-
℃ 11 تركيا
-
14 يونيو 2025
د. محمد إبراهيم المدهون يكتب: محرقة غزة.. هل تيقظ الضمير الأوروبي؟
دماء غزة أزهقت الكثير من الأقنعة
د. محمد إبراهيم المدهون يكتب: محرقة غزة.. هل تيقظ الضمير الأوروبي؟
-
22 مايو 2025, 1:19:44 م
-
430
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تعبيرية
في قلب غزة، تصاعدت ألسنة اللهب لتتحول إلى محرقة إنسانية لا تترك أحدًا دون تأثر. وسط هذه المأساة التي تنذر بكارثة أخلاقية وإنسانية، بدأت مواقف أوروبا تتغير بشكل لافت، فتارةً تصدر بيانات استنكار وأخرى تهديدات بالعقوبات. هل هذه التحولات تعكس فعلاً يقظة الضمير الأوروبي تجاه معاناة الفلسطينيين، أم أنها مجرد ردود فعل ظرفية أمام ضغط الرأي العام؟ هذا التساؤل يفتح الباب أمام قراءة نقدية لمعنى الموقف الأوروبي الحالي، ومدى استعداده للمساهمة الجادة في إنهاء المعاناة وتحقيق السلام العادل.
تشهد الساحة الدولية تحولات نوعية في مواقف الدول الأوروبية تجاه مأساة غزة، التي غرقت فيها تل أبيب في "تسونامي دبلوماسي" غير متوقع، إثر الوحشية التلمودية العنصرية التي لم تستثنِ طفلاً أو مسعفاً أو مدرسة. هذا العدوان الدموي لم يُفقد (إسرائيل) فقط رأس مالها الأخلاقي، بل أحرج حلفاءها الأوروبيين الذين رعت معظمهم المشروع الصهيوني منذ نشأته.
بدأ الانقلاب الأوروبي بإجراءات رمزية غير مسبوقة: استدعاء السفراء، تعليق الاتفاقيات التجارية، وفرض عقوبات على المستوطنين. ومع تصاعد الضغوط الشعبية واحتدام المظاهرات، بدأت بعض العواصم تعلن دعمها لإقامة دولة فلسطينية، وتتشارك في مبادرات دولية لوقف العدوان ووضع حد نهائي للصراع عبر حل سياسي جذري.
هذا التحول لم يأتِ اعتباطًا، بل بفعل فشل إسرائيل في تحقيق نصر عسكري وتحول استراتيجياتها نحو التهجير القسري، مما أثار قلق أوروبا، الأقرب جغرافيًا والمتأثرة أكثر من تداعيات الفوضى في الشرق الأوسط. كما فرضت التغطيات الإعلامية المكثفة والغضب الشعبي الأوروبي على الحكومات إعادة النظر في مواقفها.
لكن، ما الذي يجب أن يلي هذا الاستيقاظ الأوروبي؟ هل تكتفي أوروبا بوقف الحرب وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية؟ أم عليها الانتقال إلى أدوار سياسية فاعلة تنهي الاحتلال وتؤسس لدولة فلسطينية مستقلة، وتضمن حقوق اللاجئين بالعودة، وفق القرارات الدولية؟
المطلوب من أوروبا اليوم ليس مجرد تعاطف متأخر، بل ضغط حقيقي على الاحتلال، وفرض عقوبات اقتصادية وقانونية صارمة، ودعم محاسبة (إسرائيل) في المحافل الدولية. كما يقع على الفلسطينيين مسؤولية توحيد الصف الوطني وإنهاء الانقسام الذي أضعف الموقف الدولي. فكيف يطالبون العالم باعتراف رسمي وهم مشتتون؟
في هذه اللحظة الحرجة، يتعين تشكيل جبهة دولية وشعبية مناهضة للإبادة الجماعية، تضم شعوب أوروبا الحرة ودولًا من أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، تعيد القضية الفلسطينية إلى قلب المعادلة الدولية، كما حدث مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
رغم الألم والتدمير، فإن دماء غزة أزهقت الكثير من الأقنعة وأجبرت أوروبا على مراجعة مواقفها. فهل تمضي أوروبا إلى نهاية الطريق، أم ستتوقف عند نصف موقف ونصف شهادة؟
ختامًا، لحظة الضمير الأوروبي هذه، رغم تأخرها، تمثل فرصة تاريخية يجب أن يستثمرها الفلسطينيون بوحدة وطنية وقيادة سياسية واستراتيجية دبلوماسية واضحة، لإنهاء الاحتلال، وتحقيق الدولة المستقلة، ونيل العدالة المنشودة التي طال انتظارها.







