"أين وعود ترامب جاء وسنفرض شروطنا"

صدمة إسرائيلية بعد تصريحات السفير الأمريكي في تل أبيب

profile
  • clock 9 مايو 2025, 11:31:51 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

مع دخول العدوان الإسرائيلي على غزة شهره العشرين، ومنع إدخال أي مساعدات إنسانية منذ مطلع مارس، تكشف التصريحات الأخيرة عن تصدّعٍ غير مسبوق في العلاقة بين حكومة الاحتلال وإدارة دونالد ترامب، رغم أن الأخيرة تُعد الأقرب إلى إسرائيل أيديولوجيًا وسياسيًا، بحسب الخطاب الإسرائيلي الرسمي.

آلية جديدة للمساعدات.. بدون إسرائيل

في تصريح لافت، أعلن السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، أن تل أبيب لن تكون جزءًا من آلية توزيع المساعدات الغذائية في غزة، موضحًا أن الخطة التي تقودها إدارة ترامب "لا تعتمد على العمل العسكري" وتشمل شركاء دوليين، يرفض بعضهم إشراك إسرائيل.

وبحسب هاكابي، فإن دور الجيش الإسرائيلي سيقتصر على تأمين الحدود فقط، في حين ستُكلف شركات أمن خاصة بحماية قوافل المساعدات والعاملين في القطاع الإنساني. هذه الآلية تهمّش بشكل مباشر الحكومة الإسرائيلية، وتضعف قدرتها على التحكم في حركة المساعدات، بما يتناقض مع مزاعمها المتكررة بأن منع الغذاء عن غزة مرتبط بحصار حماس وليس بالرفض المطلق لإدخال المساعدات.

غضب داخل إسرائيل: وعود لم تُنفّذ

ردود الفعل داخل إسرائيل جاءت حادة، وتعبّر عن خيبة أمل واضحة من إدارة ترامب. الصحفي يانير كوزاين، مراسل إذاعة الجيش، علّق بسخرية على تصريحات هاكابي، متسائلًا:

"أين ذهب الحصار اللوجستي؟ وأين وعود الوزراء بأن ترامب جاء وسنفرض شروطنا؟"

وتابع: "لقد كرر ((هاكابي) أن الخطة منسقة مع إسرائيل وأن الهدف هو ألا تصل المساعدات إلى حماس، لكن إذا كان الأمر كذلك، فماذا حدث لـ"الحصار اللوجستي" الذي لا يتوقف وزير الدفاع عن الحديث عنه؟ وماذا عن الوعود الرنانة من وزراء الحكومة بأن ترامب قد وصل والآن سنفعل ما نريد؟ سنمارس ضغطًا وسيُفرَج عن الأسرى؟ ماذا حدث لكل ذلك؟".

ووجّه كوزاين انتقادًا مباشرًا للحكومة الإسرائيلية لأنها لم تُصر على ربط دخول المساعدات بالإفراج عن الأسرى، رغم أن هذه المسألة تُعد من أبرز مطالب حكومة نتنياهو في أي مفاوضات.

دلالات الخلاف: إسرائيل لم تعد محور القرار

يشير هذا التطور إلى أن العلاقة بين إسرائيل وترامب لم تعد كما تروج تل أبيب، وأن إدارة ترامب الحالية – رغم خطابها المتعاطف مع إسرائيل – بدأت تتعامل مع ملف غزة من منظور دولي أوسع، يتجاوز الحسابات الإسرائيلية الضيقة.

هذا التوجه لا يعكس فقط اختلافًا في الآليات، بل تناقضًا في الرؤية السياسية نفسها. بينما ترى إسرائيل أن إدخال المساعدات يجب أن يكون مشروطًا بضغط سياسي وميداني على حماس، تتجه إدارة ترامب إلى فصل المسار الإنساني عن المسار العسكري، في مسعى لوقف التدهور الكارثي في الأوضاع داخل القطاع.

تبعات ميدانية: غزة نحو المجاعة وإسرائيل في مأزق

في ظل هذا الخلاف، تبقى غزة تحت حصار مطبق منذ مطلع مارس، دون دخول أي مساعدات. ومع وصف منظمات الإغاثة للوضع بأنه "كارثي" ويصل إلى مستوى المجاعة الفعلية، فإن استمرار الشلل السياسي داخل إسرائيل ورفضها لأي تسوية أو انخراط في آلية مستقلة، يضعها في مواجهة مع المجتمع الدولي، بل ومع أقرب حلفائها.

الشرخ بين إدارة ترامب وحكومة نتنياهو في ملف المساعدات لغزة هو أكثر من مجرّد خلاف تقني، بل هو تعبير عن أزمة ثقة سياسية متفاقمة، تكشف حدود النفوذ الإسرائيلي حتى لدى أقرب الرؤساء الأمريكيين دعمًا لها. وفيما تتعاظم الكارثة الإنسانية في غزة، تبدو إسرائيل اليوم عاجزة عن فرض شروطها، ومضطرة إلى التنازل عن دورها في ملف بالغ الحساسية، تحت ضغط الواقع والانعزال السياسي المتزايد.

التعليقات (0)