تكبير الخط تصغير الخط

أطلق مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، تحذيرات غير مسبوقة بشأن الوضع الإنساني في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يفرض عمدًا ظروفًا غير إنسانية على المدنيين الفلسطينيين، ويمنع دخول المساعدات الأساسية منذ أكثر من عشرة أسابيع.

جلسة طارئة في مجلس الأمن: غزة تختنق تحت الحصار

جاءت كلمة فليتشر، أمس الثلاثاء، خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، دعت إليها كل من الدنمارك وسلوفينيا والمملكة المتحدة وفرنسا، لمناقشة الوضع الإنساني المتفاقم في قطاع غزة، حيث تتعرض أكثر من مليوني نسمة لحصار مشدد وعدوان عسكري متواصل.

أرض محاصرة ومجاعة تفتك بالسكان

أكد المسؤول الأممي أن 2.1 مليون فلسطيني في القطاع يواجهون خطر المجاعة، مشيرًا إلى أن واحدًا من كل خمسة أشخاص يعاني منها بالفعل. وأوضح أن السكان محرومون من أبسط مقومات البقاء، من غذاء ودواء وماء، وسط انهيار شامل للمنظومة الإنسانية والخدمية.

"الموت له صوت ورائحة لا تُنسى"

في وصف إنساني مؤلم، قال فليتشر إن زيارته الأخيرة لما تبقى من المنظومة الطبية في غزة كشفت عن حجم المعاناة، مشيرًا إلى أن المستشفيات القليلة التي لم تُقصف مكتظة بالجرحى، والطواقم الطبية تعمل تحت نيران الطائرات المسيّرة والقناصة، واصفًا الوضع بقوله: "الموت بهذا الحجم له صوت ورائحة لا تفارقانك".

ونقل فليتشر عن أحد الأطباء قوله: "الأطفال يصرخون بينما ننزع القماش المحروق عن جلودهم"، في مشهد يجسّد قساوة الكارثة الإنسانية.

انتقادات حادة لأعضاء مجلس الأمن

وجّه فليتشر رسالة شديدة اللهجة لأعضاء مجلس الأمن، سائلًا: "ماذا سنقول للأجيال القادمة؟ هل سنكتفي بالتصريحات والرهان على الضغط الدبلوماسي رغم الأدلة الميدانية الكارثية؟"، مطالبًا بتحرك حقيقي وفعّال لوقف "فظائع القرن الحادي والعشرين".

إسرائيل تمنع المساعدات وتستغل التجويع سياسيًا

أكد المسؤول الأممي أن الأمم المتحدة وشركاءها لديهم آليات صارمة لضمان وصول المساعدات إلى المدنيين فقط، دون أن تصل إلى "حماس"، إلا أن إسرائيل تمنعها وتضع عراقيل مقصودة. وأضاف أن الآلية المقترحة من الاحتلال تجعل إدخال المساعدات مشروطًا بأهداف عسكرية، معتبرًا أنها "عرض ساخر" وغطاء لمزيد من النزوح والعنف.

اتهامات مباشرة بتدمير الحياة الفلسطينية في غزة

وأوضح فليتشر أن الأمم المتحدة قدّمت تقارير متكررة لمجلس الأمن توثق الدمار والمجاعة والمرض والتعذيب والتهجير المتعمد، متهمًا إسرائيل بالتدمير المنهجي للحياة الفلسطينية في قطاع غزة، وسط تواطؤ دولي مكشوف.

الإبادة الجماعية تحت مجهر العدالة الدولية

وفيما يتعلق بملف الإبادة الجماعية، أشار فليتشر إلى أن محكمة العدل الدولية تنظر في الأمر حاليًا، لكنه حذّر من أن تقرير المحكمة قد يصدر "بعد فوات الأوان". وتساءل: "ما الأدلة الإضافية التي تحتاجونها؟ هل ستتحركون أخيرًا لمنع الإبادة الجماعية أم تكتفون بالقول: فعلنا ما بوسعنا؟".

دعوات لوقف القتل ورفع الحصار

دعا فليتشر السلطات الإسرائيلية إلى التوقف الفوري عن قتل المدنيين ورفع الحصار الوحشي والسماح بدخول الطواقم الإنسانية لإنقاذ الأرواح. كما طالب الفصائل الفلسطينية المسلحة، وعلى رأسها "حماس"، بالإفراج الفوري عن جميع الرهائن وعدم تعريض المدنيين للخطر.

العدوان مستمر رغم التهدئة

يأتي هذا في ظل مواصلة الاحتلال عدوانه على غزة منذ 18 آذار/مارس 2025، بعد هدنة قصيرة دخلت حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير، لكنها لم تُحترم من قبل إسرائيل، التي واصلت خروقاتها وفرضها للحصار الخانق.

حصيلة إنسانية كارثية منذ أكتوبر 2023

منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وبغطاء أميركي وأوروبي، ترتكب إسرائيل إبادة جماعية في قطاع غزة، أدت إلى استشهاد وإصابة أكثر من 172 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 14 ألف مفقود، في ظل صمت دولي غير مبرر.