-
℃ 11 تركيا
-
15 يونيو 2025
التوتر يتصاعد.. ترامب لا يريد لنتنياهو أن يفسد زيارته للخليج
التوتر يتصاعد.. ترامب لا يريد لنتنياهو أن يفسد زيارته للخليج
-
10 مايو 2025, 3:45:55 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرى في إسرائيل تهديدًا محتملاً لنجاح زيارته الكبرى إلى الشرق الأوسط، ما تسبب في توترات متزايدة بين واشنطن وتل أبيب. مع اقتراب رحلته إلى منطقة الخليج الغنية بالنفط، والتي تبدأ يوم الثلاثاء، يبدو أن ترامب يسعى لتجميد النزاعات والحروب والمجاعات مؤقتًا خلال وجوده هناك، ملوّحًا بإمكانية تجاوز إسرائيل إن لم تتماشَ مع رؤيته الجديدة للمنطقة.
وقال مسؤول غربي رفيع في المنطقة لموقع "ميدل إيست آي": "كلمة شرخ قوية، لكن الغضب يتصاعد". فعدة ملفات حساسة تتقاطع قبل زيارة ترامب، وتثير استياء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفقًا لما يقوله محللون ودبلوماسيون.
من أبرز هذه الملفات المحادثات النووية الجارية مع إيران، والتي وصفها نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس هذا الأسبوع بأنها "تسير على ما يرام حتى الآن".
نتنياهو مستاء... وترامب يتجاهله في ملفات استراتيجية
لطالما أبدى ترامب احتقاره لموقف نتنياهو في الملف الإيراني، بينما شنّ حلفاؤه الإعلاميون هجمات على "عملاء الموساد" الذين اتهموهم بمحاولة إفشال أجندته. ووفقًا لما صرح به ترامب نفسه، فقد رفض الضغوط الإسرائيلية التي كانت تدفعه نحو شن هجوم استباقي على إيران.
وفي الوقت ذاته، منح ترامب نتنياهو دعمًا كاملاً في شن الحرب على غزة وتجويع سكانها، كما نال استحسانًا إسرائيليًا كبيرًا حين شن حملة قصف على الحوثيين في اليمن. ولكن، يبدو أن ترامب الآن بصدد إيقاف البنادق في اليمن، والسعي لتفاهم مع إسرائيل بشأن غزة، وهو ما يزعج القاعدة اليمينية لنتنياهو.
يقول مايكل واهيد حنا، مدير برنامج الولايات المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية، لموقع "ميدل إيست آي": "من الواضح في هذه المرحلة أن ترامب مستعد لاتخاذ قرارات كبرى بشكل أحادي دون اعتبار كبير للمصالح الإسرائيلية، كما رأينا في إيران واليمن". لكنه استدرك: "لكننا لم نر ذلك بعد بوضوح في ملف فلسطين".
إلغاء زيارة وزير الدفاع الأمريكي... وتوتر متزايد
أفادت وسائل إعلام إسرائيلية يوم الجمعة بأن وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث ألغى زيارة كانت مقررة لإسرائيل، وكان من المفترض أن تبدأ قبل يوم من زيارة ترامب للخليج في 13 مايو، حيث كان من المقرر أن يلتقي بنتنياهو ووزير الحرب الإسرائيلي.
هدنة مع الحوثيين تهزّ إسرائيل
فاجأ ترامب الجميع يوم الثلاثاء بإعلانه هدنة مع الحوثيين في اليمن، وهو قرار من شأنه تخفيف التوتر في المفاوضات النووية مع طهران، نظرًا لأن الحوثيين يتلقون الدعم من إيران. ومن المقرر أن تعقد الجولة الرابعة من هذه المحادثات في سلطنة عمان يوم الأحد، قبل وصول ترامب إلى الخليج مباشرة.
الهدنة كانت محط ترحيب كبير لدى الحلفاء العرب للولايات المتحدة، خصوصًا السعودية، التي كانت تضغط على ترامب لإنهاء الهجمات قبل زيارته. كما لاقت الخطوة ترحيبًا من قاعدته الأمريكية المناهضة للحروب.
لكن هذه الخطوة أزعجت إسرائيل، خصوصًا وأن الهدنة كانت مشروطة بعدم استهداف الحوثيين للملاحة العالمية، متجاهلة المخاوف الأمنية الإسرائيلية. وقد أتت الهدنة بعد أيام فقط من سقوط صاروخ حوثي قرب مطار بن غوريون الرئيسي.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية لموقع "ميدل إيست آي" إن الهدنة تحمل رائحة "لحظة أرامكو"، في إشارة إلى قرار ترامب عام 2019 بعدم الرد على هجوم حوثي ضخم استهدف منشآت النفط السعودية.
وقد أكد التزام الولايات المتحدة بالهدنة السفير الأمريكي المؤيد بشدة لإسرائيل، مايك هاكابي، يوم الجمعة، رغم سقوط صاروخ حوثي في نفس اليوم على إسرائيل. وقال هاكابي للصحفيين الإسرائيليين إن واشنطن لن تتدخل إلا إذا كان أحد الضحايا يحمل جواز سفر أمريكي، مشيرًا إلى وجود 700 ألف مزدوجي الجنسية بين أمريكا وإسرائيل، وموضحًا أن على الحوثيين أن "يفكروا جيدًا".
غزة تحاصر ترامب قبل زيارته
مع اقتراب موعد المفاوضات النووية، وهدنة هشة في اليمن، تتحول أنظار ترامب نحو قطاع غزة، حيث يحذر عمال الإغاثة من مجاعة جماعية تلوح في الأفق بالتزامن مع وصوله للمنطقة.
وقال آرون ديفيد ميلر، كبير الباحثين في مؤسسة كارنيغي والمفاوض الأمريكي السابق في الشرق الأوسط: "ترامب لا يزال مكبلًا بملف غزة قبل زيارته... لا يمكنه أن يتجاهله". وأضاف: "يحتاج ترامب إلى خطة مساعدات يتحدث عنها، لأن السعوديين سيضغطون عليه بشأن ما لا يحدث في غزة. باختصار، سيواجه ترامب قادة عرب سعداء بمفاوضاته مع إيران وهدنته مع الحوثيين، لكنهم سيكونون غاضبين جدًا من أوضاع غزة".
ويبدو أن ترامب يتحرك لمعالجة هذه المخاوف، بينما يحاول في الوقت ذاته الحفاظ على الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع.
ترامب يعود إلى ملف غزة بخطة مثيرة للجدل
قدّم ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب للشرق الأوسط، إحاطة لمجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء حول أوضاع غزة. وأشارت تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن ترامب قد يكشف عن خطة هدنة جديدة في غزة نهاية هذا الأسبوع، تتضمن إمكانية إشراك حماس في مستقبل حكم القطاع.
وذكر موقع "ميدل إيست آي" أن الولايات المتحدة تحاول إدخال مؤسسة غير معروفة سابقًا تُدعى "مؤسسة غزة الإنسانية" إلى القطاع، وفقًا لوثيقة من 14 صفحة تداولها دبلوماسيون ومنظمات إغاثة.
وستتولى المؤسسة الجديدة مسؤولية توزيع المساعدات الإنسانية في القطاع المحاصر، في حين سيقوم متعاقد أمني أمريكي خاص، خضع لموافقة حكومة نتنياهو، بتأمين مراكز توزيع الوجبات التي تصل إلى 1750 سعرة حرارية للفلسطيني الواحد يوميًا، مقابل دولار واحد تقريبًا للوجبة، بحسب الدبلوماسيين وعمال الإغاثة.
وقال مسؤول أممي للموقع إن إدارة ترامب "تضغط بقوة" لدفع الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة للموافقة على الخطة، رغم أن هذه الأخيرة أعربت عن مخاوف من أن المشروع قد يتعارض مع القانون الإنساني الدولي.
الخطة تسعى لتقليص دور الأمم المتحدة في غزة بما يتماشى مع الأهداف الإسرائيلية، وتهدف عمليًا إلى عسكَرة وخصخصة تدفق المساعدات، كما قال دبلوماسيان عربيان مطلعان على الخطة.
ورغم أن المؤسسة ستكون بإدارة أمريكية، وتطمح واشنطن إلى جلب تمويل قطري وسعودي وإماراتي، فإن لإسرائيل صلاحيات إشراف واسعة على المشروع، بحسب ما أكده المسؤولون، مشيرين إلى رفض تل أبيب إشراك السلطة الفلسطينية.
لكن حتى هذه الخطة قوبلت بانتقادات من حلفاء نتنياهو اليمينيين المتطرفين، الذين صعّدوا دعواتهم لاحتلال غزة بشكل كامل وتهجير سكانها قسرًا.
وقال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير يوم الجمعة: "من الغباء ومن الخطأ الأخلاقي والاستراتيجي أن يحصل سكان غزة على إمدادات بينما يُترك أسرانا يتضورون جوعًا".
ولا يُعرف بعد كيف سيستقبل أنصار ترامب في الداخل الأمريكي، خصوصًا من التيار المحافظ، فكرة خطة مساعدات أمريكية لغزة. فهؤلاء سبق وأن عارضوا بشدة دعوات ترامب لتدخل أمريكي مباشر في إدارة القطاع.
وتساءل تشاس فريمان، السفير الأمريكي الأسبق لدى السعودية: "سيطرح هؤلاء سؤالًا بسيطًا: لماذا على الولايات المتحدة أن تشارك في تقديم مساعدات لغزة كنتيجة لحرب إسرائيل؟"
وأضاف أن زيارة ترامب المقبلة ستواجه تحديات لم تكن حاضرة خلال زيارته السابقة عام 2017. وقال: "لطالما اعتمدت دول الخليج على واشنطن لكبح جماح إسرائيل، أما الآن، فترامب يدخل المنطقة في ظل اختلال واضح في ميزان القوى... لقد أذعن ترامب للتكتيكات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية".
الاتفاق النووي السعودي... بلا تطبيع مع إسرائيل
تبدو الصفقة التي كان ترامب يطمح إليها لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية أبعد من أي وقت مضى، بحسب ما يقول خبراء. فقد مهدت الرياض لزيارة ترامب بمواقف صريحة ترفض الحديث عن تطبيع في ظل غياب وقف لإطلاق النار في غزة أو خطوات نحو إقامة دولة فلسطينية.
لكن ترامب لا يبدو مستعدًا للانتظار. إذ قال وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت الشهر الماضي إن بلاده أحرزت تقدمًا مع السعودية نحو اتفاق لمساعدتها في تطوير برنامج طاقة نووية تجارية.
وفي غضون ذلك، نشرت إدارة ترامب رسائل طمأنة لرجال الأعمال قبل الزيارة مفادها أن صفقة الطاقة النووية، التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، ليست مرتبطة بالتطبيع مع إسرائيل، بحسب مسؤول أمريكي رفيع سابق.
ويمثل ذلك تغييرًا محوريًا، حيث أزاح أحد الأعمدة الثلاثة التي اعتمدت عليها إدارة بايدن لدفع الرياض نحو التطبيع مع إسرائيل.
ورغم أن المفاوضات لا تزال بعيدة عن الاكتمال، فإن مجرد إمكانية بيع التكنولوجيا النووية للسعودية دون تطبيع أثارت قلق السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي كان يساعد إدارة بايدن في جهود التطبيع.
وقال غراهام على منصة "إكس": "أود أن أوضح تمامًا أنني لن أؤيد أي اتفاق دفاعي مع السعودية أو أي بند آخر من الصفقة المقترحة، ما لم يشمل تطبيع العلاقات مع إسرائيل".
لكن إدارة ترامب تمضي قدمًا بالفعل في تسريع مبيعات الأسلحة إلى السعودية بمليارات الدولارات، بما في ذلك احتمالية تزويدها بطائرات F-35، وهو ما كان يشكل ركيزة أساسية في الصفقة الكبرى.
وبذلك، لم يتبقَّ من الحوافز الكبرى للسعودية سوى وعد بمعاهدة دفاع أمريكية، وهو أمر صعب المنال ويتطلب موافقة مجلس الشيوخ.
من اليمن إلى الطاقة النووية، يبعث ترامب رسالة واضحة إلى نتنياهو: لن أسمح لك بإفساد ظهوري الثاني في الخليج العربي.




