي، بدا محاولة مقصودة لتبرير أي انخراط عسكري إسرائيلي أوسع، وإضفاء شرعية شعبية عليه داخل المجتمع الدرزي في فلسطين المحتلة.
بالتزامن مع هذا التصعيد الكلامي، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات على أهداف حساسة في العاصمة دمشق، من بينها مواقع قرب وزارة الدفاع السورية. ووصفت وسائل إعلام عبرية هذه الضربات بأنها رسائل مباشرة إلى القيادة السورية الجديدة، في إشارة إلى ما يسميه الإعلام الإسرائيلي بـ«الجولاني الذي يدير الدولة».
أبعاد ميدانية واستراتيجية
يتخذ هذا التصعيد بعدًا استراتيجيًا يتجاوز مجرد الرد العسكري، إذ تشير المعطيات إلى مسعى إسرائيلي لخلق «رأس جسر» طائفي في الجنوب السوري يمكن استثماره سياسيًا وأمنيًا على المدى البعيد. ويرى مراقبون أن هذه المحاولات تُعيد إلى الأذهان سيناريوهات التقسيم القديمة التي اعتمدت على دعم كانتونات طائفية مستقلة تنسق مباشرة مع تل أبيب.
كما تندرج هذه الخطوات في سياق حرب نفسية شاملة، هدفها تعبئة الرأي العام الإسرائيلي وتحشيد المجتمع الدرزي في الداخل خلف سياسات الاحتلال التوسعية. فإعادة إنتاج خطاب «7 أكتوبر» في السويداء يخدم تعبئة داخلية قد تمنح المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية هامشًا أوسع للتحرك الميداني والسياسي في الجنوب السوري.
ضغوط على دمشق
في الوقت الذي تحاول فيه الدولة السورية استعادة سيطرتها على الجنوب واحتواء الفوضى الأمنية في السويداء، تشكل هذه التحركات الإسرائيلية عامل ضغط جديد يهدد استقرار الجبهة الداخلية السورية.
الضربات الجوية التي وصلت إلى قلب العاصمة تزامنت مع مؤشرات عن رغبة في جرّ دمشق إلى مواجهة متعددة الجبهات، من السويداء ودرعا جنوبًا إلى أحياء دمشق. وتستفيد إسرائيل من التوترات المحلية في السويداء لتبرير تدخلها العسكري، ومحاولة استنزاف القدرات السورية وإرباك مراكز القرار في دمشق في وقت حساس.
مآلات مفتوحة للتصعيد
يبقى الوضع على الحدود مع فلسطين المحتلة مرشحًا لمزيد من التدهور، مع احتمالات جدية لتحول الدروز العابرين للحدود إلى نواة ميليشيا محلية موالية لإسرائيل داخل الجنوب السوري. هذه الفرضية تعيد إلى الواجهة سيناريوهات تقسيم البلاد وإضعاف سيادتها عبر توظيف مكوناتها المحلية.
في المقابل، يترقب المراقبون طبيعة الرد السوري، الذي سيحدد بدوره شكل وموازين الاشتباك في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل استمرار الضربات الإسرائيلية ضد دمشق ورسائلها العلنية بأن أي انسحاب سوري من الجنوب قد يصبح ورقة تفاوضية في أي تسوية مستقبلية.
السويداء في قلب الحدث
ما يجري في السويداء لم يعد مجرد أزمة محلية، بل تحوّل إلى ساحة مفتوحة أمام مشاريع تدخل إقليمي، في مقدمتها المشروع الإسرائيلي الذي يوظف ورقة «حماية الأقليات» كذريعة للتدخل المباشر. ويُخشى أن تمثل هذه التطورات بوابة جديدة لإعادة رسم خرائط النفوذ في الجنوب السوري، في ظل صراع إقليمي ودولي محتدم على الجغرافيا السورية.









.jpeg)