الكارثة الإنسانية في غزة بسبب التجويع

استشهاد الشابة الفلسطينية مرح أبو زهري في إيطاليا: مأساة إنسانية تكشف حجم كارثة التجويع في غزة

profile
  • clock 16 أغسطس 2025, 7:02:00 م
  • eye 427
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

محمد خميس

في تطور إنساني مؤلم، أعلن مستشفى بيزا الجامعي في إيطاليا عن استشهاد الشابة الفلسطينية مرح أبو زهري (20 عاماً)، والتي تم نقلها من قطاع غزة في رحلة إنسانية لتلقي العلاج بعد معاناة طويلة من الهزال الشديد وسوء التغذية الحاد. هذه الحادثة المفجعة لم تكن مجرد خبر عابر، بل تجسيد صارخ لحجم الكارثة الإنسانية التي يمر بها سكان غزة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ 7 أكتوبر 2023.

تفاصيل استشهاد مرح أبو زهري في إيطاليا

وصلت الشابة مرح إلى مدينة بيزا الإيطالية برفقة والدتها، ضمن واحدة من رحلات الإجلاء الإنسانية التي نظمتها الحكومة الإيطالية عبر سلاح الجو، حيث نُقل هذا الأسبوع 31 مريضاً وجريحاً فلسطينياً مع مرافقيهم إلى مدن مختلفة بينها روما وميلان وبيزا.

وبحسب بيان المستشفى، كانت حالة مرح "معقدة جداً" وتعاني من هزال شديد، وهو مرض يظهر عندما يفقد الشخص وزناً كبيراً ويتعرض لضمور في العضلات بسبب نقص الغذاء. وبعد خضوعها لفحوصات وبدء العلاج، أصيبت بأزمة تنفسية مفاجئة تسببت في سكتة قلبية أدت إلى استشهادها يوم الجمعة.

رغم الجهود الطبية المكثفة التي بذلها الطاقم الصحي الإيطالي، إلا أن الأضرار الجسدية التي لحقت بجسدها النحيل نتيجة سياسات التجويع في غزة جعلت إنقاذها أمراً شبه مستحيل.

نقل المرضى الفلسطينيين من غزة إلى إيطاليا

منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، أطلقت إيطاليا مبادرة إنسانية لنقل الأطفال والمرضى المصابين بأمراض خطيرة لتلقي العلاج في مستشفياتها. وحتى الآن، تم نقل أكثر من 180 طفلاً وشاباً من غزة إلى الأراضي الإيطالية، معظمهم يعانون من إصابات الحرب أو سوء التغذية الحاد.

وتؤكد وزارة الخارجية الإيطالية أن هؤلاء المرضى يحتاجون إلى رعاية عاجلة، إذ إن بعضهم وصل في حالات صحية حرجة تشمل الأمراض المزمنة، البتر، والإصابات البالغة.

الكارثة الإنسانية في غزة بسبب التجويع

حادثة استشهاد مرح أبو زهري سلطت الضوء مجدداً على حجم المأساة التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين داخل قطاع غزة.

وبحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فإن عدد الشهداء بسبب التجويع وسوء التغذية وصل إلى 251 شخصاً بينهم 108 أطفال. كما حذرت الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية دولية من أن سياسات الحصار والتجويع الإسرائيلية قد تتسبب في مضاعفة أعداد الوفيات، خاصة بين الفئات الأكثر ضعفاً كالأطفال والنساء وكبار السن.

وتصف منظمة الصحة العالمية الوضع الغذائي في غزة بأنه "كارثي وغير مسبوق"، حيث يعاني السكان من نقص حاد في المواد الغذائية والأدوية، إضافة إلى انهيار كامل للبنية التحتية الصحية.

التجويع كسلاح حرب

ترى منظمات حقوقية أن ما يحدث في غزة ليس مجرد "أزمة إنسانية"، بل جريمة حرب مكتملة الأركان. فقد اتهمت منظمات مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية الجيش الإسرائيلي باستخدام التجويع كسلاح حرب لإخضاع السكان وإجبارهم على النزوح أو الاستسلام.

وفي المقابل، تواصل حركة حماس والفصائل الفلسطينية التحذير من أن سياسة التجويع الممنهجة تمثل محاولة إبادة جماعية، داعية المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإنقاذ المدنيين ومنع تكرار المآسي المروعة مثل استشهاد مرح أبو زهري.

إيطاليا والبعد الإنساني للقضية

إيطاليا تُعد من الدول الأوروبية القليلة التي اتخذت خطوات عملية لإنقاذ أرواح المدنيين من غزة عبر مبادرات إنسانية ملموسة. فإلى جانب نقل المرضى للعلاج، قدمت روما مساعدات غذائية وطبية عبر منظمات الإغاثة، مؤكدة التزامها بالقوانين الدولية الإنسانية.

لكن هذه الجهود تبقى محدودة مقارنة مع حجم الكارثة، إذ أن عشرات الآلاف في غزة لا يزالون بحاجة عاجلة إلى الغذاء والدواء والرعاية الطبية.

دروس من مأساة مرح أبو زهري

رحيل الشابة الفلسطينية في أرض بعيدة عن وطنها يختصر قصة جيل كامل من الشباب الغزيين الذين حُرموا من أبسط حقوقهم في الحياة الكريمة والعلاج والتعليم والأمن.
مأساتها ليست حالة فردية، بل مثال على آلاف القصص التي لم تصل إلى الإعلام، حيث يموت الكثيرون بصمت نتيجة الحصار ونقص الغذاء والدواء.

إن استشهاد مرح أبو زهري في إيطاليا يجب أن يكون جرس إنذار للمجتمع الدولي بأن ما يجري في غزة يتجاوز حدود الصراع العسكري إلى مستوى الإبادة البطيئة عبر التجويع.
فالأزمة الإنسانية في غزة ليست مسألة مساعدات فقط، بل قضية سياسية وأخلاقية تتطلب ضغطاً دولياً حقيقياً لإنهاء الحصار ووقف الحرب.

التعليقات (0)