-
℃ 11 تركيا
-
12 يونيو 2025
غزة تحت النار: 53,977 شهيدًا و241 مركز إيواء مستهدفًا في حرب إبادة ممنهجة
غزة تحت النار: 53,977 شهيدًا و241 مركز إيواء مستهدفًا في حرب إبادة ممنهجة
-
26 مايو 2025, 12:13:00 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متابعة: عمرو المصري
في مشهد مأساوي جديد يعكس الوجه الحقيقي للاحتلال الإسرائيلي وعدوانه المتواصل على المدنيين العُزّل، ارتكب جيش الاحتلال جريمة بشعة بقصف مدرسة "فهمي الجرجاوي" في حي الدرج بمدينة غزة، وهي مدرسة تؤوي آلاف النازحين الذين فرّوا من منازلهم بحثًا عن الأمان، ليجدوا أنفسهم ضحايا مجزرة أخرى. وأسفرت الجريمة عن استشهاد 31 مدنيًا، بينهم 18 طفلًا و6 نساء، فضلًا عن عشرات الإصابات التي تراوحت بين المتوسطة والخطيرة. لم يكن هناك أي تحذير مسبق، ولم يكن هناك أي مبرر عسكري، فقط إصرار إسرائيلي على استهداف الإنسان الفلسطيني في كل أشكاله، حتى وهو نازح داخل مدرسة.
استهداف ممنهج لمراكز الإيواء
ليست هذه المرة الأولى التي يستهدف فيها الاحتلال مراكز الإيواء، بل هي جزء من سياسة متعمدة وواضحة. فقد بلغ عدد مراكز الإيواء التي تعرضت للقصف الإسرائيلي حتى الآن 241 مركزًا، وفقا لبيان صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي. وهو رقم صادم يكشف عن نية واضحة لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا بين المدنيين. هذه المراكز، التي يفترض أن تكون ملاذًا آمنًا للأطفال والنساء والمسنين، تحوّلت إلى مقابر جماعية بفعل القصف الإسرائيلي الهمجي، في انتهاك فاضح للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، التي لم تعد تجد من يحترمها أو يحاسب على خرقها.
عمليات إنقاذ في قلب النار
رغم القصف المتواصل، تواصل طواقم الدفاع المدني في قطاع غزة أداء واجبها الإنساني، متحدّية خطر الموت المحيط بها من كل جانب. فقد نفذت الطواقم خلال 24 ساعة فقط، 24 مهمة شملت عمليات إنقاذ وإطفاء وإسعاف، في مشاهد تختلط فيها البطولة بالألم. في مخيم جباليا، انتشل رجال الدفاع المدني جثمان شهيدة من تحت ركام منزل عائلة "أبو وردة" الذي تعرض لقصف سابق. وفي مدينة غزة، انتشلوا 13 شهيدًا من مدرسة فهمي الجرجاوي، بالإضافة إلى 4 شهداء من محيط مطعم التايلندي، إلى جانب إنقاذ أطفال كانوا عالقين في شقة سكنية وسط منطقة الدرج. وفي خان يونس، كانت الخيام التي لجأ إليها النازحون هدفًا لغارات الاحتلال، ما أوقع شهداء وجرحى جدد لا ذنب لهم سوى أنهم فلسطينيون يبحثون عن حياة.
الحصيلة: أرقام تقشعر لها الأبدان
تشير الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في غزة إلى كارثة إنسانية تتكشف يومًا بعد يوم. خلال 24 ساعة فقط، استشهد 38 فلسطينيًا بينهم ضحايا جرى انتشالهم من تحت الأنقاض، وأصيب 169 آخرون، في حين لا تزال جثامين أخرى عالقة تحت الركام، لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليها بسبب القصف المتواصل وخطورة الوضع الميداني، لا سيما في شمال قطاع غزة، حيث يُمنع الوصول إلى المستشفيات التي باتت خارج الخدمة.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023 وحتى اليوم، ارتفع عدد الشهداء إلى 53,977 شهيدًا، فيما أصيب 122,966 شخصًا بجروح متفاوتة، بعضهم ما زال يعاني في ظل الانهيار شبه الكامل للنظام الصحي. أما منذ 18 مارس 2025 وحدها، فقد ارتقى 3,822 شهيدًا وأصيب 10,925 آخرون، ما يعكس وحشية هذا التصعيد الأخير.
انهيار النظام الصحي وسط الحصار
يُرتكب كل هذا في ظل شلل تام للمنظومة الصحية في قطاع غزة. الاحتلال الإسرائيلي دمّر المستشفيات بشكل مباشر، وأخرج معظمها عن الخدمة، بينما تواجه الطواقم الطبية عجزًا هائلًا في المعدات والأدوية والوقود. الجرحى الذين يصارعون الموت لا يجدون سريرًا، والمرضى المزمنون تُركوا لمصيرهم، والمعابر مغلقة أمام الحالات الإنسانية، فيما تستمر إسرائيل في منع دخول المساعدات الحيوية، في سلوك لا يمكن وصفه إلا بأنه إمعان في القتل البطيء.
تواطؤ دولي وصمت مريب
لا تقتصر الجريمة على يد الاحتلال وحده، بل تشارك فيها دول كبرى بالصمت أو بالدعم. الإدارة الأمريكية، إلى جانب المملكة المتحدة، وألمانيا، وفرنسا، تتحمل مسؤولية مباشرة عن استمرار هذه الإبادة الجماعية، سواء من خلال التمويل العسكري أو الغطاء السياسي. هذا الاصطفاف الفاضح يعري كل الشعارات الغربية عن حقوق الإنسان، ويؤكد أن ما يُمنح لشعبٍ ما من كرامة، يُمنع عن الفلسطينيين عمداً.
نداء إلى الضمير العالمي
أمام هذا النزيف المفتوح، فإن الشعب الفلسطيني في غزة لا يطلب المستحيل، بل الحد الأدنى من إنسانيات يُفترض أنها عالمية. نطالب الأمم المتحدة، وكل المنظمات الدولية، وكل من تبقى له صوت حر في هذا العالم، بالتحرك الفوري لوقف آلة القتل، وفتح المعابر، وفرض عقوبات على الاحتلال، والضغط الحقيقي لإنهاء حرب الإبادة الجماعية التي تستهدف شعبًا كاملًا أمام مرأى العالم وصمته. إن كل دقيقة تمر تعني المزيد من الدم، المزيد من الأرواح، والمزيد من العار على جبين الإنسانية.










