اعتقال الأمومة في سجن الدامون

أجنة في سلاسل.. ريماء وزهراء أمهات حوامل خلف القضبان

profile
  • clock 14 مايو 2025, 1:31:54 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في أحد أكثر مشاهد القسوة الصامتة التي ترتكبها سلطات الاحتلال، تقبع أسيرتان فلسطينيتان حاملتان في شهرهن الخامس داخل زنازين سجن "الدامون" الإسرائيلي، بلا أدنى رعاية طبية أو إنسانية، في ظروف تنذر بكارثة صحية تهدد حياتهما وحياة الجنينين اللذين لم يريا النور بعد.

ريماء بلوي، أم لطفلتين، وزهراء الكوازبة، أم لثلاثة أطفال، تخوضان صراعاً مزدوجاً من الألم؛ ألم الأسر، وألم الحمل في بيئة تفتقر لأبسط معايير الرعاية. كلاهما تعانيان من أمراض مزمنة تفاقم من خطورة الوضع، بينما تواصل إدارة السجن انتهاج سياسة الإهمال والتجويع والتنكيل.

أمراض مزمنة وحمل بلا علاج: رحلة العذاب المزدوج
الأسيرة ريماء بلوي تعاني من مرض الثلاسيميا، وهو اضطراب دموي وراثي يستلزم متابعة طبية دقيقة ونظامًا غذائيًا متوازنًا، لا يتوفر منه شيء داخل الزنزانة. أما زهراء الكوازبة، فتعاني من اضطرابات عصبية تضعها في حالة حساسة تتطلب المتابعة الدورية، خاصة في فترة الحمل المتقدمة.

ورغم هذا، تواصل سلطات الاحتلال ممارسة الإهمال الطبي المتعمّد، فتُترك الأسيرتان بلا دواء، بلا ماء نظيف، بلا غذاء كاف، في بيئة يسيطر عليها التوتر، والبرد، والضجيج، وسلوك السجّانين الذين لا يعيرون أي اعتبار لضعفهن الجسدي أو احتياجاتهن الإنسانية.

سجن الدامون: شهادة على الانتهاك المستمر
لا تزال تقارير المؤسسات الحقوقية الفلسطينية والدولية تتحدث عن سجن الدامون كموقع لانتهاكات ممنهجة بحق الأسيرات الفلسطينيات، خاصة الحوامل. الزنازين هناك لا تُهيأ لاستقبال نساء في ظروف حمل، ولا توجد وحدة طبية مختصة، كما يتم تقييد نقل الأسيرات للمستشفيات إن حدث طارئ، بطريقة مهينة ومعرقلة.

الأسيرتان لا تحصلان على فحوصات دورية، ولا توجد متابعة لنمو الأجنة، ولا ضمانات لتوفير الرعاية خلال الولادة. وقد وثّقت حالات سابقة لأسيرات وُلدن تحت الحديد والقيد، في مشاهد لا تليق بكرامة إنسان أو طفل.

عدالة تحت المقصلة: محاكم بلا رحمة
وسط هذه المعاناة، تنتظر الأسيرتان جلسات محاكمة لدى محاكم الاحتلال في هذا الشهر: ريماء بلوي في 15 مايو، وزهراء الكوازبة في 18 مايو. جلسات لا يُتوقع منها الكثير في ظل سوابق هذه المحاكم التي غالبًا ما تكون أداة لتبرير الاعتقال لا لمراجعة العدالة.

مراقبون يؤكدون أن هذه الجلسات تمثل محطة جديدة في سلسلة الإذلال المستمر، حيث تُنقل الأسيرات وهي في وضع صحي خطير، ويتم عرضهن على القضاء وسط تجاهل تام لمطالب الإفراج الإنساني أو حتى تأجيل المحاكمة بسبب الحمل.

نداء عاجل من خلف الجدران
القصتان تلقيان الضوء على واقع الأسيرات الفلسطينيات، لا سيما الحوامل منهن، داخل سجون الاحتلال، وهو واقع يتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية للضغط على إسرائيل من أجل الإفراج الفوري عن ريماء وزهراء، أو على الأقل توفير الحد الأدنى من الرعاية الطبية والبيئة الآمنة لهما ولأطفالهما القادمين.

فهنا، خلف قضبان باردة وصمت قاتل، تنبض حياة في أحشاء أمهات مقيدات. وهناك في العالم، من يستطيع أن يصرخ باسم الإنسانية... إن أراد.

التعليقات (0)