-
℃ 11 تركيا
-
19 يونيو 2025
الاحتلال أجبرهم على العودة لمنازلهم المدمرة.. 5 آلاف مستوطن شردتهم صواريخ إيران
الاحتلال أجبرهم على العودة لمنازلهم المدمرة.. 5 آلاف مستوطن شردتهم صواريخ إيران
-
19 يونيو 2025, 12:48:36 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
جانب من آثار الصواريخ الإيرانية في ريشون لتسيون
متابعة: عمرو المصري
رغم الرقابة العسكرية الصارمة المفروضة في "إسرائيل" لمنع الكشف عن حجم الأضرار الناجمة عن القصف الإيراني الأخير، بدأت تتسرّب صورة كارثية عن حجم الدمار الحقيقي الذي لحق بالمناطق المدنية والبنية التحتية، وسط محاولات حكومية لإعادة السكان إلى منازل مهدّمة وغير صالحة للسكن. ففي حين تحاول السلطات الترويج لعودة الحياة إلى طبيعتها، تشير الوقائع الميدانية إلى أزمة إنسانية متفاقمة، يواجه فيها آلاف الإسرائيليين ظروفًا سكنية غير آمنة.
حالياً، يُقيم نحو 5,000 شخص في فنادق مؤقتة بعد أن دُمّرت أو تضررت منازلهم، لكن ذلك لا يحلّ سوى جزء يسير من الأزمة. المدن الكبرى مثل بيتاح تيكفا، ريشون لتسيون، بني براك، وحيفا سجّلت نسب تدمير واسعة، إذ تضرّرت أكثر من 400 وحدة سكنية في بيتاح تيكفا وحدها، ونُقل سكانها إلى تسعة فنادق. وفي ريشون لتسيون، أُجلي نحو 300 شخص، وأظهرت المعاينات الأولية أن بعض المباني تعرضت لأضرار "ثقيلة جداً"، وتم تصنيف ستة مبانٍ على الأقل كصالحة للهدم.
بنية تحتية مدمرة
مدينة بني براك شهدت دمارًا أوسع من المعلن، حيث أُجليت 200 عائلة (نحو 1,140 شخصًا)، واعتُبرت مبانٍ كاملة غير قابلة للسكن، بل صُنّفت ضمن خطط "التجديد العمراني"، أي أن إعادة بنائها من الصفر باتت الخيار الوحيد. وتُظهر التقارير الرسمية أيضًا انهيارًا كاملًا لمبنى مدرسة في المنطقة ذاتها، إضافة إلى تعرّض مئات المباني لأضرار ناتجة عن الصدمات والحرائق والشظايا.
وفي مدينة بات يام، تم إجلاء أكثر من 1,000 شخص، بعد أن طال القصف أكثر من 150 مبنى بدرجات مختلفة من الضرر. أما في حيفا، فقد اضطر نحو 70 شخصًا إلى مغادرة منازلهم، وسط ترجيحات بوجود مبانٍ أخرى مرشحة للهدم بعد تقييمات هندسية قيد التنفيذ.
قرارات الإخلاء الخاضعة للرقابة
في مفارقة مثيرة للجدل، لا تقرر السلطات المحلية الإخلاء بناءً على حجم الأضرار، بل يتبع ذلك لتقدير "سلطة الضرائب"، وتحديدًا لجهاز "تقييم الأضرار" التابع لها، وهو ما يزيد من حدة المعاناة. فكثير من المتضررين أُجبروا على العودة إلى منازل مهدمة، بحجة أن الأبنية لا تستوفي معايير "الهدم الكامل"، رغم تحطم الزجاج والنوافذ، وانهيار أجزاء من الجدران، ودمار شامل في محتويات المنازل.
رئيس اتحاد السلطات المحلية، حاييم بيباس، أطلق نداءً عاجلاً لوزارة المالية الإسرائيلية طالب فيه بتوسيع معايير الإخلاء، محذرًا من أن آلاف السكان يبيتون في منازل "غير صالحة وغير آمنة للسكن على الإطلاق". وأكد بيباس أن بقاء هذه العائلات في ظروف مشابهة يشكّل خطرًا على سلامتهم، داعيًا إلى إعادة النظر في السياسات البيروقراطية المتعلقة بالتعويضات والسكن البديل.
مأزق بيروقراطي ومعيشي
تكمن إحدى أكبر الأزمات في الفجوة بين التقييمات البيروقراطية وواقع المتضررين. فحتى عندما تُمنح العائلات فرصة إخلاء منازلها مؤقتًا، تُترك لاحقًا دون تمويل دائم أو بديل مستقر. في حالات الهدم الكامل، لا يوجد بعد أي التزام حكومي واضح بتوفير سكن دائم، وتقتصر الحلول على مساعدات محدودة للمستأجرين من الفئات الأكثر فقرًا عبر شركات وسيطة، تغطي ما يصل إلى 90% من قيمة الإيجار، لكن ذلك لا يشمل الطبقة الوسطى أو أصحاب المنازل الخاصة.
المعضلة الأكبر بحسب تقارير صحفية إسرائيلية تكمن في إصرار السلطة الضريبية على ترميم مبانٍ مدمّرة بدل هدمها، رغم تحذيرات المهندسين بأن هذه الهياكل باتت غير آمنة على المدى الطويل. ويحذّر بيباس من أن مثل هذه القرارات قد تؤدي لاحقًا إلى كوارث هندسية وانهيارات مفاجئة في حال أعيد شغلها دون إعادة إعمار كاملة.
الصمت العسكري.. والتكلفة المخفية
وراء كل هذه الأرقام، تقف رقابة عسكرية صارمة تمنع الإعلام الإسرائيلي من نشر حجم الخسائر بدقة، خاصة في ما يتعلّق بأعداد القتلى أو المصابين، أو حتى الخسائر في صفوف الجيش والمقار الأمنية. لكن التسريبات من مكاتب السلطات المحلية، وتفاصيل إجراءات الإخلاء، تكشف ما تحاول المؤسسة الأمنية إخفاءه: أن القصف الإيراني كان واسع النطاق وألحق أضرارًا كبيرة، ليس فقط بالبنية المدنية، بل أيضًا على مستوى الردع العسكري والقدرة اللوجستية.
ما بعد القصف: سؤال المأوى والمستقبل
في ظل هذا المشهد، يبقى آلاف الإسرائيليين عالقين بين قرار العودة القسري إلى منازل مهدمة، وبين انتظار آليات التعويض البطيئة والمعقدة. وتواجه الحكومة ضغوطًا متصاعدة لإعلان خطة طوارئ واضحة لإعادة الإعمار، خاصة مع احتمال اتساع نطاق المواجهة مع إيران، واستمرار التهديدات بصواريخ دقيقة قادرة على الوصول إلى عمق المدن الإسرائيلية.
ومع تصاعد هذه الضغوط، بات من الواضح أن التكلفة الحقيقية للقصف الإيراني على إسرائيل أكبر بكثير مما أُعلن، وأن الخسائر في الأرواح والممتلكات والبنى التحتية لا يمكن احتواؤها ضمن سردية "الردع الناجح". إنها معركة إعادة بناء، ولكنها أيضًا معركة لكشف الحقيقة المغيّبة خلف واجهات الصمت والرقابة.

.jpg)







