-
℃ 11 تركيا
-
13 يونيو 2025
خطة "مؤسسة غزة الإنسانية": عسكرة المساعدات وتواطؤ دولي يُكرّس التهجير والإبادة
خطة "مؤسسة غزة الإنسانية": عسكرة المساعدات وتواطؤ دولي يُكرّس التهجير والإبادة
-
24 مايو 2025, 11:30:35 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
فلسطينيون يصطفون للحصول على وجبة ساخنة في نقطة توزيع طعام بمدينة غزة
متابعة: عمرو المصري
مع تسارع الانهيار الإنساني في قطاع غزة تحت وطأة الحرب الإسرائيلية المستمرة، تتجه الأنظار إلى مشروع جديد تدعمه واشنطن تحت اسم "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF)، باعتباره محاولة "منظمة" لتوزيع المساعدات، لكنه يثير موجة انتقادات وتحذيرات من منظمات إنسانية وخبراء قانونيين ودبلوماسيين، باعتباره جزءاً من هندسة سياسية وعسكرية تستهدف ما تبقى من الوجود الفلسطيني في القطاع.
عسكرة الإغاثة باسم "الإنسانية"
ما تروّج له الولايات المتحدة عبر مشروع "GHF" لا يبدو، وفق تقارير صحفية وتحقيقات حديثة أبرزها ما نشرته واشنطن بوست، سوى نسخة هجينة من العمل الإنساني المشروط والمقنن أمنيًا. فالمؤسسة التي يقف وراءها مسؤولون أمريكيون سابقون في الاستخبارات وقطاعات الأعمال، مدعومة بشكل غير مباشر من تل أبيب، تعتزم توظيف شركات أمنية خاصة – بعضها مسلح – لتأمين نقاط توزيع المساعدات، وفرض فحوصات هوية على المدنيين الفلسطينيين كشرط للحصول على المعونات.
هذا النموذج لا يتجاوز فقط المعايير الدولية للعمل الإنساني، بل يعكس تحوّلاً خطيراً نحو عسكرة المساعدات وتحويلها إلى أدوات ضغط، وهو ما حذرت منه منظمة "ترايال إنترناشونال"، التي طالبت بفتح تحقيق في أنشطة المؤسسة في سويسرا، مقرها الرسمي، محذرة من أنها قد تكون مخالفة للقوانين الفيدرالية التي تنظّم الخدمات الأمنية في الخارج.
هندسة جغرافية و"إعادة تموضع" للسكان
أكثر ما يثير القلق في خطة "GHF" أنها توزّع المساعدات فقط في مناطق جغرافية محددة جنوب القطاع، مما يعني ضمنيًا دفع المدنيين إلى مغادرة مناطق شمالية ووسطى مدمرة نحو جيوب خاضعة للسيطرة الإسرائيلية والأمنية. منظمات إغاثة عدّة وصفت هذا التصميم بأنه "وسيلة غير مباشرة للتهجير القسري"، تكرّس الأمر الواقع الذي تسعى له إسرائيل منذ أشهر بإفراغ شمال غزة، وتحويل الجنوب إلى "منطقة آمنة" وهمية تخضع لرقابة وتنسيق أمني – اقتصادي طويل الأمد.
ولا تغيب الإشارة هنا إلى تقارير واشنطن بوست التي نقلت عن ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي تشكيكهم في "نوايا" المشروع، وطرحهم أسئلة مباشرة حول ما إذا كانت الخطة تمهيدًا لـ"احتلال من نوع آخر" لقطاع غزة، عبر أدوات مدنية وشركات خاصة، لا عبر الدبابات.
واشنطن على الخط الأمامي.. وإسرائيل في الخلف
من اللافت أن الولايات المتحدة تظهر في هذا المشروع كداعم مباشر – سياسيًا وتمويليًا – فيما تتوارى إسرائيل نسبيًا عن الواجهة، رغم أن البنية الميدانية للخطة لا يمكن أن تتم دون موافقتها الكاملة. وتشير مصادر الصحيفة الأمريكية إلى أن إدارة ترامب رصدت 100 مليون دولار لتمويل المبادرة، في وقت تمتنع فيه عن دعم قنوات الأمم المتحدة لتوزيع المساعدات، والتي اعتبرتها "GHF" غير موثوقة. وهو انقلاب على الأسس التقليدية للعمل الإنساني الدولي، ويكشف مدى التواطؤ الأمريكي في هندسة واقع ما بعد الحرب على غزة، عبر أدوات تدّعي الإنسانية بينما تخدم هدفًا استراتيجيًا: تفكيك النسيج الاجتماعي والسياسي الفلسطيني.
رفض أممي وإجماع حقوقي على الخطر
المؤسسة التي أعلنت نيتها توزيع 300 مليون وجبة خلال 90 يوماً، لا تحظى بأي اعتراف من الأمم المتحدة، التي أكدت مراراً أنها لن تتعامل معها بسبب مخالفتها لمبادئ الحياد والاستقلالية والشفافية. كما تواجه رفضًا منظمًا من أبرز وكالات الإغاثة والمنظمات الدولية، التي ترى فيها أداة لإخضاع السكان بدلاً من حمايتهم، وتحذّر من أنها تسهم في إطالة أمد الكارثة بدلاً من حلّها.
ومع استمرار إسرائيل في عرقلة دخول شاحنات الإغاثة واستهدافها في بعض الأحيان، وتواطؤ سياسي مع دعوات علنية من اليمين الإسرائيلي المتطرف لتجويع غزة، تبدو الخطة وكأنها محاولة "تبييض" للمأساة الجارية، بإلباسها رداء مساعدات إنسانية مزيفة، تفتح الطريق أمام نظام توزيع مشروط ومرتبك ومرفوض، لا يسعى لإغاثة الفلسطينيين بقدر ما يهدف إلى إعادة قولبة وجودهم ومستقبلهم.
تساؤلات أخلاقية ومصير غامض
تُطرح اليوم تساؤلات كبرى حول مشروعية وجدوى هذه الخطة، ليس فقط من الزاوية الأخلاقية، بل أيضًا من حيث فعاليتها وواقعيتها. فمع غياب الدعم الدولي، ورفض الأمم المتحدة، وقلق المنظمات الإنسانية، وحتى شكوك المسؤولين الإسرائيليين أنفسهم، تبدو "مؤسسة غزة الإنسانية" كمشروع ولِدَ في غرفة استخبارات وليس في ميدان الإغاثة، ويجسد نموذجًا جديدًا للهيمنة المقنّعة باسم المعونة.
إن استمرار العالم في دعم هذا النموذج، أو حتى التزام الصمت تجاهه، لا يعني فقط الفشل في إنقاذ غزة، بل المشاركة في تكريس نظام جديد من الإبادة السياسية والاجتماعية، تحركه واشنطن بصمت، وتتقن إسرائيل تمويه أهدافه.
- غزة
- ترامب
- واشنطن بوست
- قطاع غزة
- حصار غزة
- واشنطن
- المساعدات الانسانية
- العدوان على غزة
- غزة تحت القصف
- اليمين المتطرف
- إبادة غزة
- التهجير
- شمال غزة
- الإبادة الجماعية
- تجويع الشعب الفلسطيني
- تهجير الغزاويين
- التهجير القسري
- المساعدات الإنسانية إلى غزة
- شاحنات المساعدات
- تجويع غزة
- مخططات التهجير
- وقف المساعدات إلى غزة
- آلية توزيع المساعدات في غزة










